خبير مغربي: الجزائر تعمل كل ما بوسعها لتحريف مسلسل تسوية نزاع الصحراء عن مساره

دعا إلى تسليط الضوء على الانتهاكات بمخيمات «البوليساريو» في تندوف

TT

قال خبير مغربي دولي متخصص في نزاع الصحراء إن الدعوات التي أطلقت من أجل توسيع مهمة بعثة «مينورسو» في الصحراء، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان غير مبررة، لأن الوضع في الأقاليم الجنوبية المغربية، مختلف عما هو موجود في مناطق النزاع الأخرى، لأن الدولة المغربية قائمة الذات، وحاضرة في هذه الأقاليم.

وأضاف أن تدخل هيئات الأمم المتحدة لحماية المدنيين يأتي عندما تتعرض مؤسسات الدولة في بلد ما للانهيار، وأعطى مثالا على ذلك بالوضع في أفريقيا الوسطى.

وأوضح عبد الحميد الوالي أستاذ القانون والخبير الدولي، الذي كان يتحدث، أمس، في لقاء نظمته وكالة الأنباء المغربية في الرباط، أن الصحراء منطقة مفتوحة، وبإمكان أي منظمة حقوقية دولية مثل «أمنستي أنترناشنال»، و«هيومان رايتس ووتش» زيارتها، والأمر نفسه بالنسبة للمراقبين الأمميين، الذين سمح لهم بزيارة المنطقة، في حين أن هذه الإمكانية غير متاحة بالنسبة لمخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر) حيث مقر قيادة جبهة البوليساريو المطالبة بالانفصال عن المغرب، والمدعومة من الجزائر.

واستعرض الوالي في لقائه الدور الكبير الذي تلعبه الجزائر من أجل «تحريف مسلسل تسوية نزاع الصحراء عن مساره الطبيعي»، كما تطرق أيضا لأوجه تقصير المغرب في إدارة الملف. ووصف الدبلوماسية المغربية بأنها «خجولة». وفي هذا السياق، قال الخبير المغربي إن مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب عام 2007 كحل سياسي للنزاع أزعج الجزائر، لا سيما أنه لقي تأييدا دوليا، لذا فهي منذ ذلك الوقت تتحرك من أجل تقويض هذا المقترح، مشيرا إلى أنها لا تتحرك بشكل جلي وواضح بل من خلف الكواليس.

وقال الوالي إن الجزائر تتحرك على محورين؛ الأول يتعلق بمجال حقوق الإنسان عبر تسخير عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، أما المحور الثاني فيتعلق بإثارة موضوع الثروات الطبيعية في الصحراء، وذلك من أجل الإيحاء للمنتظم الدولي أن المغرب لا يوجد فوق أراضيه بل هو دولة مستعمرة. وقال إن الجزائر نجحت إلى حد كبير في هذين الأمرين، بسبب الأموال والاستعانة بالخبراء والمنظمات غير الحكومية.

ووجه الوالي انتقادات إلى كريستوفر روس المبعوث الشخص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وقال إنه لا يقوم بدوره الأساسي فيما يخص تقريب وجهات النظر والوساطة بين طرفي النزاع، بل انشغل بمفاوضات غير رسمية لا طائل من ورائها، وزاد قائلا إن زيارته إلى الصحراء لا تزيد إلا في إشعال النار.

وقارن الوالي بين روس وفان فالسوم المبعوث الشخصي السابق إلى الصحراء، وقال إن هذا الأخير كان واقعيا، لأنه رأى أن الحكم الذاتي هو الحل الواقعي، بيد أن الجزائر نجحت في الضغط، واتهمته بالانحياز للمغرب، إلى أن قدم استقالته.

وقال الخبير المغربي إنه «لا يمكن أن نظل متفرجين، ونرمي الخصوم بالحجارة» فالدولة، في رأيه، لم تستغل كل إمكاناتها من أجل الدفاع عن القضية، وأعطى مثالا على ذلك بالوضع في مخيمات تندوف، الذي لا ينبغي السكوت عنه. وشدد على ضرورة تسليط الضوء على ما يحدث من انتهاكات داخل هذه المخيمات، التي أحدثت في خرق تام للقانون الدولي، إذ جرى ترحيل الصحراويين قسرا إلى مخيمات عسكرية، وإنشاء دولة داخل دولة (الجزائر)، وهي قضية يمكن عرضها أمام المحكمة الجنائية الدولية. ودعا الوالي الأمم المتحدة والدول الكبرى إلى الكفّ عن اللعب بالنار، وتغيير سياستها الحالية بشأن إدارة النزاع في الصحراء، لأنها تخلق الكثير من المشكلات، فالمغرب لن يقبل أبدا انفصال الصحراء، وإذا ما حدث ذلك، فقد يؤدي الأمر، في نظره، إلى نشوب حرب مع الجزائر تمتد إلى المنطقة ككل.

وقال الوالي إن الحكم الذاتي مبادرة شجاعة وليست سهلة، والمغرب قدم تضحيات كبيرة عندما اقترحها، بيد أنه لم تواكبها عقب إعلانها دينامية على مستوى ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعا في هذا الصدد الحكومة ومختلف الفاعلين السياسيين إلى التسريع في تفعيل مقتضيات الدستور الجديد، والتحلي بالمسؤولية والحكمة، لأن الوضع صعب في الصحراء. كما دعا إلى إعادة الدينامية إلى الجهوية الموسعة، وإعادة النظر في التصور التنموي والاقتصادي، الذي اعتمد في الأقاليم الجنوبية، لأن به عدة اختلالات.