الصينيون يثمنون المواقف الإنسانية للرياض.. ويتمنون إعادة تشغيل خط الحرير

خمسة وزراء سعوديين يسلطون الضوء على زيارة الأمير سلمان لبكين ولقاءاته مع المسؤولين

الوزراء الخمسة ورؤساء التحرير والكتاب السعوديون خلال اللقاء الذي عقد في العاصمة بكين أمس (واس)
TT

أكد وزراء سعوديون أهمية زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، للصين في تطوير ودعم علاقات التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، وما لقيه ولي العهد السعودي من استقبال حافل من الرئيس الصيني شي جين بينغ، ومن نائبه لي يوان تشاو، مما يؤكد مكانة السعودية المرموقة لدى القيادة الصينية.

وأوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي الدكتور نزار بن عبيد مدني، أن محادثات ولي العهد مع الجانب الصيني تنقسم إلى قسمين، قسم خاص يتمثل في العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال حرص دولة بحجم الصين على ضرورة تطوير العلاقات مع السعودية في المجالات كافة لما تتمتع به المملكة من مصداقية واحترام.

وتابع مدني «والقسم الثاني متعلق بالقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فتقريبا هناك ثلاث قضايا أساسية هي القضية الفلسطينية، والوضع السوري، وما يسمى الملف النووي الإيراني»، وأضاف أن «موقف الصين من القضية الفلسطينية موقف جيد ومؤيد لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته، أما بالنسبة للقضية السورية فكان للصينيين وجهة نظر وهي أن الحل السياسي هو الحل الأمثل لحل القضية، مشيرين إلى أن لقاء جنيف بين النظام والمعارضة هو قرار صائب، داعين إلى زيادة مثل هذه اللقاءات للوصول إلى نتائج ترضي الطرفين ولتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما أيدوا القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي بالإجماع بخصوص المساعدات إلى سوريا ويرون أنه لا بد أن يكون هناك تكاتف وعمل جاد من جانب الجميع لاتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذا القرار ووضعه على أرض الواقع، مؤكدين أهمية دور السعودية وثقلها السياسي في حل الوضع في سوريا».

وتطرق الدكتور مدني إلى القضية الثالثة وهي قضية ما يسمى بالملف النووي الإيراني، مشيرا إلى أن الجانب الصيني أبدى اهتماما وتفهما لما تبديه السعودية من قلق تجاه هذا الوضع، ونقلوا هذا الاهتمام وهذا الهاجس إلى الجانب الإيراني، مؤكدين لهم ضرورة السعي لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة، كما أن هناك تشابها في وجهات النظر بين السعودية والصين في ما يخص هذا الموضوع وسعيهما إلى الحيلولة دون امتلاك الأسلحة النووية لأي دولة في المنطقة أو انتشار السلاح النووي فيها.

وقال الدكتور مدني «لقد تفضل الأمير سلمان بن عبد العزيز من جانبه بتقديم شرح مستفيض لمواقف السعودية المعروفة والمعلنة للجميع سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو الوضع في سوريا أو بالنسبة لما يسمى بالملف الإيراني، وكان هناك تقدير ملحوظ لما تفضل به الأمير سلمان من شرح وتفصيل، معربين عن تقديرهم للمملكة لمصداقيتها وثقلها السياسي».

وقال الدكتور عبد العزيز خوجه وزير الإعلام السعودي إن الجانب الصيني يثمن الموقف الإنساني للسعودية إبان الزلزال الشديد الذي ضرب محافظة ونتشوان بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين حيث قدمت أكبر نسبة من المساعدات التي تسلمتها الصين بعد وقوع الزلزال، حيث بلغ حجم ما قدمته 50 مليون دولار.

وكان الدكتور خوجه يتحدث خلال لقاء حضره المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، والدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة، والدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية، مع رؤساء تحرير الصحف والكتاب السعوديين لتسليط الضوء على زيارة ولي العهد واللقاءات التي أجراها مع المسؤولين الصينيين.

