المصريون يحتفلون بـ«عيد الأم» تحت مظلة السياسة

الرئاسة كرمت أمهات الشهداء والإخوان طالبوا بالقصاص لهم

اللوء أركان حرب قائد الجيش الثاني يكرم إحدى أمهات الشهداء ببور سعيد
TT

نسي المصريون أمس مظاهرات الإخوان التي اعتادوا عليها، خاصة في أيام الجمعة، واحتفلوا بعيد الأم، وهو أحد المناسبات الاجتماعية الأثيرة للأسرة المصرية منذ سنوات عديدة. كما أنه ثاني عيد أسري يجري الاحتفال به وسط هذه الأجواء بعد عيد الحب في 14 فبراير (شباط) الماضي. وأيضا تصادف في يوم جمعة. لكن هذا العام تشرب عيد الأم بملمح سياسي، فمن جهتهم حاول الإخوان اتخاذه ذريعة للتخفيف من حدة الكره لهم في الشارع المصري، فرفعوا في مظاهراتهم أمس شعارات تحيي أمهات الشهداء، وتطالب بالقصاص لهم.

وعلى الجانب الرسمي كرمت مؤسسة الرئاسة أمهات الشهداء احتفالا بعيد الأم، ووجه الرئيس عدلي منصور التحية إليهن، راجيًا من الله - بعد أن جاد سبحانه وتعالي علي أبنائهن البررة بالشهادة - أن يلهمهن الصبر والسلوان.

وقال الرئيس منصور في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية: «في مثل هذا اليوم من كل عام، تحتفل مصر بيوم عيد الأم، تتويجًا لعطائها واعترافا بدورها، وإشادة بجهودها للحفاظ على الأسرة المصرية وتربية النشء تربية صالحة على قيم نبيلة. ومع استمرار تضحيات أبناء مصر دفاعا عن الوطن، يجيء عيد الأم هذا العام ليشهد مزيدا من أمهات شهدائنا، ثكالى تفتقدن مشاعر أبنائهن في هذا اليوم الذي تنتظره كل أم مصرية لتحتفل به مع أبنائها».

وأكد منصور لأمهات الشهداء أنهن «أمهات لكل المصريين، يفخرون بهن ويربتون على أيديهن في هذا اليوم، وأن استشهاد أبنائهن سيظل ماثلا أمام الأجيال المقبلة، ينطق بعظمة تضحياتهم في سبيل الله والوطن والمبدأ».

كما أقامت القوات المسلحة تحت رعاية المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، حفلا كبيرا بنادي الجلاء (شرق القاهرة) لتكريم الأمهات المثاليات وأمهات شهداء ضباط وجنود الجيش، حضره كوكبة من الشخصيات العامة وقيادات الجيش والضباط.

وتحت مظلة الأم الوارفة، لم يأبه المصريون بمفارقات المشهد السياسي، وما يتناثر حولهم من أعمال إرهابية تستهدف ترويع المواطنين وزعزعة استقرار البلاد. فمنذ أول من أمس تسارع الأبناء والأحفاد في العاصمة المصرية القاهرة والمحافظات على شراء الهدايا التذكارية للأمهات، وشهدت محال التحف والهدايا رواجا ملحوظا في عمليات البيع، كما انتعشت أكشاك ومقاصف الزهور والورود.. وحسبما يقول أنور إبراهيم، صاحب محل أنتيكات بحي الزمالك الراقي بالقاهرة: «لا شيء يمنع المصريين من الفرح، لا إخوان ولا جماعات إرهابية تستطيع أن تحبس الأسرة المصرية، وتمنعها من الاحتفال بعيد الأم. هو عيد المحبة والشكر والامتنان الذي ينتظره المصريون كل عام ليقولوا لأمهاتهم كلمة شكر وعرفان بالجميل، ويحملون إليهن الهدايا، ولو بشكل رمزي بسيط».

ويذكر إبراهيم أنه يستعد لهذا اليوم بالكثير من قطع الأنتيكات التي تناسب كل الأذواق والإمكانيات المادية، لافتا إلى أنه في هذا العام أجرى تخفيضا على الأسعار «يصل إلى 50 في المائة على العديد من الهدايا». ويضيف: «كل ده علشان خاطر ست الحبايب.. وعلشان أمنا الكبيرة مصر.. ربنا يحرسها من الظلمة والإرهابيين».

الأمر نفسه تؤكده نهلة وطارق، وهما شابان تصادف وجودهما في المحل.. تقول نهلة وهي الأكبر سنا: «أنا وطارق تشاركنا من مصروفنا الخاص واشترينا هذه (الفازة) الجميلة لماما.. ربنا يحميها لنا.. إحنا مش خايفين من الإرهاب».

وبنبرة حماسية يتابع طارق قائلا: «أنا في الصف الأول الثانوي وهي في الصف الثالث، أعرف يعني إيه وطن وكرامة وحق ودين وإنسانية.. ما يفعله هؤلاء الإرهابيون لا علاقة له بكل هذه القيم النبيلة بل لا علاقة له بالدين.. إنه سلوك مجرم.. مهما يكن سنحتفل بعيد الأم، سنخرج الآن لنشتري باقة ورد جميلة لأمنا، أغلى شيء في حياتنا».

وتنوعت مظاهر الاحتفال بعيد الأم الذي يصادف عيد الربيع أيضا، وتناثرت في المقاهي وفي البيوت أغنية «ست الحبايب» للمطربة فايزة أحمد، والتي تعد أشهر أغنية احتفت بالأم، لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ومن كلمات الشاعر الغنائي حسين السيد. وتبادل المصريون التهاني على موقع التواصل الاجتماعي وقام بعضهم بنشر صور لأمهاتهم على موقع «فيسبوك»، مصحوبة بكلمات عامرة بالحب والوفاء. الطريف أن البعض جعل اليوم احتفالا بعيد الأم والأب معا. وتفنن البعض خاصة في ذكر محاسن أمهاتهم، خاصة الراحلات، واستعادوا مشاهد وطقوسا كانوا يقيمونها من أجل الاحتفال معهن بهذا اليوم.

تقول حنان: «أفتكر آخر عيد أم لماما، كنت جايبلها بوكية ورد لأنه كان أكتر حاجة بتفرحها وكانت واقفة في الشباك.. وأنا فضلت زي الطفلة أشاور لها وهي كانت بتضحك ضحكتها الرقيقة البريئة». وتتابع حنان: «لن أنسي هذا المشهد حتى ألقاك يا حبيبتي وحشتيني ماما أو كما كنت أناديك وداد».