فالس.. السياسي الذي لا يخفي طموحاته

فالس
TT

كثيرون يرون في رئيس الحكومة الفرنسية الجديد مانويل فالس نقاط تشابه كثيرة مع رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي. فكلاهما ينحدر من أبوين مهاجرين: فالس من والد إسباني الجنسية وتحديدا من مدينة برشلونة في مقاطعة كاتالوينا. أما ساركوزي، فوالده مجري التحق بالفرقة الأجنبية للجيش الفرنسي قبل أن يصل إلى مرسيليا ويستقر لاحقا في باريس. فالس حصل على الجنسية الفرنسية في سن الـ18 عندما كان طالبا في قسم التاريخ في جامعة السوربون تولبياك، فيما حصل عليها ساركوزي آليا، لأن والدته فرنسية فيما والدة فالس سويسرية.

لكن نقاط التشابه الأهم تكمن في الطموح السياسي الجارف لكل منهما الذي دفع الأول إلى الانخراط في الحزب الديغولي والتقرب من مؤسسه جاك شيراك، فيما اختار الثاني اليسار والحزب الاشتراكي تحديدا وتقرب من رئيس الوزراء الأسبق ميشال روكار داعية «الاشتراكية الحديثة». وبعد روكار، انضم فالس إلى تيار ليونيل جوسبان، رئيس الوزراء الاشتراكي الآخر (1997 - 2002) وعمل إلى جانبه طيلة خمس سنوات، مسؤولا عن الإعلام عندما شغل جوسبان منصب رئاسة الحكومة إبان ولاية الرئيس شيراك الأولى.

ولا يتردد الكثيرون في وصف فالس بأنه «ساركوزي الحزب الاشتراكي». ساركوزي وصل إلى رئاسة الجمهورية مستخدما لذلك «منصة» وزارة الداخلية وفالس وصل إلى رئاسة الحكومة، مستخدما المنصة عينها. ومنذ سنوات، لا يخفي فالس الواقع على يمين الحزب الاشتراكي طموحاته الرئاسية. الأول، جعل نفسه المسؤول الأول عن أمن الفرنسيين واعدا إياهم بـ«كنس» كل من يهدد راحة مواطنيه خصوصا في الأحياء الشعبية والتي تحتضن نسبة عالية من المهاجرين. كذلك، فإنه رفع راية محاربة الهجرة غير الشرعية لأن فرنسا «لا يمكن أن تأوي كل بؤساء الأرض». كذلك، فإن فالس التزم طيلة شغله وزارة الداخلية مواقف متشددة من موضوع الهجرة غير الشرعية ومن موضوع الأمن ولم يتردد يوما في إعلان دعمه للقوى الأمنية التي تقوم بمهام «صعبة». ومن المعروف أن ساركوزي اقترح على فالس الدخول إلى حكومته الأولى بعد فوزه بالرئاسة عام 2012، لكن فالس رفض العرض. وبين الرجلين نقطة مشتركة أساسية إذ إن كليهما يحبان الإعلام والصحافة والأضواء ويسعيان ليكونا قبلة الصحافيين. أما في حياتهما الخاصة، فهناك أيضا أوجه شبه، إذ إن ساركوزي تزوج (زواجه الثالث) المغنية وعارضة الأزياء السابقة كارلا بروني. ومعا شغلا الصفحات الأولى في «صحافة المشاهير». كذلك فإن فالس تزوج عازفة كمان معروفة (زواجه الثاني) هي آن غرافوان.

سياسيا، بدأ فالس نشاطه منذ أيام الدراسة ثم عبر السياسة المحلية، حيث نجح في أن ينتخب رئيسا لبلدية مدينة إيفري الواقعة جنوب العاصمة باريس التي تضم نسبة مرتفعة من المهاجرين. بعد ذلك، خطا خطوة إضافية في السياسة، حيث نجح في امتحان النيابة وأصبح نائبا عن المنطقة عينها. وداخل الحزب الاشتراكي، اصطدم فالس بممثلي تيار اليسار ومنهم مارتين أوبري التي قالت له يوما عندما كانت تشغل منصب سكرتيرته العامة: «عليك أن تترك الحزب إذا كنت تنوي الاستمرار في انتقاده». وخلال توليه وزارة الداخلية، اشتبك فالس مع وزيرة الإسكان (ممثلة الخضر) سيسيل دوفلو ومع وزيرة العدل كريستيان توبيرا. الأولى اتهمته بانتهاج خط سياسي يميني ومماحكاته مع الثانية لم تتوقف طيلة عامين.

ورغم شعبيته (الحديثة) على المستوى الفرنسي العام، لم يكن فالس يتمتع بشعبية كبيرة داخل الحزب الاشتراكي، إذ إنه لم يحصل سوى على ستة في المائة، عندما تنافس للترشح عن الحزب لرئاسة الجمهورية عام 2011 الأمر الذي حفزه على الالتحاق بالمرشح هولاند ولأن يدير حملته الإعلامية. وكافأه الرئيس بتعيينه في منصب بالغ الحساسية (وزارة الداخلية) وهاهو يكافئه مرة أولى بإسناد رئاسة الحكومة إليه.