الحكومة البريطانية تسلط الضوء على الإخوان المسلمين و«تأثيرهم على الأمن القومي»

كاميرون أمر دوائر حكومية واستخباراتية بإعداد تقرير شامل حول عقيدة الجماعة وأهدافها

TT

أمر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإجراء تحقيق شامل في نشاط الإخوان المسلمين بسبب القلق الذي تثيره الجماعة في المملكة المتحدة ونشاط أعضائها المقيمين في البلاد. وقد أمر كاميرون دوائر حكومية واستخباراتية بالتعاون لإصدار تقرير شامل بحلول الصيف حول عقيدة الإخوان وأهدافهم.

وصرح كاميرون أمس بأن «المهم أن نفهم كليا ما هذه المنظمة وما تمثله وما روابطها وما تؤمن به من حيث التطرف والتطرف العنيف، بالإضافة إلى علاقاتها مع مجموعات أخرى، وما وجودها هنا في المملكة المتحدة؟». وعلق كاميرون على التحقيق خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أمس، بعد أن نشرت صحيفة «ذا تايمز» أمر كاميرون بالتحقيق الرسمي.

وقال ناطق باسم كاميرون: «أمر رئيس الوزراء بإجراء تقييم داخلي لفلسفة الإخوان المسلمين وأنشطتهم ولسياسة الحكومة إزاء هذه المنظمة». وأضاف الناطق: «بالنظر إلى ما أعلن من مخاوف بشأن المجموعة وعلاقاتها المفترضة بالتطرف والعنف، رأينا أنه من المشروع والحكيم محاولة أن نفهم بشكل أفضل ما يمثله الإخوان المسلمون وكيف ينوون تحقيق أهدافهم وانعكاسات ذلك على بريطانيا».

وبحسب صحيفة «ذا تايمز»، فإن أجهزة الاستخبارات البريطانية كلفت بجمع المعلومات عن الإخوان في الخارج وفي بريطانيا، خصوصا عن عدد من الأعضاء الذين لجأوا إلى بريطانيا بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي للإخوان في 3 يوليو (تموز) 2013. وأشارت الصحيفة إلى معلومات تفيد بأن قادة الإخوان اجتمعوا في لندن نهاية 2013 لاتخاذ قرار بشأن رد التنظيم على الوضع في مصر. ويوجد المكتب الإعلامي الأبرز لجماعة الإخوان المسلمين في حي كريكلوود شمال العاصمة البريطانية لندن.

وتشارك أطراف بريطانية رسمية عدة في التقرير، على رأسهم السفير البريطاني لدى المملكة السعودية جون جنكينس الذي كان سفيرا لدى العراق وسوريا وليبيا سابقا، كما كان رئيسا لدائرة الشرق الأوسط لدى وزارة الخارجية البريطانية بين عامي 2007 و2009. وشرح ناطق باسم وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكثير من المسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية منشغلون في هذا التقرير، والموضوع لا يخص مصر فقط، وإنما يخص دولا عدة». وأضاف: «طلبنا تفاصيل من عدد كبير من السفارات، وسيكون هناك تقرير لربط جميع العناصر سويا على أن يكون التقرير جاهزا قبل إجازة البريطانيين الصيفية»، أي بحلول يوليو المقبل. وقال: «إننا نعمل باستمرار (على متابعة نشاط الإخوان)، ولكن الأمر المختلف أننا سنضع هذه المعلومات في تقرير واحد ليكون لدينا وعي أوسع وأدق حول طبيعة الإخوان المسلمين وتأثيرهم على المنطقة وعلى الأمن القومي البريطاني». وعلى الرغم من التكهنات حول إمكانية حظر جماعة الإخوان المسلمين، أكد الناطق بأن «الهدف ليس لاتخاذ قرار مثل هذا، وهو في كل حال قرار يعود إلى وزارة الداخلية».

