جبهة ريف اللاذقية.. أهمية استراتيجية للمعارضة ومخاوف من «صفقة» لإخمادها

قيادي في الائتلاف المعارض يرى أن وعورة المنطقة تعرقل إمساك النظام بزمام الأمور

TT

يواصل مقاتلو المعارضة السورية تمددهم في مناطق الساحل بريف اللاذقية بأسلوب أفقي يؤمن السيطرة على القرى بشكل تدريجي، دون أن تتمكن الآلة العسكرية النظامية من صدهم رغم المعارك العنيفة المتواصلة منذ عشرة أيام، الأمر الذي بات يهدد معقل النظام السوري المتمثل في مدينة اللاذقية ذات الغالبية العلوية وبالتحديد قرداحة، التي تنحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الأسد. وفي حين تؤكد مصادر قيادية في المعارضة السورية أن النظام «لن يتمكن من تغيير الوقائع الميدانية في جبهة الساحل»، تعبر في الوقت نفسه عن خشيها من «صفقة سياسية بين الدول التي تدعم كتائب المعارضة في ريف اللاذقية، والدول الحليفة للنظام، مما يؤدي إلى توقف هذه المعركة».

وبدأت كتائب المعارضة السورية بمساندة من «جبهة النصرة» في 20 مارس (آذار) الماضي خوض ما سمته «معركة الأنفال» في ريف اللاذقية، واستطاعت خلال 11 يوما السيطرة على كل من كسب والنبعين و«برج 45» وجبل النسر ونبع المر والسمرة، والتقدم نحو رأس البسيط، فيما استمر الجيش النظامي في قصف المناطق التي سيطرت عليها المعارضة.

وعلى الرغم من تمكن النظام من استعادة منطقة «برج 45» أول من أمس، فإن المعارضة تؤكد أن ثمة صعوبة في أن تتمكن قوات النظام من بسط سيطرتها على كل هذه المواقع، وفق ما يؤكد عضو الائتلاف المعارض بسام يوسف لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن «المنطقة تتمتع بطبيعة جبلية وعرة تسهل على المعارضة الاحتفاظ بمواقعها وتكلف قوات النظام أثمانا باهظة سواء على صعيد الآليات العسكرية أو على الصعيد البشري».

وفي الوقت الذي يعبر فيه يوسف عن ثقته في قدرة كتائب المعارضة على إحراز مزيد من التقدم في ريف اللاذقية، يعرب أيضا عن خشيته من توقف «إمدادات السلاح التي تصل إلى الجبهة من قبل الجهات الداعمة نتيجة صفقة سياسية»، موضحا أن «دولة قطر تعد الداعم الأبرز للكتائب التي تقاتل في الساحل، ومن الممكن أن تعقد صفقة مع إيران تفضي إلى توقف الجبهة، إذا قبضت الثمن في ملف آخر». وتبدو معارك ريف الساحل، لا سيما تلك المندلعة قرب كسب، مصيرية بالنسبة للنظام السوري، فالمدينة التي تقع على الحدود التركية تمنح المعارضة السورية التي سيطرت عليها قبل أكثر من أسبوع معبرا بحريا على البحر المتوسط يؤمن إدخال السلاح. وسبق لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أن اتهم تركيا بتسهيل دخول المقاتلين المعارضين عبر حدودها، مطالبا مجلس الأمن «بإدانة هذا الاعتداء الإرهابي»، بحسب رسالة من مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجلس الأمن.

لكن يوسف يؤكد أن «تركيا لم تقدم دعما بالمعنى الحقيقي لكتائب المعارضة في الساحل بقدر ما قدمت تسهيلات عبر تنفيذ الاتفاقيات بينها وبين الحكومة السورية التي تنص على منع تحليق الطيران السوري قرب الأراضي التركية بعمق 10 كيلومترات»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر أمن تغطية جوية لمقاتلي المعارضة». كما تحظى جبهة ريف اللاذقية بأهمية استراتيجية بالنسبة للمعارضة، فقد جعلت الحدود التركية - السورية خالية تماما من القوات النظامية، إضافة إلى أنها أعطت المعارضة إطلالة بحرية على حوض المتوسط، بحسب ما يقول العميد أحمد رحال قائد تجمع «قوى الثورة لتحرير سوريا»، لافتا إلى أن «معركة الساحل فتحت من قمة النبي يونس وحتى قرية السمر على البحر المتوسط بعمق يصل إلى 30 كلم وبطول جبهة يصل إلى 95 كلم، والنظام الآن غير متوازن ويتلقى الضربة تلو الأخرى، كان أهمها توقف مطار حميميم عن العمل بعد استهدافه بصواريخ المعارضة».

من جهة أخرى، أشار إلى أن «القوات النظامية الموجودة على الجبهة الساحلية تتمثل في قوات الدفاع المدني (ميليشيات الشبيحة)، وفوجين من الوحدات الخاصة، بالإضافة إلى مقاتلين من حزب الله اللبناني وقوات عراقية من (فيلق بدر) و(لواء أبو الفضل العباس)»، منوها بأن النظام طلب من قادة كل الفرق «15»، و«5»، و«3»، و«1» تحضير نخبة من أفضل جنودهم لإرسالهم للساحل.

يذكر أن جبهة الساحل كانت قد اشتعلت في أوائل شهر أغسطس (آب) من العام الماضي وتمكنت المعارضة آنذاك من تحرير 13 قرية موالية، لكن هذه الجبهة عادة وهدأت بشكل مفاجئ على وقع اتهامات وجهت للائتلاف المعارض بقطع إمدادات السلاح عنها.