تحذير أميركي من السفر عبر مطار بغداد بسبب «تهديد محدد»

معاون مدير الخطوط الجوية العراقية: لا علم لنا بهجوم وشيك

TT

حذرت السفارة الأميركية لدى العراق رعاياها من السفر عبر مطار بغداد حتى الثامن من الشهر الحالي بسبب معلومات بشأن «تهديد محدد» للأمن قبل الانتخابات التي ستجرى في 30 أبريل (نيسان) الحالي.

وقالت السفارة في بيان إنها حظرت على العاملين لديها استخدام مطار بغداد الدولي «في الوقت الراهن»، وحثت المواطنين الأميركيين في جميع أنحاء العراق على توخي الحذر. وجاء في البيان الذي نشر على موقع السفارة على الإنترنت وأوردته وكالة رويترز: «ينصح الرعايا الأميركيون بتجنب لفت الأنظار وتغيير أيام وتوقيتات ومسارات سفرهم، بالإضافة لتوخي الحذر أثناء القيادة وعند دخول سياراتهم أو الخروج منها».

من جهتها، أعلنت الخطوط الجوية العراقية استمرار حركة الطيران بشكل طبيعي وطبقا للجداول المعدة مسبقا، نافية وجود أي معلومات أو مؤشرات على إمكانية تعرض مطار بغداد لأي عمل إرهابي وشيك.

وقال مجيد العامري، معاون مدير الخطوط الجوية العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لا علم لنا بما أصدرته السفارة الأميركية، وهو أمر إن حصل يخصهم وحدهم؛ إذ إن طائراتنا مستمرة في نقل المسافرين من بغداد إلى مختلف أنحاء البلاد وكذلك إلى العالم، كما أننا نستقبل الطائرات من كل مكان»، مشيرا إلى أن «أسطولنا الجوي يسير بشكل طبيعي وحسب الجداول المتفق عليها، ولا توجد أية مؤشرات بخلاف ذلك».

ويتوقع مسؤولون أمنيون ارتفاع وتيرة العنف في العراق قبل الانتخابات، فيما تسعى الجماعات المسلحة التي بدأت تستعيد نفوذها، لعرقلة عملية التصويت أو التقليل من شأنها، في حين أعلنت الأمم المتحدة أن 592 عراقيا قتلوا في أعمال عنف وقعت خلال الشهر الماضي. وقتل عشرة أشخاص في هجمات استهدفت أمس مناطق متفرقة في العراق، حسب مصادر أمنية وطبية. وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مسلحين مجهولين قتلوا فجر اليوم (أمس) ستة أشخاص بالسكاكين»، لافتا إلى أن الهجوم وقع في ناحية اللطيفية (40 كلم جنوب بغداد). من جانبه، تحدث مسؤول محلي، مفضلا عدم كشف اسمه، عن قيام مسلحين يرتدون ملابس سوداء باغتيال ستة أشخاص بالرصاص بعد اقتيادهم من منازل متفرقة في اللطيفية من دون تفاصيل إضافية. وأكدت مصادر طبية تلقي جثث ستة أشخاص من عائلات سنية تسكن ناحية اللطيفية ذات الغالبية السنية التي كانت إحدى مناطق «مثلث الموت» إبان موجة العنف الطائفي التي اجتاحت العراق بين عامي 2006 و2008.

وفي كركوك (240 كلم شمال بغداد) قال اللواء الركن محمد خلف، من الجيش العراقي: «قتل ثلاثة مدنيين في هجوم نفذه مسلحون يرجح أنهم من تنظيم (داعش)». كما أصيب اثنان من عناصر حماية موكب المفتش في وزارة الداخلية العقيد حمد خلف، بانفجار عبوة ناسفة على طريق رئيس جنوب مدينة كركوك، وفق مصادر أمنية وطبية.

وفي هجوم آخر، قتل ضابط برتبة ملازم في الشرطة وأصيب اثنان من الشرطة بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم في ناحية بادوش إلى الغرب من الموصل (350 كلم شمال بغداد)، وفقا لمصادر أمنية وطبية.

وفي تكريت (160 كلم شمال بغداد) أصيب سبعة من عناصر الشرطة في هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة استهدف بناية قيد الإنشاء تابعة للشرطة في وسط المدينة، وفقا لضابط برتبة رائد في الشرطة ومصدر طبي.