وأكد الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي خلال اللقاء، وجود رغبة تشغيل خط الحرير التجاري من جديد، مشيرا إلى وجود أمنيات لدى الصينيين بإيجاد وسيلة وسيناريو لإعادة تشغيل هذا الخط التجاري، لما فيه من أهمية كبرى لتجارة الصين مع دول المنطقة، في ظل الموقع الجغرافي الفريد الذي تشغله المملكة، مؤكدا وجود مقترحات بإنشاء سكة حديدية تربط الصين بالسعودية عن طريق أوروبا، إضافة إلى خطوط بحرية.

وتطرق الدكتور العساف إلى أعمال اللجنة السعودية - الصينية المشتركة بصفته رئيسا لها، حيث أشار إلى أن أول اجتماع لها في فبراير (شباط) عام 1996، وعقدت بعده أربعة اجتماعات كان آخرها قبل ثلاث سنوات اتفق الجانبان خلالها على رفع حجم التبادل التجاري بينهما والذي وصل بنهاية 2013 إلى 74 مليار دولار.

وتوقع وزير المالية السعودي أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما مستقبلا في ظل التعاون الاقتصادي والتجاري الكبير بين الجانبين إلى ما يقارب 95 مليار دولار، مشيرا إلى أن كفة الميزان التجاري تميل لصالح السعودية بحكم حجم الصادرات السعودية الكبيرة إلى الصين والمتمثلة في البترول والبتروكيماويات.

ولفت إلى أن اجتماع اللجنة السعودية - الصينية المشتركة المقبل سيكون خلال العام الحالي، وسيتركز على تعاون البلدين في مجال الاستثمار وإقامة المشروعات الاستثمارية في كلا البلدين، كما اتفق الجانبان على التعاون والتنسيق بينهما في المجموعات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة العشرين الاقتصادية لكون البلدين عضوين فيها وعلى رفع الرسوم الجمركية على الصادرات البتروكيماوية للصين. كما أكد الدكتور العساف حرص الجانب الصيني على إقامة منطقة تجارة حرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.

من جهته، بين المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أن علاقة السعودية مع الصين في ما يخص البترول تعود إلى عام 1990، ولم تكن آنذاك تحتاج إلى البترول, إذ يبلغ إنتاجها من ثلاثة ملايين إلى 3.5 مليون برميل يوميا إلى أن وصل الإنتاج اليوم إلى أربعة ملايين برميل يوميا، وحاجتهم للبترول تصل إلى عشرة ملايين برميل يوميا مما يجعلهم الآن في حاجة إلى استيراد ستة ملايين برميل يوميا من الخارج، نصيب السعودية منها 1.1 مليون برميل في اليوم، مشيرا إلى رغبة الصينيين في أن يكون نصيب المملكة في السوق الصينية بين 17 و20 في المائة، أي في حدود 1.5 مليون برميل يوميا.

وتوقع النعيمي أن يصل حجم الطلب الصيني على البترول عام 2030 إلى ما بين 17 و19 مليون برميل يوميا، مبديا استعداد السعودية للتجاوب مع طلبهم من دون تحديد حجم معين. في الوقت نفسه، أكد وزير المالية السعودي أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتي من شأنها زيادة السعودية في موضوع المصافي والتسويق في الصين ومشاركة الشركات البترولية في المملكة نظيراتها الصينية في المشاريع خارج الصين.

من ناحيته، تحدث وزير التجارة والصناعة ملقيا الضوء على موضوع الاتفاقية التي وقعت أمس مع الجانب الصيني برعاية الأمير سلمان، ونائب الرئيس الصيني، والتي تهدف إلى حماية المستهلك السعودي من السلع المغشوشة والمقلدة ومعاقبة المستوردين والمصدرين المتورطين والحد من تدفق تلك السلع إلى السوق المحلية، مؤكدا أهمية تطبيق هذه الاتفاقية والزيارات المتبادلة بين المسؤولين في كلا البلدين كل ثلاثة أشهر لمتابعة هذه الاتفاقية.