اهتزاز عرش «علي بابا» الصينية قبيل طرح أسهمها في أميركا

فقدت جزءا من حصتها في سوق التسوق الإلكتروني الذي قد يصل إلى 300 مليار في 2018

حصة شركة «علي بابا» بلغت 45.1 في المائة من سوق التجارة الإلكترونية الصينية العام الماضي، انخفاضا من 46.1 في المائة في العام السابق (إ.ب.أ)
TT

تواجه شركة «علي بابا» للتجارة الإلكترونية أكبر تحدٍّ لهيمنتها على سوق الشراء عبر الإنترنت في الصين، في الوقت الذي تستعد فيه الشركة التي أسسها جاك ما في شقة من غرفة واحدة قبل 15 عاما لطرح عام أولي في السوق الأميركية قد يسفر عن تقييم الشركة بمبلغ 140 مليار دولار.

وبحسب تقرير لـ«رويترز»، فقد أظهرت بيانات «يورومونيتور» لأبحاث السوق أن شركة «علي بابا غروب هولدنجز» فقدت جزءا من حصتها في السوق، العام الماضي، في حين سجل أقرب منافسيها زيادة في حصته.

وترى «يورومونيتور» أن سوق التجزئة للتجارة عبر الإنترنت في الصين ستزيد إلى ثلاثة أمثال ما كان عليه عام 2012 لتصل قيمته إلى 300 مليار دولار في عام 2018، مع إقبال المشترين الذين أدمنوا التعامل بالهواتف الجوالة على شراء كل شيء، من تذاكر الطيران إلى الأحذية الرياضية، عبر الإنترنت.

وتقود شركة «تنسنت هولدنجز» أكبر شركات التواصل الاجتماعي في الصين الثورة على «علي بابا» من خلال ربط تطبيق «وي تشات»، أكثر تطبيقات التراسل شعبية في الصين، بشركة «جيه دي دوت كوم»، ثاني أكبر شركات التجارة الإلكترونية.

كما تحاول مجموعة من الشركات الأصغر النيل من هيمنة «علي بابا»، في حين تتجه مجموعة من شركات التجزئة الكبرى مثل «نايكه» و«جاب» على نحو متزايد للابتعاد عن منصة «تي مول» للتجارة الإلكترونية، التابعة لشركة «علي بابا»، لتؤسس متاجرها الإلكترونية المتميزة.

وقال فرانك لافين الرئيس التنفيذي لشركة «إكسبورت ناو» في هونغ كونغ: «التسوق في الصين نشاط اجتماعي. فأنت تريد أن تخبر أصدقاءك عنه وتوصي به. إنه نشاط عبر الهواتف الذكية، ومن يملك تلك القدرة التنظيمية سيكون له هيمنة على الكيفية التي يتسوق بها الإنسان».

وتساعد شركة «لافين» الشركات العالمية على بدء نشاطها في الصين من خلال منصة «تي مول» التابعة لـ«علي بابا».

وقالت الشركة، أول من أمس (الأحد)، إنها ستبدأ العمل على تطبيق خطط سابقة لقيد أسهمها في السوق الأميركية، فيما قد يصبح أكبر عملية طرح عام أولي لشركة إنترنت، وقد يتجاوز طرح شركة «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، الذي بلغت قيمته 16 مليار دولار عام 2012.

وأوضحت بيانات «يورومونيتور» أن حصة شركة «علي بابا» بلغت 45.1 في المائة من سوق التجارة الإلكترونية الصينية العام الماضي، انخفاضا من 46.1 في المائة في العام السابق، ومن المتوقع أن تحتفظ بالصدارة في مواجهة منافسيها. وتعمل «علي بابا» على تدعيم خدماتها عبر الهاتف الجوال، لمجاراة الأعداد الهائلة من مستخدمي الهواتف الذكية في الصين.

ولم ترد شركة «علي بابا» على طلبات متكررة للتعقيب على هذا التقرير، لكن جو تساي نائب الرئيس التنفيذي أبدى تفاؤلا بشأن آفاق التجارة الإلكترونية بالشركة، في مقابلة مع «رويترز» في هونغ كونغ، الأسبوع الماضي.

وتكافح «علي بابا» منافسيها الآن على جبهات متعددة؛ فإلى جانب «جيه دي دوت كوم» التي تتجه لطرح أولي قيمته 1.5 مليار دولار في السوق الأميركية، توجد شركات أخرى تحظى بتمويل جيد مثل «ساننج كوميرس غروب» لتجارة التجزئة في الأجهزة المنزلية، ووحدة «يهاوديان» لتجارة التجزئة في مواد البقالة التابعة لمتاجر «وول مارت».

كذلك تتزايد مكانة شركات متخصصة أصغر مثل «فيبشوب هولدنجز» لأدوات التجميل. وقال بريان وانج نائب رئيس شركة «فورستر للأبحاث» في بكين إنه مع اقتناص شركات ذات أسماء تجارية عالمية ومحلية حصصا على حساب «تي مول»؛ فمن المرجح أن يؤدي هذا إلى استمرار انخفاض حصة «علي بابا» في السوق.

