أسعد مصطفى: متفائلون بالوعود الأميركية حول تسليح الثوار

وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة قال لـ («الشرق الأوسط») إنه لم يشترط إقالة إدريس

أسعد مصطفى وزير الدفاع في حكومة المعارضة السورية المؤقتة تحدثا لـ«الشرق الأوسط»
TT

رغم موعد مسبق مع أسعد مصطفى، وزير الدفاع في حكومة المعارضة السورية المؤقتة، فإن إجراء الحوار معه لم يكن بالأمر السهل، وتطلب انتظار ثماني ساعات في بهو الفندق لانشغال الوزير الشديد بعشرات اللقاءات مع القادة العسكريين، عدا عن اتصالات مع سياسيين وقادة الائتلاف، وذلك عقب اجتماعٍ للمجلس العسكري الأعلى ترأسه الوزير مصطفى بنفسه، أعلن في نهايته إقالة اللواء سليم إدريس من رئاسة أركان الجيش الحر، وتعيين العميد عبد الإله البشير بدلا منه، وهيثم عفيسي نائبا له.

«الشرق الأوسط» التقت مصطفى في مدينة غازي عنتاب التركية، حيث شرح بداية أسباب تقديمه استقالته، ومن ثم تحدث عن موضوع إقالة اللواء إدريس، وأبدى ارتياحه الكبير للتصريحات الأميركية حول تسليح الثوار السوريين، وشدد على توحيد صف الكتائب العسكرية على الأرض. وأكد إجراء مشاورات مع الجميع بمن فيهم الجبهة الإسلامية، واستثنى من هذه المباحثات جبهة النصرة.

* بداية كيف نعرف بالوزير أسعد مصطفى، هل نقول الوزير المستقيل أم وزير الدفاع الحالي؟

- أنا قدمت استقالتي بقناعة تامة، وشعرت بعد ثلاثة أشهر من عملي في الحكومة والأجواء المحيطة بها، أننا كمعارضة سوريا لا نستطيع تلبية متطلبات الداخل الكبيرة، بينما ثوار الداخل يتعرضون لضغوط هائلة، وأنا بطبيعتي لم أعتد أن أقدم وعودا ومن ثم أخلف بها، مثلا عندما يخبرنا الثوار أنهم موجودون في منبج، وأن داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) والنظام يقصفانهم من الجنوب، كيف سنجيبهم؟

أنا فعلا استقلت بقناعتي، وودعت أعضاء الحكومة، لكن الائتلاف رفض الاستقالة، واتصلوا بي وأبلغوني أن الوقت غير مناسب، وأيضا الإخوة في المجلس العسكري رفضوا الاستقالة بالإجماع.

* إذن يمكننا القول إنك تراجعت عن قرار الاستقالة؟

- نعم.

* بعض المصادر الإعلامية قالت إن أحد أسباب التراجع عن الاستقالة، هو سعيك لإقالة اللواء سليم إدريس؟

- عندما استقلت كانت هناك أسباب مختلفة تماما لا علاقة لها باللواء سليم إدريس. التغيير في الأركان وإعادة الهيكلة طرحته منذ أن أتيت، ولم يكن هدفي اللواء سليم إدريس، كان من الممكن أن يبقى أو أن يتغير. ولحسن الحظ أن قيادة الائتلاف والحكومة وكل من حولي يعرف أن الموضوع ليس له علاقة بهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، فقط شعرت بأنه مطلوب مني عدة أشياء لم أستطع أن ألبيها فاقتنعت بضرورة الاستقالة.

* المحللون والمراقبون العسكريون يقولون إن أهم المشكلات التي تعيق العمل العسكري في سوريا كثرة الأطراف التي تدعم بعض الفصائل، ما يعني عدم وجود ضبط للسلاح الداخل إلى سوريا، كيف ستتعامل وزارة الدفاع مع هذه النقطة تحديدا؟

- أنا منذ البداية طرحت شعار توحيد الصف والكلمة. عندما بدأت في تطبيقه قالوا إنه يجب توحيد كل الأطراف ضد النظام باستثناء داعش، نحن لا نريدها ولا نريد المتطرفين. لكن نحن نسعى إلى أن ننسق مع كل من يقاتل النظام في إطار واحد، وهذا الأمر يواجه صعوبات كبيرة. علينا توحيد مصادر السلاح والمال في جهة واحدة، الآن يطلب منا المال والسلاح وكلاهما غير موجودين ولا نستطيع الحصول عليهما، علينا التواصل مع عدة جهات، يفترض أن يكون هناك مركز واحد تصب فيه كل هذه الأمور، وتكون هناك مجموعة أو مؤسسة وليس شخصا محددا، وهذه المؤسسة تقرر إلى أين يجب أن يذهب السلاح والمال بحسب متطلبات المعارك في الداخل.

