بدو غور الأردن يؤكدون أنهم سيبقون «شوكة في حلق الإسرائيليين»

سكان خربة عين كرزلية يجدون أنفسهم من دون مأوى للمرة الثالثة هذا العام

TT

وجد سكان خربة عين كرزلية شمال غور الأردن أنفسهم من دون مأوى للمرة الثالثة هذا العام بعد أن هدمت جرافات إسرائيلية الخيم التي يقيمون فيها، في مشهد يتكرر في هذه المنطقة المثيرة للجدل في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

ويتساءل عطية بني منة «ماذا تريد إسرائيل منا؟». ويقيم 25 شخصا في الخربة وينتمون إلى عائلة واحدة مؤلفة من ثلاثة أشقاء وعائلاتهم في خيم من دون كهرباء أو ماء ويعتمدون على تربية الماشية. وتعتمد العائلة على نبع مياه صغير لتوفير احتياجاتها بينما الأغنام في خيمة قريبة.

وتقع الخربة وسط منطقة «إطلاق نار» يستخدمها الجيش الإسرائيلي في تدريبات عسكرية وهي واحدة من عدة مناطق محظورة على الفلسطينيين في غور الأردن.

ويشير الرجل الخمسيني الملتحي «نحن لا نضر أحدا فلماذا يطاردوننا في الجبال؟ هذه منطقة خالية ولكنهم يجلبون دبابات وجرافات وقوى من الجيش لإزالة البيوت من هذا الوادي»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويؤكد بني منة أنه سيبقى في المنطقة حتى لو اضطر هو وعائلته إلى النوم في العراء، مضيفا: «بعد عملية الهدم الأولى نمنا في العراء لمدة عشرة أيام، وهذا أمر طبيعي. نحن معتادون على ذلك ولا مشكلة لدينا في النوم في العراء». ويتابع: «لن نترك الأرض مهما حاولوا طردنا وسنبقى شوكة في حلق الإسرائيليين. هذا وطننا وهذه أرضنا ولن نتركها، ليس لنا وطن آخر».

وتصدر إسرائيل باستمرار أوامر بهدم منازل هشة يسكنها بدو مؤكدة أنها غير قانونية. لكن الفلسطينيين يؤكدون أن إجراءات إسرائيل هذه تندرج في إطار خطة لطرد سكان المنطقة لضمها إلى الدولة العبرية.

وقال المتحدث باسم الإدارة المدنية الإسرائيلية إنه في قضية خربة عين كرزلية فإن «المنشآت المعنية غير قانونية. بنى هؤلاء في منطقة تدريب على إطلاق النار من دون ترخيص، وأزيلت بعد أن رفضت المحكمة العليا الالتماس المقدم».

ويقع 90 في المائة من منطقة غور الأردن في المنطقة المصنفة «ج» التي تخضع بشكل كامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي ولا تمنح فيها تراخيص بناء إلا نادرا ما يضطر السكان الفلسطينيين إلى البناء من دون تراخيص بحسب الفلسطينيين ومنظمات حقوق الإنسان.

وتشير دراسة نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في مارس (آذار) الماضي إلى أن عدد السكان الفلسطينيين في المنطقة «ج» يناهز 300 ألف شخص أي ضعف التقديرات الأخيرة التي أجريت عام 2008. ويقيم أكثر من 18 ألف شخص في منطقة غور الأردن في 68 منطقة مأهولة بما في ذلك 54 من المجتمعات البدوية أو تلك التي تعتمد على رعاية الأغنام.

ويطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بالحفاظ على انتشار عسكري إسرائيلي بعيد الأمد في منطقة غور الأردن على طول الحدود مع الأردن، مستبعدا ترك مسؤولية الأمن في هذه المنطقة لقوة دولية وافق عليها الفلسطينيون أو لقوة فلسطينية - إسرائيلية مشتركة، وهو ما يرفضه الفلسطينيون بشكل قاطع باعتباره استمرارا للاحتلال وانتقاصا من سيادتهم.

وتفيد أرقام صادرة عن الأمم المتحدة أن عمليات الهدم وصلت العام الماضي إلى أعلى مستوياتها منذ خمس سنوات حيث هدمت 390 منشأة فلسطينية مقابل 172 منشأة هدمت عام 2012.

وبحسب المحامية يائيل ستاين التي تعمل في منظمة بيتسيلم الحقوقية الإسرائيلية فإن «إسرائيل تتعامل مع غور الأردن كأرض إسرائيلية (...) وترفض منذ سنوات التخطيط لبيوت الفلسطينيين وربطها بالمياه».

وأضافت: «في الوقت ذاته، تمنح شروطا سخية للغاية للإسرائيليين المقيمين في هذه المنطقة وثمة تمييز صارخ»، في إشارة إلى وجود 9500 مستوطن إسرائيلي في المنطقة.

وتبدو الاختلافات في مستوى المعيشة بين سكان غور الأردن من الفلسطينيين والمستوطنات كبيرة جدا، إذ تحقق المستوطنات الزراعية هناك عائدا سنويا يصل إلى 600 مليون شيقل (172 مليون دولار)، بحسب تصريحات أدلى بها رئيس مجلس مستوطنات غور الأردن لصحيفة هآرتس الإسرائيلية.

وقرب مدينة أريحا الفلسطينية في مستوطنة نعماه الإسرائيلية، يهتم المستوطن إينون روزنبلوم بمزروعاته من النعناع والخيار والريحان العضوي.

ويقول المستوطن الآتي من حيفا الذي جاء عام 1982 إلى غور الأردن: «انتقلت إلى هنا بدعم من الدولة ولكن أيضا من حقي أن أعيش هنا». ويؤكد روزنبلوم الذي يوظف 20 عاملا فلسطينيا «هناك ثلاثة كنس يهودية في أريحا عمرها أكثر من ألفي عام ما يثبت أن لدي جذورا هنا»، ويضيف: «الفلسطينيون لديهم حقوق أيضا وأنا أوافق تماما على ذلك ولكن قبل كل شيء هناك حقوقي أنا». ويتابع: «لا أعتقد أبدا أن غور الأردن سيكون جزءا من الدولة الفلسطينية».