مقتل ضابط شرطة وإصابة خمسة آخرين في ثلاثة انفجارات بمحيط جامعة القاهرة

الدكتور جابر نصار لـ («الشرق الأوسط»): مصرون على استمرار الدراسة

محاولات لإسعاف مصاب عقب سلسلة انفجارات في محيط جامعة القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

قتل ضابط شرطة مصري برتبة عميد، وأصيب خمسة آخرون من قوة مديرية أمن الجيزة، (غرب العاصمة)، في ثلاثة انفجارات متتالية وقعت صباح أمس بمحيط جامعة القاهرة. وعقد رئيس الوزراء إبراهيم محلب اجتماعا أمنيا طارئا - رفيع المستوى - بحضور وزراء الدفاع والداخلية والعدل ورؤساء أجهزة المخابرات العامة والمخابرات الحربية والأمن القومي، مؤكدا أن «هذا الحادث الجبان لن يثني الدولة عن عزمها على اتخاذ كافة الإجراءات لمنع الإرهاب من العبث بأمن وسلامة الوطن».

وتزايدت أعمال العنف التي استهدفت عناصر ومقار أمنية تابعة للجيش والشرطة، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) الماضي. واتهمت الجماعة، المصنفة رسميا وقضائيا كجماعة إرهابية، بالوقوف وراء هذه التفجيرات.

وأصدرت جماعة تدعى «أجناد مصر» مساء أمس بيانا تتبنى فيه العملية، ناسبة إلى نفسها عمليات تفجيرات سابقة خلال الأشهر الماضية.

وجاء الحادث أمس قبيل ساعات من مظاهرة دعا إليها ائتلاف يسمى «طلاب ضد الانقلاب»، الذي ينتمي معظم أفراده إلى «الإخوان»، للتنديد بالإدارة الحالية للبلاد، وضبط زملاء لهم في مظاهرات سابقة.

وأثار الحادث، الذي وقع في الشارع المواجه لكلية الهندسة، أمام البوابة الرئيسة لجامعة القاهرة، الذعر بين الطلاب داخل الجامعة، الذين تكدسوا على الأبواب الجانبية في محاولة للخروج خوفا من وجود قنابل أخرى في الداخل، لكن رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الدراسة مستمرة. ولم يجر إخلاء الجامعة، ومصرون على استكمالها لنهاية العام الدراسي»، مشددا على أن «الإرهاب لن يمنعهم من استكمال العملية التعليمية». وأضاف أن «قوات الأمن قامت بتمشيط الجامعة عقب الانفجارات ولم يجر العثور على أي قنابل (داخلها)».

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أن «انفجارين وقعا بالشارع المواجه للباب الرئيس لجامعة القاهرة، حيث تبين زرع عبوتين ناسفتين بإحدى الأشجار بالمنطقة، مما أسفر عن استشهاد العميد طارق المرجاوي، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، وإصابة خمسة من الضباط من قوة مديرية أمن الجيزة». وأضاف المركز الإعلامي للوزارة في بيان أمس أن «رتب الضباط المصابين هي لواء وعقيد وعميد ومقدم».

وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «الانفجارات استهدفت سيارات للشرطة أمام كلية الهندسة، وأن من بين المصابين اللواء عبد الرؤوف الصيرفي نائب مدير أمن الجيزة لقطاع الغرب»، مشيرا إلى أنه «جرى نقل المصابين إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة لإسعافهم».

وأعقب الانفجارين المتزامنين، انفجار لقنبلة ثالثة أمام الباب الرئيس لجامعة القاهرة، خلال معاينة المعمل الجنائي لآثار انفجار القنبلتين السابقتين. وأكد مصدر أمني أن الانفجار الثالث لم يسفر عن أي إصابات، وأنه ناجم عن عبوة ناسفة جرى أيضا تعليقها على إحدى الأشجار المواجهة للبوابة الرئيسة للجامعة.

وقال قيادي أمني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن عززت من وجودها بالمنطقة، وأغلقت ميدان «النهضة» والشوارع المحيطة به لتمشيط المنطقة باستخدام الأجهزة الحديثة والكلاب البوليسية للتأكد من أنه لا وجود لأي عبوات ناسفة أخرى، كما جرى ضبط عدد من المشتبه فيهم، للوصول إلى المعلومات الأولية حول الحادث، والجهات التي تقف وراءه.

وبينما جرى إخلاء حديقتي الحيوان والأورمان (المجاورتين لموقع الانفجارات) من الزوار لتمشيطهما تحسبا لوجود أي متفجرات، أجرى فريق من محققي النيابة العامة معاينة لموقع التفجيرات الثلاثة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حياله، كما قام محققو النيابة بمناظرة جثمان العميد طارق المرجاوي، والتصريح بدفن جثمانه عقب تشريحه بمعرفة الطب الشرعي.

