صلاحيات واسعة لوزير الخارجية الفرنسي بعد التعديل الحكومي

مهام فابيوس باتت تشمل الدبلوماسية والاقتصاد والتجارة وغيرها

فابيوس
TT

اختار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، معهد العالم العربي ليعلن منه مساء أول من أمس، بمناسبة تدشين معرض «قطار الشرق السريع»، أن صلاحياته الوزارية لا تشمل فقط شؤون فرنسا الخارجية وشؤون التطوير الدولية بل أيضا التجارة الخارجية والسياحة في سابقة لم تعرفها الحكومات الفرنسية من قبل بتاتا. وتقليديا، تعود لوزير الخارجية شؤون الفرنكوفونية وموضوع حقوق الإنسان والشؤون الأوروبية، وإذا جمعت كل هذه الملفات معا، فإن فابيوس لم يعد وزير خارجية فقط بل إنه يتربع على إمبراطورية مترامية الأطراف والمشاغل، تجمع بين الدبلوماسية والسياسة الخارجية والاقتصاد والتجارة وغيرها.

ربح فابيوس معركته ضد وزير الاقتصاد والصناعة أرنو مونتبوغ الذي كانت تعود إليه تقليديا التجارة الخارجية، لكن صاحب مفهوم «الدبلوماسية الاقتصادية» ورئيس الحكومة الأسبق، الذي يشغل الموقع الثاني في الترتيب البروتوكولي الحكومي، نجح في إقناع رئيسي الجمهورية والحكومة بأهمية مد صلاحياته لتشمل التجارة الخارجية والسياحة باعتبار أن هذين النشاطين يتجهان نحو الخارج وأنه من المهم للغاية، في المعركة الاقتصادية التي تخوضها فرنسا في سبيل تحفيز النمو وخفض العجز التجاري، تشكيل «قطب وزاري» واسع الصلاحيات يعمل بشكل مندمج ووفق خطة تشرف على تنفيذها جهة واحدة هي وزارة الخارجية.

وقال رومان نادال، المتحدث باسم وزارة الخارجية أمس، إن الغرض من هذا الإخراج هو «تجميع كافة الوسائل من أجل إعادة إنهاض الاقتصاد الفرنسي»، مضيفا أن المهمات الأساسية التقليدية للوزارة (الأمن والسلام، التعاون العلمي والثقافي، المسائل البيئية والمناخية والتنمية...) ستبقى في «قلب» مهمات وزارة الخارجية. وبرأيه، فإن الترتيبات الجديدة تستهدف توفير الانسجام في العمل الحكومي والفعالية في الأداء.

بيد أن ما لم يقله المتحدث باسم الخارجية هو أن فابيوس وزير ناجح وفق ما تدل عليه استطلاعات الرأي العام لا بل إن بعض ما أجري منها يظهر أن شعبيته تتفوق على رئيس الوزراء الجديد مانويل فالس. ويعد فابيوس إحدى الركائز الصلبة التي يعتمد عليها رئيس الجمهورية بفضل خبرته السياسية وتجربته الواسعة، إذ تنقل تقريبا في كافة المناصب وشغل تباعا وزارات المال والاقتصاد والصناعة والبحث العلمي قبل أن يعينه الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران رئيسا للحكومة في سن التاسعة والثلاثين من عمره وهو بهذه الصفة كان أصغر رئيس حكومة تعرفه فرنسا. ولاحقا أصبح فابيوس الأنيق الملبس رئيسا للمجلس النيابي قبل أن يقبل منصب وزير الاقتصاد في حكومة رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان. ومنذ سنوات طويلة، يشغل فابيوس من غير انقطاع منصب نائب في البرلمان عن منطقة روان (شمال فرنسا).

بيد أن حياة فابيوس السياسية لم تكن دائما زهرية اللون، إذ مر بتجارب صعبة لعل أسوأها ما يسمى فضيحة «الدم الملوث» التي حصلت خلال توليه رئاسة الحكومة والتي حوكم بسببها أمام المحكمة الخاصة بالوزراء والرؤساء. بيد أن المحكمة بيضت صفحته وبرأته من أي تهمة أو مسؤولية. لكن القضية تعود إلى الواجهة كلما جرى الحديث على وزير الخارجية الذي سعى في عام 2007 إلى الترشح عن الحزب الاشتراكي للمعركة الرئاسية لكنه خسر المنافسة التي فازت بها سيغولين رويال، رفيقة درب الرئيس هولاند السابقة ووزير البيئة في الحكومة الجديدة.

خلال الأسابيع الماضية، طرح اسم فابيوس مرشحا لرئاسة الحكومة إلى جانب مانويل فالس ومارتين أوبري. وعندما كانت المسألة تثار أمامه، كان جوابه الثابت: «أنا سعيد حيث أنا». لكن ظروف الهزيمة التي لحقت بالاشتراكيين في الانتخابات البلدية الأخيرة، حتمت على هولاند أن يستدعي مانويل فالس ويسلمه مفاتيح القصر الحكومي ليبقي على فابيوس وزيرا للخارجية مع توسيع صلاحياته بشكل لا مثيل له.

يرتبط فابيوس وهولاند بعلاقات معقدة. الأول، لم يكن أبدا من الذين يرتبطون بعلاقات حميمية مع الثاني ولم يكن ينظر إليه على أنه مرشح جدي للرئاسة. لكن منذ وصول هولاند إلى قصر الإليزيه وفابيوس إلى وزارة الخارجية، نشأت بين الاثنين علاقات ثقة وتعاون وتفاهم. ولولا ذلك لما استطاع فابيوس البقاء في منصبه لأن الدستور الفرنسي ينص على أن رئيس الجمهورية هو من يرسم السياسة الخارجية كما أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة. وتعد السياسة الخارجية عرفا من صلاحيات الرئيس. لكن هولاند عرف كيف يترك لوزير خارجيته هامشا من المبادرة. وبعد عامين من الممارسة، لم يخرج أبدا إلى العلن أي خلاف بين الرجلين.