اشتباكات طرابلس المستمرة تحصد 22 قتيلا.. ولا بوادر للحل

علوش: المواجهات تتفاعل على وقع التطورات السورية.. وقرار التهدئة خارجي

جندي لبناني يعاين أثر انفجار قنبلة في طرابلس أمس (رويترز)
TT

وصل عدد ضحايا الجولة العشرين من المعارك في مدينة طرابلس (شمال لبنان) إلى 22 قتيلا، ستة منهم سقطوا أمس، و157 جريحا، بينهم عدد من العسكريين، فيما لا تشير المعطيات الميدانية بأي إمكانية للتهدئة في وقت قريب بين منطقتي باب التبانة (ذات الغالية السنية) وجبل محسن (ذات الغالبية الشيعية)، بعد عشرة أيام على اندلاع المعارك.

وفي حين بقيت الحركة في المنطقة يوم أمس شبه مشلولة، إذ أقفلت المحلات والمدارس والجامعات أبوابها، وفضل عدد كبير من الطرابلسيين البقاء في منازلهم وعدم الخروج لأداء صلاة الجمعة، يبدو أن المعطيات المتوفرة لا تعكس أي بوادر لإعادة الاستقرار إلى طرابلس، وهذا ما لفت إليه القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا إشارات على أي مبادرة أو جهود لوقف القتال، بل على العكس من ذلك، يبدو واضحا أن الأمور خرجت عن سيطرة القيادات في المنطقة وباتت في يد الممولين الذين يدعمون المقاتلين بالمال والسلاح من الخارج». ويرى أن «من يقول إن القرار بيد السياسيين اللبنانيين هو واهم»، ولم ينف علوش أن «معارك طرابلس تتفاعل مع ما يجري في سوريا»، مؤكدا في الوقت عينه أن «ما يحصل في طرابلس لا يرتبط فقط بالأزمة السورية، والدليل على ذلك أن المعارك كانت قد بدأت في عام 2008».

ورأى علوش أن «السبب الأساسي لجولات المعارك التي تشهدها طرابلس منذ ست سنوات، هو السلاح غير الشرعي الموجود لدى حزب الله، وكذلك في جبل محسن وباب التبانة»، عادا أن «المطلوب من الجيش اللبناني والقوى الأمنية أن تضع منطقة جبل محسن تحت حمايتها وتقوم بمواجهة مصادر النيران من أي جهة أتت».

وبعدما عاش الطرابلسيون أمس ليلة دامية، عادت وتراجعت حدة الاشتباكات صباحا، من دون أن تهدأ أصوات الانفجارات وعمليات القنص طوال ساعات النهار، ولا سيما على أوتوستراد طرابلس الدولي في محلة التبانة وفي محيط مستديرة الملولة وعلى كل هدف متحرك. وأفاد المسؤول الإعلامي في الحزب العربي الديمقراطي، عبد اللطيف صالح، بسقوط أربعة أطفال أحدهم بحالة خطرة نتيجة استهداف منزل بقذيفة هاون من عيار 82 ميلمترا في جبل محسن.

وأعلنت قيادة الجيش إصابة أربعة عسكريين بجروح مختلفة خلال تنفيذهم الإجراءات الأمنية لضبط الوضع في طرابلس وقيامهم بالرد الفوري على مصادر النيران وأعمال القنص، مشيرة في بيان لها إلى قيام وحداتها بدهم أماكن مطلقي النار في مناطق القبة - مشاريع الحريري وشارع الأميركان في جبل محسن، وشارعي البقار والريفا في باب التبانة وضبطت خلالها أسلحة حربية وذخائر وأعتدة عسكرية متنوعة.

وكانت المواجهات قد احتدمت منذ مساء أول من أمس، واستمرت بشكل عنيف حتى ساعات الصباح الأولى، ودارت معارك ضارية على محاور الشعراني - بعل الدروايش - طلعة العمري - سوق القمح - حارة البرانية البقار - مشروع الحريري - حارة الجديدة المنكوبين - الملولة الريفا - البازار شارع سوريا، واستخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية من نوع «ب 10» و«ب 7» التي انهمرت على المنازل الآمنة بأعداد كبيرة، وترددت أصداؤها في أرجاء المدينة والمناطق المحيطة بها مما أدى إلى حالة من الرعب لدى المواطنين، وفق ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام».

وفجرا انفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة إلى جانب الطريق في محلة البحصاص - طرابلس أثناء مرور دورية تابعة للجيش في المكان، دون التسبب بإصابة أحد من عناصر الدورية، فيما تضرر عدد من السيارات الموجودة في المنطقة، وقد حضر الخبير العسكري والشرطة العسكرية التي تولت التحقيق بإشراف القضاء المختص، بحسب ما جاء في بيان لقيادة الجيش.

وفي تعليق له حول معارك طرابلس، أعرب المنسق الخاص للأمم المتحدة ديريك بلامبلي عن قلقه من «العنف المتواصل في طرابلس والخروق المتكررة لسيادة لبنان على الحدود الشرقية والشمالية».

وأشار بلامبلي، بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي، إلى أنه ناقش مع سلام «الخطوات التي ستتخذ والتي جرى إقرارها في البيان الوزاري لمتابعة نتائج اجتماع باريس»، مشددا على «دعم لبنان في هذا المجال»، ومرحبا بـ«الأولوية التي توليها الحكومة للتحديات الأمنية».

وفي هذا الإطار، عد النائب عن طرابلس في قوى 14 آذار، روبير فاضل، أنه «بعد نيل حكومة المصلحة الوطنية الثقة بأغلبية نيابية وازنة، عليها أن تلتفت أولا إلى مدينة طرابلس التي تكتوي بنيران المعارك العبثية ويرتفع فيها عداد الموت والضحايا منذ عشرة أيام». ورأى فاضل أن «أخطر ما تواجهه طرابلس في جولتها العشرين هو انكفاء الجيش عن القيام بمهامه في الرد على مصادر النيران، مما أدى إلى اتساع دائرة المعارك واشتداد وتيرتها»، مشيرا إلى أن «مصلحة طرابلس تكون بإنماء حقيقي يلامس الواقع».

من جهته، رأى تجمع العلماء المسلمين أن «حفلة الجنون التي تحصل في طرابلس باتت تشكل أزمة وطنية يجب تضافر الجهود للعمل على معالجتها»، لافتا إلى أن «وصول الأمر إلى حد استهداف الجيش اللبناني يجعلنا متأكدين أن من يخوضون هذه الحرب ليسوا لبنانيين خاصة أن تصاعد حلقة العنف الأخيرة جاءت بعد فرار المسلحين التكفيريين من الزارة وبقية ريف حمص».

وطالب التجمع بـ«العمل على رفع الغطاء الكامل عن المسلحين وإعلان ذلك ببيان واضح من قبل نواب ووزراء وأحزاب طرابلس»، داعيا إلى «إعطاء تكليف عملي وواضح من الحكومة للجيش للضرب بيد من حديد».