* وهل يمكن لهذه الوحدة أن تشمل أطرافا كالجبهة الإسلامية أو جبهة النصرة؟

- الجبهة الإسلامية نعم ولكن جبهة النصرة لا. طبعا سيشمل الحوار أيضا جبهة ثوار سوريا، والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وجيش المجاهدين والآن يجري تشكيل جبهات أخرى، فهناك عشرات الألوية التي تقاتل النظام، والكتائب الصغيرة التي تقاتل وتقدم أعمالا بطولية ولا أحد يسمع بها، ووحدات صغيرة في غوطة دمشق، ووسط سوريا وشرقها وشمالها. مشروعنا المستقبلي الذي نعمل عليه الآن هو أن نضم الجميع في إطار واحد ليس فقط ضما ميكانيكيا، بل يجب أن يكون هناك حوار، وأن يكون هدفنا واضحا، وأن نتوحد ونسقط النظام ونحدث التغيير في سوريا، وأن ننتقل إلى دولة ديمقراطية تعددية، دولة تحكم من خلال صندوق الاقتراع، وانتخابات يتوافق عليها الشعب السوري كما كنا في عام 1957.

* بهذا السياق الذي تحدثت عنه، أقصد هنا توحيد الفصائل العسكرية، هل هناك اتصالات مع قادة الجبهة الإسلامية؟

- نحن نريد الحوار مع الجميع، نعم التقينا مع البعض ولم يتح لنا أن نلتقي مع البعض الآخر، ولكننا مُصرون على الحوار، نحن جميعا سوريون، ويجب أن نلتقي جميعا، وأن ننبذ التشدد، وأن نكون معتدلين، والإسلام هو قمة الاعتدال بطبيعته، ويجب علينا أن نلتقي ضمن إطار وطني واحد يجمع الكل.

* من خلال تغيير قيادة الأركان، والحوار مع الفصائل بهدف توحيدها، هل يمكننا القول إنه أصبح لديكم تصور عام لاستراتيجية جديدة ستنفذها وزارة الدفاع في الداخل؟

- بالتأكيد هناك رؤية عامة لدى فريق كبير من الضباط والإخوة الثوار على الأرض، وأيضا الذين يعملون في قيادة الأركان أو القيادات العسكرية المختلفة. هناك رؤية مشتركة لدينا بأننا من خلال الأركان الجديدة سنكمل الأعمال الجيدة التي نفذتها قيادة الأركان السابقة، وسنحاول أن نتجنب الأخطاء التي حدثت وهذا أمر طبيعي لأن كل إنسان يخطئ ويصيب. السيد رئيس الأركان السابق (اللواء إدريس) قدم جهودا كبيرة، ولكن على مدى أكثر من سنة وشهرين كانت هناك تراكمات كثيرة، وقد أصاب في بعض الأماكن. نأمل من الإخوة الذين جاءوا (البشير وعفيسي) أن يعززوا الأعمال الجيدة، وأن يحاولوا تجاوز الصعوبات التي مرت بها قيادة الأركان السابقة.

