برنامج «اكتشف» لـ«أرامكو السعودية» يرغب الطلاب في التعلم عن طريق الورش

يوفر الأدوات والمواد والمختبرات في جميع المدارس.. لتحويل النظري إلى تطبيقي

جانب من الطلاب الذين شاركوا في البرنامج
TT

أن تصبح مادتا الرياضيات والعلوم محببتين إلى قلوب الطلاب، فهذا ما قد يثير الاستغراب في العادة، لكن مع برنامج «اكتشف» الذي أطلقته «أرامكو السعودية» ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لها بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، بات هذا الأمر أكثر من طبيعي. فبعدما دار هذا البرنامج على عدد كبير من المدن السعودية خلال العامين الماضي والحالي - حيث اختتمت ورشه في مدينة تبوك الخميس الماضي قبل أن ينطلق إلى أبها ومنها إلى الرياض - أبدى الطلاب المشاركون في جميع هذه المدن رغبة كبيرة لما تعلموه وتدربوا عليه خلال الورش، كما أبدوا خوفا في الوقت نفسه من أن تنتهي رغبتهم بانتهاء ورش التدريب حين يعودون إلى الصفوف المدرسية العادية، حيث تعود مادتا الرياضيات والعلوم جافتين كما هو حالهما دائما. لكن «أرامكو»، ومركزها الثقافي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وعدت باستكمال التدريس على طريقة ورش «اكتشف» عبر تأمين الأدوات والمواد والمختبرات في جميع المدارس كي تستكمل طريقة التعليم الجديدة، حيث يلمس الطلاب كيف تتحول المعادلات العلمية النظرية إلى أدوات عملية تطبيقية تقربهم من العلوم وتحفزهم على التجارب والبحث والاستكشاف لإيجاد حلول للمعضلات العلمية البسيطة.

طلاب وطالبات تبوك الـ500 وأساتذتهم الذي شاركوا في ورش تدريبية على مدى أسبوعين، عبروا كما أقرانهم الذين سبقوهم إلى البرنامج، عن مفاجآتهم بما جربوه. الأساتذة نقلوا آراءهم فيما يشبه الإجماع على وجهين، أولهما اكتشافهم أن طرقهم التعليمية القديمة هي مجرد تلقين لمعلومات نظرية يحفظها الطالب من دون فهم معادلاتها الواقعية، وهذا ما أشعرهم أنهم على مدى سنوات طويلة من التعليم كانوا مجرد أدوات تلقينية. ثانيا، أنهم اكتشفوا مواهب مخبوءة لدى طلابهم جاءت ورش التدريب العملية في برنامج «اكتشف» لتخرج هذه المواهب وتبرزها، وقد أخبرنا عدد من المعلمين والمعلمات بأنهم يأملون تطورا كبيرا لدى طلابهم فيما لو اتبعوا طريقة التعليم هذه بشكل دائم.

أما التلامذة، فقد بدوا أثناء الورش وفي الحفل الختامي كأنهم في مهرجان من اللهو والتسلية، العلميين. فقال أحدهم إن كرهه السابق للفيزياء انطوى إلى غير رجعة بعدما عرف كيف تتدخل الفيزياء في تفاصيل حياتنا اليومية. طالب آخر قال إنه من الآن فصاعدا ستكون الأحجيات الرياضية رفيقته الدائمة بعدما تحولت من مادة عصية على الفهم إلى ما يشبه أحجيات التسالي.

وكانت ورش «اكتشف» قد جرت في مدرسة «زهير بن قيس الابتدائية» للبنين وفي «الثانوية الثلاثون» للبنات، واستهدفت 250 معلما ومعلمة و500 طالب وطالبة من مختلف مدارس تبوك. وجرى في الأسبوع الأول تدريب المعلمين من قبل أساتذة سعوديين أجروا دورات تدريبية مكثفة في الولايات المتحدة الأميركية. وفي الأسبوع الثاني، قام المعلمون المتدربون بتدريب 500 طالب وطالبة من المرحلة المتوسطة من مدارس تبوك على تلك المبادئ العلمية الإثرائية. ولا بد من الإشارة إلى أن برنامج «اكتشف» العلمي يهدف إلى تقديم سلسلة متكاملة من الملتقيات العلمية في جميع أرجاء المملكة، ويبلغ عددها 20 ملتقى علميا، يشكل كل منها تجربة ثرية يمر فيها كل طالب وطالبة بـ120 ساعة تعليمية، وستتوزع هذه الملتقيات على مدن المملكة الأخرى لتفتح المجال أمام معلمين جدد وطلاب آخرين، للاستفادة من هذا المشروع الإبداعي الضخم.

شارك في حفل الختام كل من وكيل إمارة منطقة تبوك الأستاذ محمد الحقباني والمدير العام للتربية والتعليم بمنطقة تبوك د.محمد اللحيدان والدكتور خالد اليحيا رئيس مبادرة «إثراء الشباب»، وعدد كبير من الطلاب والأساتذة الذين شاركوا في أعمال الورش، إضافة إلى الأهل والمهتمين بالشؤون التربوية.

في نهاية الحفل، عرضت أفلام وصور من ورش التدريب التي حقق فيها كل طالب عملا علميا صغيرا خاصا به، ثم جرى توزيع الشهادات على الطلاب المشاركين، الذين أبدوا جميعا رغبتهم في أن يكون التعليم المدرسي على مدار السنة يشبه الطريقة التي أتبعت في أسبوع «اكتشف»، إذ إن «رفقة» التجريب والمعرفة جمعتهم بأساتذتهم فبدوا جميعا كأنهم غارقون في عالم العلوم التنفيذية والتطبيقية، والمعادلات النظرية التي تطبق أمامهم بواسطة آلات وأدوات بسيطة غير معقدة.

يمكن القول إن برنامج «اكتشف» قد حقق منذ بدايته حتى الآن غاية كبيرة بإعادة اكتشاف «المعلم» كعنصر جوهري في العملية التعليمية، مما انعكس إيجابا على التلاميذ والتلميذات الذين باتوا يجيدون طرح الأسئلة الذكية، ويجيدون تطبيق طرائق الوصول لإجاباتها باستمتاع وشغف بما يتجاوز استحقاقات المقرر العلمي الجاف.