من ناحية ثانية، قال محللون ومسؤولون إن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» فتح جبهة جديدة في مواجهة قوات الأمن العراقية بهدف التقدم نحو بغداد لتخفيف الضغط الذي يواجهه في الفلوجة المحاصرة. وتعكس محاولة التقدم التي قامت بها عناصر «داعش» في قضاء أبو غريب والمواجهات التي تبعتها في منطقتي زوبع والزيدان، وفشلهم في السيطرة على معسكر في منطقة اليوسفية في أطراف بغداد، طموح هذه الجماعة رغم الحصار الذي تواجهه في الفلوجة. وأكثر ما يثير القلق هو قدرات «الدولة الإسلامية» التي قامت بعرض عسكري شاركت فيه عشرات السيارات الأسبوع الماضي في وضح النهار في أبو غريب (20 كلم غرب بغداد)، كما ذكر شهود عيان وشريط فيديو نشر على موقع «يوتيوب».

وأكد ضابط في الجيش العراقي أن عناصر «داعش» يحاولون فك الضغط المفروض عليهم في الفلوجة وبدأوا التحرك ضد القرى الرخوة الواقعة بين الفلوجة وبغداد ومهاجمة وحدات الجيش. وخرجت الفلوجة وأجزاء من الرمادي عن سلطة «الدولة». وتقع المدينتان في محافظة الأنبار التي تتشاطر حدودا مع سوريا. وتخوض قوات الجيش العراقي معارك في المحافظة سمحت باستعادة مناطق كثيرة في الرمادي، لكنها ما زالت تواجه صعوبات في الفلوجة التي تواصل حصارها وقصف أهداف داخلها.

لكن خلال الأسبوع الماضي خاضت القوات العراقية معارك شرسة في منطقتي زوبع والزيدان في أبو غريب التي تقع بين بغداد والفلوجة. وأسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 50 جنديا بجروح، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الصحة.

ويقول تشارلز ليستر الأستاذ الزائر في مركز «بروكينغز - الدوحة» إن «الهدف على ما يبدو هو أن تستخدم الأنبار قاعدة لتوسيع العمليات ضد الحكومة الاتحادية». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ليستر أن «العرض الكبير في أبو غريب بصورة خاصة، يجسد الحجم الهائل لقدرة عناصر (الدولة الإسلامية في العراق والشام) التي باتت على ما يبدو تعمل بحرية كاملة في المناطق السنية في البلاد». وأشار إلى أن «القوات العراقية تواجه تحديات صعبة لمواجهة عناصر (الدولة الإسلامية) الذين باتوا يتوسعون في العراق».

لكن مسؤولا أمنيا عراقيا رفيعا أكد أن التوجه نحو بغداد مصيره الفشل، عادّا أن فتح جبهة جديدة دليل على فشل وليس على قوة. وقال سعد معن، المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد، إن «عناصر (داعش) يحاولون التقدم باتجاه مناطق زراعية وعرة للتنفس بعد محاصرتهم في الفلوجة، ومن أجل الحصول على موطئ قدم في حال اقتحام الفلوجة». وأضاف أن «دخولهم إلى بغداد حالة مستحيلة، وهذا شي غير منطقي. فهم لا يملكون هذه القوة التي تمكنهم، ولدينا قوات عسكرية كافية لردعهم والتصدي لهم». وأشار إلى أن «القوات العسكرية تقوم بصورة يومية بعمليات ضد (داعش) في أطراف مدينة الفلوجة وتوقع فيهم خسائر».

بدوره، قال مسؤول أمني عراقي إن «حصار الفلوجة سيبقى مستمرا، وعناصر (داعش) يحلمون بفك الحصار عن المدينة»، عادّا أن «العمليات التي يحاولون شنها قرب حزام بغداد الذي يتمتعون فيه بحواضن، لن تؤثر على العمليات الجارية في الفلوجة التي تسير وفق الخطط المرسومة». وأضاف أن «حصار الفلوجة مستمر حتى تستنزف قواتهم التي جمعوها هناك»، مشيرا إلى أن «الفلوجة أصبحت المعقل الأخير لـ(داعش) في الأنبار».

ويتقاسم تنظيم «داعش» الذي تجاوز في تطرفه تنظيم القاعدة الأم، مناطق النفوذ في مدينة الفلوجة مع «المجلس العسكري» الذي يضم فصائل مسلحة أخرى بينها «القاعدة». وكانت الفصائل المسلحة التي تسيطر على مدينة الفلوجة منذ عدة أشهر توصلت إلى اتفاق يقضي بتقاسم مناطق النفوذ وشطرها إلى جزأين؛ شمالي وجنوبي، بحسب ما أفاد شهود من المدينة. ويفرض المجلس العسكري الذي يضم تنظيم القاعدة (أيمن الظواهري) و«كتائب ثورة العشرين» و«الجيش الإسلامي» و«جيش العزة»، سلطته على الجزء الشمالي للمدينة، بينما تنتشر عناصر «داعش» في الجزء الجنوبي للمدينة التي تحاصرها القوات الأمنية من جميع الجهات.