* بعد ثلاثة أشهر من تولي حقيبة الدفاع في الحكومة المؤقتة، كيف يقيم الوزير مصطفى الوضع العسكري على الأرض، ما مواطن الضعف والقوة في الجسم العسكري الثوري، إن جاز لنا التعبير؟

- دعنا نتكلم أولا عن نقاط القوة، فعلى الرغم من الإمكانات المتواضعة للثوار السوريين، فإنهم يحاربون منذ عدة أشهر النظام وحزب الله ولواء أبو الفضل العباس (العراقي) وكتائب متشددة أخرى، وانضمت إليهم داعش مؤخرا. وهؤلاء جميعهم مدعومون بشكل قوي سواء بالسلاح والمال من روسيا وإيران ومن العراق، وهذا أمر معلن وليس سريا. وحتى الآن لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يحققوا الانتصار. لكن من جهة أخرى نعم هنالك صعوبات أمام الثوار، وهي تقلقنا وتزعجنا، فهؤلاء الثوار يريدون مطلبا بسيطا، وهو أبسط الحقوق أمام هول القصف بالبراميل المتفجرة، والصواريخ والدبابات الحديثة، أليس من حقهم أن يمنع المجتمع الدولي عنهم هذا القصف ويحميهم منه؟ أو أن يترك لهم حق الدفاع عن أنفسهم؟ هذا حقنا، ونحن نريد من المجتمع الدولي الذي نتعامل معه باحترام كبير، أن يسارع لنجدة السوريين، وعلى الرغم مما قدموه لنا وبعض الدول العربية لم يقصّروا بهذا الجانب، لكن هناك تقصير من أصدقاء سوريا والدول الغربية، هذا التقصير في بند واحد فقط وهو إما أن يوقفوا عنا القصف وخصوصا بعد أن بدأ مؤتمر جنيف2 وهذا أول شرط من شروط العملية السلمية، أو أن يسمحوا لنا بالدفاع عن أنفسنا، فكيف تضربنا الطائرات والدبابات وليس مسموحا لنا أن نقاوم؟

يتحدثون عن خوفهم من ذهاب الأسلحة لجماعات متطرفة، أجيبهم عن هذه النقطة بالقول، من يحارب هذه الجماعات المتطرفة؟ هل هناك متطرف أكثر من النظام وحزب الله ولواء أبو الفضل العباس وميليشيات إيران وتنظيم داعش؟ أليس هؤلاء هم المتطرفين؟ ومن هو عدوهم الآن؟ ومن يقاتل هؤلاء؟ أليس الجيش الحر هو من يقاتلهم جميعا؟

عندما سألوا وفد النظام في جنيف من يقاتل داعش؟ تهرب كل مسؤولي النظام. أنا أؤكد لك أن الشعب السوري هو من أخذ القرار بمحاربة داعش، عندما رأى تصرفاتها رفضها وهو في قلب النار، لا يوجد شعب في العالم يقاتل كل هؤلاء دفعة واحدة غير الشعب السوري.

* حول هذه النقطة تحديدا نقلت الصحافة الأميركية منذ أيام عن بعض المسؤولين الأميركيين أن هناك نية لدى واشنطن بتسليح الثوار السوريين بأسلحة متطورة مضادة للطائرات محمولة على الكتف، ما تصوراتكم لهذا الموضوع؟ وهل جرى الاتصال بكم كوزارة دفاع؟

- بعيدا عن الدخول في التفاصيل نحن مرتاحون للتصريحات الأميركية التي رافقت انعقاد مؤتمر جنيف2، وخصوصا تصريحات وزيري الخارجية (جون كيري) والدفاع (تشاك هيغل) الأميركيين. كل التصريحات تصب في خدمة الشعب السوري الذي قدم كل شيء والتزم بما هو مطلوب منه، بينما النظام السوري لم يلتزم بشيء، واستمر بممارسة الجريمة. طبعا هناك كلام معلن سواء من الولايات المتحدة أو الدول الغربية والدول العربية الشقيقة، وهناك وعود بأنهم سيمكنوننا من الدفاع عن أنفسنا، وهناك وعود جدية نحن نثق بها ونأمل أن تكون سريعة.

* هل حدثت اتصالات مباشرة معكم في هذا الخصوص؟

- هناك وعود وهناك تصريحات معلنة، وهي جدية في هذا المجال، أنا أترك هذا الأمر لهم، لا أريد أن أتحدث باسمهم، هذه التصريحات أتركها لهم. هم يقولون بأنهم سيطورون من دعمهم للجيش الحر في سوريا وهذا الأمر معلن وليس سريا. أنا أؤكد أننا هذه المرة متفائلون، ونشعر أن هذه التصريحات العربية والغربية جدية، نرجو أن يكون ذلك سريعا.

* خدمة «انا برس» - خاص «الشرق الأوسط»