«ريالي».. برنامج لتعليم 50 ألف طالب وطالبة ثقافة الادخار

يجري تنفيذه بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم و«سدكو»

أحد برامج تدريب الأشبال في المدارس الذين يطلق عليهم اسم «سفراء ريالي» وعددهم 25 سفيرا
TT

استطاعت الطفلة ريتال الزواوي ذات العشرة أعوام خلق اسم جديد في عالم الأعمال بالسعودية، ووضعه إلى جانب اسم «سيدات الأعمال»، وهو اسم «أشبال الأعمال»، من خلال مشروعها الصغير الذي خططت له وأعدت ميزانيته، وأطلقته في محيطها الصغير، لتجني من خلاله أرباحا طائلة بالنسبة لها.

ريتال استفادت من برنامج خاص جرى إطلاقه في مدارس السعودية، وطرح أهدافه أيضا إلى جانب المدارس عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتوعية أشبال المدارس وغرس ثقافة الادخار والاستثمار، وحسن التعامل مع المال، وقررت بعد ذلك تحديد هدفها في الوصول لعالم المال واختيار فكرة مشروعها الصغير، وبلغ طموحها في الفترة الحالية حد فتح محل تجاري خاص بها يحمل اسمها لمنتجاتها الخاصة.

تقول ريتال لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن عرفت قيمة الادخار وكيفية تنمية المال، قررت أن أتعلم كيفية صنع الأساور البلاستيكية المطاطة، وأطواق الشعر، وإكسسوار خاصة بفئة البنات التي من مرحلتي العمرية نفسها، واستعنت بموقع (يوتيوب) في كيفية صنع هذه المنتجات، وشراء الخامات من المواقع التجارية التي توصل الأدوات للمنزل».

وبينت الزواوي أن بداية رأسمالها كانت تقدر بـ120 ريالا سعوديا أي ما يقارب 30 دولارا، استطاعت ادخارها من مصروفها اليومي على مدار شهر كامل، لشراء الخامات، وصنع الإكسسوارات، وبيعها، وحصولها على أرباح في أول صفقة بيع بلغت 700 ريال، أي ما يعادل 190 دولارا.

من جهتها، بينت رنا مؤمنة والدة ريتال، أن ابنتها لم تكن تهتم لهذه الأمور في السابق، وكانت تأخذ المصروف لتقوم بصرفه عن «بكرة أبيه»، ولكن بعد أن اطلعت على أهمية الادخار، وكيفية الاستثمار بدأ يتكون لديها ثقافة أخرى، قامت هي ووالدها بتشجيعها وغرسها فيها، ومساعدتها من الناحية المعنوية.

ولفتت إلى أن أول منتجات ريتال التي صنعتها بنفسها لاقت إعجاب صديقاتها في محيط مدرستها، ومن ثم صغيرات العائلة، وتطور الأمر إلى التفكير في تعلم تسريحات للشعر بأدوات معينة، وعمل محل تجاري يقدم خدمة تسريحات شعر مبتكرة للبنات الصغيرات، وبيع الإكسسوار الخاص بهن ذي الألوان البراقة والمصنوع يدويا.

في هذا الخصوص، أكد الدكتور كمال عبد العال المسؤول عن برنامج «ريالي» في المدارس الابتدائية، أن البرنامج الذي جرى إطلاقه من شهرين في مدارس السعودية يستهدف المدارس الابتدائية الحكومية والخاصة في مناطق السعودية كافة، لتوعية الأشبال بأساسيات تخطيط الميزانية الشخصية، وآليات الوصول للاستقلال المالي، انطلاقا من تدبير فاعل للميزانية.

وبين أن المدربين الذين يقومون بتدريب الأشبال في المدارس، والذين يطلق عليهم اسم «سفراء ريالي» وعددهم 25 سفيرا، يستهدفون تدريب 15 ألف طالب مع انتهاء هذا العام، و50 ألف طالب على مدار خمس سنوات، مشيرا إلى أن البرنامج يقدم لمدة ثلاث ساعات في المدارس، ويجري التدريب فيه من خلال كتب تحمل اسم «ريالي»، تشتمل على تمارين وقصص لنشر ثقافة الوعي المالي بطريقة ممتعة تناسب سن المرحلة العمرية المستهدفة.

من جهة أخرى، تطورت فكرة برنامج «ريالي»، الذي جرى إطلاقه عام 2012، ليقوم وبالتزامن مع الأسبوع الإعلامي للمال، والمنتدى الاقتصادي العالمي في جدة، بإطلاق منتدى الكرامة المالية الأول تحت شعار «مال وآمال»، أمس، لتوعية الشباب وأشبال المدارس لوضع أول خطوة على طريق الأعمال بشكل صحيح.

من جهته بين لـ«الشرق الأوسط» عمرو باناجه نائب الرئيس للاتصالات والتسويق في مجموعة «سدكو» القابضة، أن الأمية المالية، تفشت في المجتمع السعودي بشكل كبير، وأن أكثر المقترضين من البنوك هم من فئة الشباب، وأن هذا الأمر يتطلب من ناحية المسؤولية الاجتماعية للشركات التصدي له من خلال نشر ثقافة الوعي المالي.

وبحسب دراسة أخيرة نفذها برنامج «ريالي» الذي أطلقته «سدكو» في 2012، شملت ألفا من المشاركين بهدف الوقوف على مدى استيعاب وفهم بدء المشاريع التجارية الصغيرة المستقلة، وما تتطلبه هذه العملية من إعداد خطط وبرامج تمويل وعمليات ادخار يعتقد 50 في المائة منهم أن ورش العمل والمتحدثين فيها هي أفضل طريقة لتعلم الأساليب المالية لبدء مشروع صغير، ولكنهم لا يدركون وجود مصادر محلية لنشر الوعي المالي لرواد الأعمال بنسبة 75 في المائة.

وبحسب الدراسة، يعتقد 38 في المائة منهم فقط أن الخطوة الأولى لبدء مشروع صغير هو وضع خطة عمل، وأن 62 في المائة منهم لا يملكون المعرفة المالية الكافية التي يحتاجونها لوضع خطة العمل، ويعتقد 50 في المائة أن أكبر العقبات التي ستواجههم هي عقبات مالية، بينما يرى 56 في المائة مشاركة آخرين، أو استخدام مدخراتهم لبدء عملهم الخاص، بينما فضل 17 في المائة منهم فقط استخدام قروض من البنوك أو وسائل أخرى قد توفر تسهيلات أفضل لرواد الأعمال، وأن 15 في المائة من الشباب يريدون بدء عملهم الخاص بعد التخرج.

من جهته، بيّن أنيس مؤمنة الرئيس التنفيذي لمجموعة «سدكو» القابضة أن التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لتوعية أشبال المدارس بالوعي المالي أحرز نتائج إيجابية، كان لها أثرها الكبير من حيث تحقيق التقدم المنشود، وأن الطلاب والطالبات بدأوا فعليا بتنفيذ خطط مالية للادخار بعد إتمام مدة البرنامج.

ويأتي هذا المنتدى بمشاركة أكثر من 2000 منظمة دولية لخدمة الأطفال على مستوى العالم. وقد شارك في المنتدى مسؤولون من «سدكو» القابضة، وجون هوب براينت، المؤسس والمدير والرئيس التنفيذي لمؤسسة «أوبريشن هوب» (Operation HOPE) والدكتور فؤاد مرداد، واستشاري العلاقات الأسرية الدكتور نايف المطوع ورجل الأعمال ثامر الفرشوطي.