وأمرت النيابة أيضا بندب خبراء مصلحة الأدلة الجنائية «قسم المفرقعات» لرفع الآثار الفنية للحادث والانفجار، وتحديد نطاق الانفجار وطبيعة المواد المستخدمة في صنع العبوات الناسفة التي تسببت في وقوعه، وبيان التلفيات التي أسفر عنها التفجير وما ترتب عليه من أضرار.

وفي جنازة عسكرية مهيبة، شيع جثمان العميد المرجاوي من مسجد أكاديمية الشرطة بحي العباسية (شرق القاهرة). وكان في مقدمة مشيعي الجنازة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق محمود حجازي.

ونعى محلب مقتل ضابط الشرطة، مشيدا بتضحيات رجال الشرطة، ودورهم في حماية أبناء مصر في الجامعات من عبث الخائنين من أنصار الجماعات الإرهابية، مشددا على أن «هذا الحادث الجبان لن يثني الدولة عن عزمها على اتخاذ كافة الإجراءات لمنع الإرهاب من العبث بأمن وسلامة الوطن والمواطنين، واستمرار العمل والإنتاج للنهوض بالوطن في كافة القطاعات لبناء مصر». ووجه رئيس الوزراء بسرعة عقد لجنة أمنية بحضور وزراء الدفاع والداخلية والعدل، ورؤساء أجهزة المخابرات العامة والمخابرات الحربية والأمن القومي.

كما أدان الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، التفجيرات. وقال في بيان له إن «ما يقع من أحداث وعمليات إرهابية الغرض منها عرقلة المسيرة الوطنية، التي من شأنها أن تصل بالبلاد إلى بر الأمان»، مشيرا إلى أنه «يجب أن نكون جميعا على قدر كبير من اليقظة والحذر في المرحلة المقبلة، وأن نقف جميعا يدا واحدة ضد الإرهاب الأسود الذي يطل برأسه داخل مصرنا الحبيبة».

وتشهد معظم الجامعات المصرية، منذ بدء العام الدراسي، مظاهرات لطلاب «الإخوان»، واشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة، التي تعمل على تطبيق قرار الحكومة بحظر المظاهرات داخل الجامعات. وقال مراقبون إن فشل جماعة الإخوان في حشد أنصار لها في الشارع دعاها للجوء إلى الطلاب، الذين يقومن بأعمال عنف بهدف تعطيل الدراسة لإثبات فشل إدارة الدولة.

وشهدت جامعة المنصورة أمس اشتباكات بين مجموعة من الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان وعدد من الإداريين والعمال بالجامعة، قام خلالها طلاب الجماعة بإلقاء الطوب والحجارة وإطلاق الشماريخ والألعاب النارية على العمال وتدخلت قوات الشرطة وتمكنت المباحث الجنائية، بالتنسيق مع قوات الأمن المركزي، من ضبط ستة من طلاب الجماعة. وكان المئات من طلاب الجماعة قد نظموا مسيرة داخل حرم الجامعة رددوا خلالها الهتافات المعادية للجيش والشرطة، وتصدى لهم بعض الإداريين والعمال، فقام الطلاب بقذفهم بالطوب والحجارة.

وفي جامعة الأزهر، الأكثر عنفا بين الجامعات، سادت حالة من الهدوء أمس وانتظمت الدراسة بكليات الجامعة للبنين والبنات وسط إجراءات أمنية مشددة داخل وخارج الحرم الجامعي. وأوضحت مصادر بجامعة الأزهر أن قوات الأمن الداخلي تواصل إجراءاتها الاحترازية على الباب الرئيس للجامعة والأبواب الجانبية بتفتيش الطلاب والسيارات، بينما توجد قوات الأمن بشكل رمزي أمام المبنى الإداري للجامعة كإجراء وقائي، في الوقت الذي تستمر فيه أعمال الدراسة بشكل طبيعي.

وأعرب الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، عن أسفه لما حدث في جامعة القاهرة «على يد الإرهابيين الذين يستهدفون زعزعة الطلاب وتعكير العملية التعليمية في الجامعات»، على حد وصفه. مؤكدا في بيان له أمس، أن «الإسلام بريء من هذه الأفعال الإجرامية التي ترفضها الإنسانية»، مؤكدا أن «الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه، ومن روع مؤمنا روعه الله يوم القيامة».

وفي جامعة حلوان، قام خبراء المفرقعات بعملية تمشيط بمحيط الجامعة ومن الداخل بأكملها، تحسبا لوجود أي متفجرات. بينما قام عدد من الطلاب، بينهم ملثمون، بإشعال النيران في البوابة الخلفية بالجامعة بعد فشلهم في اقتحامها، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن التي تمكنت من فضهم.

وفي السياق ذاته، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن ملثمين مجهولين يستقلون دراجة نارية ألقوا عبوة مواد حمضية حارقة (مياه نار) على وجه اثنين من أمناء الشرطة بمركز أبشواي بمحافظة الفيوم، مما أدى إلى إصابة الأمينين بحروق في الوجه وأنحاء متفرقة من الجسد، وجرى نقلهما لمستشفى الفيوم العام.