سلام الشرق الأوسط يتصدر مباحثات أوباما وبابا الفاتيكان

رئيس الوزراء الإيطالي: على أوروبا النظر إلى المستقبل لا الماضي

TT

في أول لقاء للرئيس الأميركي باراك أوباما مع البابا فرنسيس، تصدر موضوع السلام في منطقة الشرق الأوسط، مباحثات الرجلين أمس. كما كانت الأزمة الأوكرانية موقع اهتمام خاص في لقاء آخر عقده أوباما أمس أيضا مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي.

وبدأ أوباما زيارته إلى إيطاليا بزيارة إلى الفاتيكان صباح أمس حيث استقبله البابا فرنسيس ووزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين وكبار مسؤولي الفاتيكان. وقال أوباما بعد الاجتماع الذي استمر خمسين دقيقة «تحدثنا عن الشرق الأوسط، حيث لدى البابا اهتمام كبير في قضية الشرق الأوسط وما يحدث في سوريا ولبنان وأشار البابا إلى قلقه من اضطهاد المسيحيين. قلت له بأن أمرا أساسيا في السياسة الخارجية الأميركية هو حماية الأقليات الدينية». ويذكر أن البابا سيزور الشرق الأوسط في مايو (أيار) المقبل، ومن المتوقع أن يدعو مجددا إلى السلام. ووجه أوباما دعوة للبابا لزيارة الولايات المتحدة.

واستقبل البابا أمس في الفاتيكان للمرة الأولى منذ انتخابه، الرئيس الأميركي، حيث قال أوباما للبابا «إنه أمر رائع أن ألتقيك» مشيرا إلى «أنني أكن لك إعجابا كبيرا». واللقاء الودي الذي جرى بحضور مترجمين استمر لمدة أطول من اللقاءات المعتادة للبابا مع قادة دول وحكومات آخرين. ورحب البابا أيضا بأعضاء الوفد الأميركي وبينهم وزير الخارجية جون كيري الكاثوليكي. وقدم البابا للرئيس الأميركي قلادتين برونزيتين، تجسدان ملاكا يرمز إلى السلام والتضامن وكذلك إرشاده الرسولي الذي نشر في الخريف. وعبر أوباما عن سعادته بتسلم هذا النص الذي يتحدث فيه البابا عن العدالة الاجتماعية قائلا: «سأقرأه بالتأكيد في المكتب البيضاوي حين أكون في حالة غضب وأكيد أنه سيعطيني القوة والتهدئة».

ومن جهته قدم الرئيس الأميركي للبابا علبة تتضمن بذور الفاكهة والخضار المزروعة في حدائق البيت الأبيض والموجهة رمزيا لحدائق المقر الصيفي للبابا في كاستيل غاندولفو. وقال أوباما للبابا «إذا أتيحت لك فرصة المجيء إلى البيت الأبيض، فسترى الحدائق». ورد الحبر الأعظم «لم لا؟» لكن من دون أن يقطع التزاما.

وأوضح أوباما تفاصيل لقائه مع بابا الفاتيكان خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي عصر أمس بعد إجرائهما لقاءا ثنائيا في مقر رئاسة الوزراء بروما. وطغت التطورات في أوكرانيا على المحطة الثالثة من جولة أوباما الأوروبية، حيث تصدرت أجندة نقاشات أوباما مع رينزي. وأكد أوباما مجددا دعم بلاده لأوكرانيا والشعب الأوكراني، ولكن ردا على سؤال حول كيفية الرد على تدفق الجنود الروس على الحدود الأوكرانية قال أوباما: «أعتقد أنني واضح في القول: إننا سنقوم بكل ما بوسعنا لدعم أوكرانيا والشعب الأوكراني ولكن من المهم أيضا ألا نعد ولا نستطيع أن نلبي الوعود»، في إشارة إلى عدم إمكانية التدخل العسكري في هذه الأزمة. ولفت إلى أن «اجتماعات مجموعة السبع ستتواصل لإظهار عزلة روسيا.. ولكن ما زلنا نأمل أن تدخل روسيا بوابة الدبلوماسية» لحل الأزمة.

وشرح أوباما: «نقاشاتنا ركزت على أوكرانيا اليوم.. نرى وحدة دولية أمام خرق للقانون الدولي»، مشيدا بإعلان صندوق النقد الدولي اتفاقا أوليا حول دعم لأوكرانيا إذ قال: «إعلان صندوق النقد الدولي خطوة مهمة للأمام وتظهر إمكانية النمو الحقيقي، ستحتاج إلى بعض الخطوات الصعبة ولكن ستسمح للنمو وتدعم الإصلاحات الديمقراطية».

وتحدث الرئيس الأميركي مطولا حول أهمية المرحلة المقبلة لأوكرانيا خاصة من حيث الإصلاحات، وقال: «على أوكرانيا ترك الفساد إلى الماضي وأناشد الكونغرس من هنا للموافقة على الدعم لأوكرانيا».

وشدد رينزي بدوره على أن «أجدادنا حاربوا من أجل أوروبا، والولايات المتحدة حاربت لإنقاذ الديمقراطية في أوروبا»، وأن على أوروبا اليوم الدفاع عنها من حيث التصرفات والسياسات. وثمن رئيس الوزراء الإيطالي خطاب أوباما في بروكسل أول من أمس، وشدد على أهمية حديثه حول تنويع مصادر الطاقة في أوروبا مع تفاقم الأزمة مع روسيا.

وكرر أوباما تصريحاته حول أهمية التحالف مع أوروبا، قائلا: «علاقاتنا مع أوروبا أساس تواصلنا مع العالم»، مضيفا أن أمنها أساسي لـ«الأمن القومي الأميركي».

