شكوى ناشط انفصالي صحراوي في فرنسا خلت من اتهام المخابرات الداخلية المغربية بتعذيبه

استغراب في الرباط بشأن استدعاء مديرها من طرف قاض فرنسي

TT

ما زال حادث استدعاء عبد اللطيف الحموشي، مدير المخابرات الداخلية المغربية من طرف قاضي تحقيق فرنسي، خلال وجوده في باريس، ضمن وفد رسمي بقيادة وزير الداخلية محمد حصاد، لغزا محيرا بالنسبة للمغرب، ولمتتبعي التوتر الأخير الذي عرفته العلاقات بين الرباط وباريس.

وقالت مصادر رسمية وقانونية مغربية مطلعة على ملف استدعاء الحموشي، لـ«الشرق الأوسط» إن الشكوى التي رفعها المحامي الفرنسي جوزيف بريهام إلى عميد قضاة التحقيق لدى المحكمة العليا في باريس، يوم 20 فبراير (شباط) الماضي حول تعرض الناشط الصحراوي الانفصالي النعمة أسفاري للتعذيب، لم تتضمن أي اتهام مباشر لجهاز «المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني» (المخابرات الداخلية)، ولم تذكر المديرية بالاسم إلا مرة واحدة في الصفحة السادسة من نص الشكوى، حيث نسب لأسفاري قوله إنه اعتقل من طرف مجموعة من الأشخاص في زي مدني يعتقد أنهم ينتمون إلى «المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني»، وهو ما جعل المصادر ذاتها تعد استدعاء الحموشي من لدن القضاء فرنسي لغزا محيرا. وتحدثت الشكوى التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من نصها، ورفعها المحامي الفرنسي، باسم أسفاري، وزوجته الفرنسية كلود مانجين، بالإضافة إلى المنظمة غير الحكومية الفرنسية «حركة المسيحيين من أجل إلغاء التعذيب»، التي نصبت نفسها كطرف مدني في هذه القضية، عن الانتهاكات والمعاملة السيئة التي ادعى أسفاري أنه تعرض لها منذ ساعة اعتقاله على خلفية أحداث مخيم «أكديم إزيك»، واستنطاقه في مفوضية الشرطة بمدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، ثم في مقر الدرك الملكي بالمدينة ذاتها. ولم يرد في نص الشكوى تعرضه للتعذيب من طرف «المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني»، الشيء الذي طرح الكثير من التساؤلات في الرباط حول سبب قيام قاضي التحقيق الفرنسي بتوجيه استدعاء شخصي إلى الحموشي، للاستماع إليه في هذه القضية.

والمثير أكثر للتساؤل والاستغراب لدى المسؤولين المغاربة هو السرعة والطريقة التي جرى بها الاستدعاء. فمباشرة بعد وضع الشكوى توجهت ستة عناصر من الشرطة الفرنسية إلى مقر إقامة السفير المغربي في باريس لتسليم الاستدعاء للحموشي، الذي كان يرافق وزير الداخلية ضمن وفد رسمي للمشاركة في اجتماع أمني رفيع ضم فرنسا والمغرب وإسبانيا والبرتغال.

يذكر أن أسفاري جرى اعتقاله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 على خلفية تفكيك مخيم «أكديم إزيك» الاحتجاجي خارج المدينة بطريقة سلمية من طرف السلطات. وأسفرت الأحداث عن مقتل 11 من رجال الأمن المغربي. وحكم على أسفاري بالسجن مدة ثلاثين سنة. وجرت محاكمته وباقي المتهمين في ملف أحداث مخيم «كديم إزيك» في جلسات علنية حضرها ممثلو الهيئات والمنظمات غير الحكومية، الحقوقية والإعلامية المحلية والدولية.