وذكرت مصادر حكومية بريطانية، أن حظر الجماعة في بريطانيا، أمر «ممكن، لكنه غير مرجح»، في حين يعتقد البعض في وزارة الخارجية أنه لن يكون من شأن مثل هذا الحظر سوى دفع الإخوان إلى «المزيد من التشدد والتحول إلى العمل السري». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» امتنع ناطق باسم وزارة الداخلية عن الخوض في إذا كانت الوزارة تدرس حاليا إمكانية منع الإخوان المسلمين، مكتفيا بالقول: «نحن لا نعلق حول النظر في منع اي مجموعة محددة في بريطانيا». ولكنه أردف قائلا: «سننتظر إعداد التقرير وما يجلبه من نتائج وبعدها يكون لدينا رأي» يمكن أن يؤثر على قرار الحظر.

وشرح الناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية، أن التقرير سيكون داخليا وسريا، ولكن من المتوقع أن تنشر أبرز نتائجه علنا.

وأوضحت صحيفة «ذا غارديان»، أن التحقيق يشمل احتمال تورط الجماعة في مقتل ثلاثة سياح من كوريا الجنوبية، إضافة إلى سائق حافلة مصري، في هجوم انتحاري بالقرب من معبر رفح الحدودي مع إسرائيل في شهر فبراير (شباط) الماضي، يعتقد أن بعض جوانب التخطيط له جرت من بريطانيا، بحسب ما أوردته الصحيفة. ولم توضح الصحيفة ولا المصادر الرسمية البريطانية مصدر تلك المعلومات.

وأوضح المتحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية، أنه «بالنظر إلى القلق المعلن بشأن المجموعة، وعلاقاتها المفترضة بالتطرف والعنف، رأينا أنه من الشرعي والحكيم أن نفهم بشكل أفضل ما يمثله الإخوان المسلمون، وكيف ينوون تحقيق أهدافهم.. وانعكاسات ذلك على بريطانيا، بسبب المخاوف من صلاتها المزعومة»، موضحا أن الجماعة «ارتفعت في مصر إلى مكانة بارزة في السنوات الأخيرة، لكن فهمنا للمنظمة وفلسفتها وقيمها لم تواكب ذلك».

وأشارت «ذا تايمز» إلى أن «جهاز الأمن الداخلي البريطاني (إم آي 5) سيضع لائحة بأسماء قادة (الإخوان) الذين انتقلوا للإقامة ببريطانيا عقب عزل مرسي»، بينما يعمل «جهاز الأمن الخارجي البريطاني (إم آي 6) على التحقيق في تقييم مزاعم أن الجماعة كانت وراء مقتل السياح، وسلسلة من الهجمات الأخرى».

وذكرت «ذا غارديان» أن كاميرون يواجه ضغوطا سياسية متزايدة من أجل السير على خطا السعودية ومصر حيال التعامل مع الجماعة، واتهامهما لـ«الإخوان» باتخاذ لندن مركزا لنشاطاتهم.

وعقب عمدة لندن، بوريس جونسون، قائلا لإذاعة «إل بي سي»، إن شرطة مكافحة الإرهاب تراقب الشخصيات المتشددة، التي يقدر عددها بـ«أقل من الألف» فرد. لكن جونسون رفض إعطاء تفاصيل حول التحقيق بشأن الإخوان المسلمين، موضحا: «لا أستطيع إعطاء أي تفاصيل حول التحقيق، ولا يمكن أن تتوقعوا مني ذلك».

ومن جانبها، رحبت الحكومة المصرية بقرار كاميرون إجراء هذا التحقيق بشأن جماعة الإخوان المسلمين. وقال السفير بدر عبد العاطي، الناطق باسم الخارجية المصرية، في بيان، إن «مصر ترحب بقرار بريطانيا البدء في إجراء تحقيقات عاجلة حول الدور الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمين انطلاقا من الأراضي البريطانية، ومدى ارتباط تنظيم الإخوان المسلمين بأعمال العنف والتطرف». وأعربت الخارجية المصرية عن أملها في أن يجري التعامل مع تلك التحقيقات «بالجدية والاهتمام اللازمين».