وقال وانج: «بكل تأكيد شهدنا في العام الماضي زيادة في عدد العملاء الذين يسألوننا عن كيفية الانفصال عن (تي مول)».

ونقلت شركة «إتش ستايل» لتجارة الملابس عبر الإنترنت، التي تحظى بشعبية كبيرة جانبا من نشاطها بعيدا عن منفذ البيع الخاص بها عبر «تي مول»، وأصبحت تحقق نصف مبيعاتها عن طريق موقعها الخاص على الإنترنت، وعن طريق «جيه دي دوت كوم وتنسنت».

وساعدت الموارد الضخمة لدى «علي بابا» على صد الشركات الأصغر حتى الآن، مثل «أوتو غروب» و139 «شوب دوت كوم» و«ميكوس لين ونيويج دوت كوم» وغيرها، فأنهت نشاطها. لكن الشركات الباقية اكتسبت خبرات كبيرة في المنافسة، ولديها طموحات كبيرة.

وبلغ نصيب «جيه دي دوت كوم» من السوق العام الماضي 14 في المائة، بزيادة طفيفة عن العام السابق، لكن خطط الطرح الأولي واتفاقها مع «تنسنت» ستتيح لها موارد مالية وتشغيلية جديدة. وشركة «تنسنت» أقل شهرة خارج الصين من «علي بابا»، وإن كانت قيمتها السوقية تبلغ نحو 150 مليار دولار.

وستتيح هذه الصفقة لـ«جيه دي دوت كوم» الاستفادة من 225 مليون مستخدم نشط شهريا لخدمة و«ي تشات» للتراسل في الصين.

وبالإضافة إلى التغيرات التي يتيحها تطور التكنولوجيا، فإن المستهلكين أنفسهم يكتسبون عادات جديدة، فيصبحون أكثر انتقاء ويتطلعون للحصول على قيمة أكبر مقابل أموالهم.

وقالت جريس لين (20 عاما) وهي طالبة في شنغهاي: «أميل الآن للمتاجر المتخصصة، لأن الخدمة في أغلب الأحيان أفضل منها في متاجر التجزئة العملاقة، ودائما ما أجد التوصيل أسرع».

وأضافت: «ليس بالضرورة أنني أقلل استخدام (تي مول)، لكنني أكثر من استخدام المتاجر الأخرى».

وتشتري لين احتياجاتها من مستحضرات التجميل من موقع شركة «فيبشوب»، التي ارتفعت إيراداتها 145 في المائة، وزاد عدد زبائنها 130 في المائة العام الماضي، حسبما قالت الشركة في مؤتمر بالهاتف عن أرباحها الشهر الحالي. كما رفعت «فيبشوب» حصتها من السوق إلى 1.8 في المائة العام الماضي.

وقد اشتبك جاك ما مؤسس «علي بابا» مرارا في الآونة الأخيرة مع منافسه بوني ما، وهو الشريك المؤسس لشركة «تنسنت». ولا تربط بين الاثنين قرابة على الرغم من تشابه الأسماء.

وتزايدت حدة التصريحات بين الشركتين العملاقتين مع اشتداد التنافس في مجالات من الألعاب الإلكترونية إلى المدونات الصغيرة إلى حروب الأسعار، من خلال تطبيق استئجار سيارات الأجرة، ونظم الدفع الإلكتروني، التي أصبحت الآن موضع فحص دقيق من جانب البنك المركزي الصيني.

فعندما أطلقت «تنسنت» خدمة «المظروف الأحمر» على خدمة التراسل «وي تشات» لتسمح للمستخدمين بإرسال هدايا نقدية باستخدام الهاتف الذكي خلال رأس السنة الصينية، كتب جاك ما يقول إن ذلك هجوم أشبه ببيرل هاربر على خدمة «علي باي» التي تقدمها شركته، مستعيرا الوصف من الهجوم الياباني على الميناء الأميركي في الحرب العالمية الثانية.

وقالت «تنسنت» إن أكثر من ثمانية ملايين شخص استخدموا خدمة «المظروف الأحمر».

وقدمت شركة «ويبكو كورب»، التي تستثمر فيها «علي بابا»، وهي منصة للتواصل الاجتماعي شبيهة بـ«تويتر» طلبا لطرح عام أولي في السوق الأميركية بقيمة 500 مليون دولار يوم الجمعة، في إطار سعيها لحماية مكانتها من المنافسة الضارية من خدمة «وي تشات»، التابعة لـ«تنسنت».

وبلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت على الهواتف الجوالة في الصين 500 مليون مستخدم في العام الماضي، ومن المقدر أن يصل العدد إلى 750 مليونا عام 2017، وفق بيانات «إي ريسيرش» للاستشارات.