وأشاد أوباما بدور إيطاليا كحلف في حلف الشمال الأطلسي «الناتو» ودور قواتها في أفغانستان وقوات «اليونيفيل» الدولية في لبنان. ولفت إلى التعاون مع روما في ليبيا، موضحا: «سنعمل على دعم الأمن الليبي وتدريب القوات الليبية لترعى أمن بلادها»، بالإضافة إلى «دور إيطاليا في تدمير الأسلحة الكيماوية السورية.. وهو نموذج لعملنا ليس فقط لأنفسنا بل لمصلحة العالم».

واستحوذ الاقتصاد على جزء كبير من نقاشات أوباما ورينزي وبرز خلال المؤتمر الصحافي المشترك. وقال أوباما: «تحدثنا عن أهمية النمو الاقتصادي على طرفي الأطلسي لإطلاق طموحات الشباب».

وقال رينزي: «أول جهد لإيطاليا سيكون لتغيير إيطاليا – مشاكلنا وفرصنا لا تأتي من الخارج، يجب أن نغير أنفسنا، علينا تخفيض البيروقراطية وتخفيض أعداد العاملين في السياسة وفتح سوق العمل». وأضاف: «يجب ألا نبحث عن تبريرات، علينا التغيير من الداخل.. إذا كنا نؤمن بأنفسنا، سيكون على أوروبا التركيز على النمو لا البيروقراطية»، متعهدا أن يكون هذا محورا أساسيا خلال رئاسة إيطاليا للاتحاد الأوروبي. وأضاف: «علينا النظر إلى المستقبل كأوروبا، ليس إلى الماضي».

وعبر الرئيس الأميركي عن تفاؤله إزاء التطورات الاقتصادية في أوروبا، قائلا: «قبل عامين كانت هناك مخاوف حقيقية حول اليورو، ولكن الوضع المالي استقر الآن، ولم يكن ذلك ممكنا من دون التنسيق الجيد بين الأوروبيين». وأفاد أوباما أنه بحث الاقتصاد مع البابا وتحديدا منح فرص متساوية للجميع في المجتمع. وقال: «نرى مشاكل بنيوية في الاقتصاد الحالي.. يجب أن يكون لدينا القدرة على منح عمالنا المهارات وخاصة للشباب، فإحدى مآسي بطالة الشباب، عدم التمسك بسوق العمل من الصغر يعني من الصعوبة الدخول فيها». وكرر أوباما دعوته للحلفاء الأوروبيين بتحمل مسؤولياتهم الدفاعية وعدم التقشف المبالغ فيه في ميزانيات الدفاع. وقال: «الولايات المتحدة تدفع 3 في المائة من الناتج الإجمالي الداخلي إلى الدفاع والكثير منها على أوروبا وقد تزداد إذا تواصلت الأزمات في أوروبا، بينما أوروبا تنفق نحو واحد في المائة – لا يمكن لنا تحمل العبء بمفردنا». وأضاف: «يجب أن يكون هناك وعي بمسؤولية الجميع للمساهمة – لا يمكن أن نتجاهل أهمية الحرية». واتفق رينزي مع أوباما قائلا: «نحن شركاء مع الولايات المتحدة وعلينا أن نتحمل مسؤوليتنا.. يجب أن نجعل آلياتنا أكثر كفاءة – سنوات التعاون مع شركائنا».

وأضاف الرئيس الأميركي: «لم نتخذ بعد خطوات تستهدف قطاعات كلية في روسيا مثل القطاع المالي أو الطاقة أو المبيعات العسكرية ولكن نبحث مع حلفائنا أي نوع من العقوبات يمكن أن تكون لديها تأثيرات قوية على روسيا – وستؤثر علينا لأن روسيا جزء من الاقتصاد العالمي»، موضحا: «هذا هو العمل التقني الذي نقوم به الآن وربما لن نحتاجها إذا كانت روسيا اتخذت المسار الصحيح في الدبلوماسية». وعبر البابا فرنسيس والرئيس الأميركي عن «التزامهما المشترك في استئصال الاتجار بالبشر في العالم». وفي بيان نشره الكرسي الرسولي بعد محادثات أوباما مع البابا ومع سكرتير دولة الفاتيكان، أكد الطرفان أيضا ضرورة أن «يحترم القانون الدولي والإنساني في مناطق النزاع» و«التوصل إلى حل متفاوض عليه» بين أطراف النزاع.

وتحدث رينزي عن أهمية لعب السياسة دورا في تحسين حياة الناس، قائلا: «على السياسة أن تعيد الأمل إلى عائلاتنا». ورينزي الذي تولى منصبه في فبراير (شباط) الماضي حصل على دعم أوباما، إذ أشاد برئيس وزراء إيطاليا الشاب، قائلا: «أثارتني طاقة وجدية ماتيو في منصبه ويمكن إطلاق روح وطاقة الشعب الإيطالي.. من الرائع رؤية قيادة جديدة في إيطاليا»، في إشارة غير مباشرة لانتهاء فترة حكم رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني.

وانتهز رينزي فرصة وجود أوباما وانتباه الإعلام العالمي بزيارته للحديث عن «إكسبو 2015» في ميلان، قائلا: إنها «فرصة رائعة لاستضافة إيطاليا للعالم». وأكد أوباما مشاركة بلاده في الإكسبو المرتقب عقده العام المقبل في ميلانو.

والتقى أوباما بالرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو بالإضافة إلى تجوله في موقع «الكولوسيوم» الروماني الأثري وسط البلاد قبل لقائه بأعضاء السفارة الإيطالية في روما. ويختتم أوباما زيارته إلى روما اليوم حيث ينهي جولته الأوروبية، متوجها إلى السعودية.