مقتل ثلاثة في تجدد اشتباكات قبلية بأسوان.. والحكومة المصرية تدرس حظر التجوال

خلافات «النوبيين» و«الهلايل» تتسبب في قطع طرق رئيسة جنوب البلاد

سيدات يمررن بجوار إحدى مدرعات الجيش في مدينة أسوان أمس عقب اشتباكات قبلية عنيفة مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات (أ.ب)
TT

قتل ثلاثة مواطنين أمس في تجدد لاشتباكات قبلية في محافظة أسوان جنوب مصر، في وقت أفادت فيه مصادر مسؤولة أن الحكومة تدرس فرض حظر التجوال بالمحافظة، بعد فشل محاولات لتهدئة الخلافات بين قبيلتي «النوبيين» و«الهلايل»، وهو ما أدى أمس أيضا لقطع طرق رئيسة في أسوان، من بينها خطوط السكك الحديدية الرئيسة التي تربط المحافظة بشمال مصر.

وكانت اشتباكات اندلعت بين العائلتين منذ يوم الجمعة الماضي وأسفرت عن مقتل 23 وإصابة 40 آخرين، بحسب إحصائية مديرية الصحة بأسوان. وذكر مصدر أمني أن الاشتباكات اندلعت «بسبب خلاف نشب بين طلاب ينتمون للقبيلتين في مدرسة صناعية عقب معاكسة إحدى الفتيات، وقيام كلا الطرفين بكتابة عبارات مسيئة ضد الطرف الآخر على جدران المنازل والشوارع في نجع الشعبية بمنطقة السيل الريفي».

وتجددت، أمس (الأحد)، المناوشات بالأسلحة النارية بين القبيلتين، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص جدد، جرى نقلهم إلى مستشفى أسوان الجامعي، إضافة إلى نحو عشرة مصابين. وقال شاهد عيان إن «الاشتباكات وقعت في عدد من المناطق القريبة من موقع الاشتباكات، وسمع دوي لإطلاق النار في شارعي 8 و9 بالسيل الريفي، كما تردد سماع دوي لإطلاق نار بمنطقة مشرحة أسوان».

ويأتي هذا وسط أنباء عن اتجاه السلطات المصرية لفرض حظر التجول في المحافظة، بسبب تجدد الاشتباكات بين القبيلتين. وقال مصدر مسؤول في المحافظة لـ«الشرق الأوسط»، إن «محافظ أسوان مصطفى يسري أجرى اتصالا برئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وطلب فرض حظر التجوال في المحافظة بأكملها»، مضيفا أن «رئيس الوزراء يتابع الموقف بنفسه ووعد بدراسة الطلب من الناحية الأمنية».

وبينما تحدث شهود عيان أمس عن «انسحاب الأمن من موقع الأحداث في منطقة السيل الريفي، وقيام أبناء القبيلتين بقطع الطرق الرئيسة في أسوان وحرق عدد من سيارات المواطنين وقطع خطوط السكك الحديدية وإشعال النار في أكثر من ثمانية منازل»، قالت مصادر أمنية في أسوان لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الأمن فرضت السيطرة الأمنية بصوره كاملة على المحافظة»، لافتة إلى أن الأمن سيعمل على منع تجدد الاشتباكات مرة أخرى.

واستمعت النيابة لأقوال عدد من شهود العيان والمصابين في الأحداث، والذين أدلوا بأسماء ومواصفات عدد من المتهمين. ومن جانبه، قال مصدر قضائي في أسوان إن «المستشار هشام بركات، النائب العام المصري، انتقل إلى أسوان لمتابعة التحقيقات في الأحداث، وإن النيابة أمرت بضبط وإحضار 12 متهما في الأحداث». وقالت النيابة إنه «من مناظرة الجثث تبين أن الوفاة ناتجة عن الإصابة بطلقات نارية وآثار ذبح وطعن بآلات حادة».

وزار محافظ أسوان منطقة السيل الريفي والمناطق المحيطة بها أمس، للاطمئنان على استقرار الأوضاع الأمنية، وطالب قوات الأمن بتنظيم دوريات على مدار اليوم من القوات المسلحة والشرطة لتمشيط كافة مداخل ومخارج منطقة السيل الريفي لبسط الأمن بالشكل المطلوب ومنع وقوع أي مناوشات أو احتكاكات لعبور هذه الفترة الحرجة، موضحا أنه من المقرر عقد اجتماع موسع مع الجهات الأمنية والمعنية لتشكيل لجنة تقصي الحقائق التي أقرها رئيس الوزراء لسرعة الوصول إلى الأسباب الحقيقية وراء الأحداث، لكن شهود عيان قالوا إن «أهالي القبيلتين منعوا المحافظ من الوصول إلى منطقة الأحداث، وهتفوا ضده وضد الشرطة».

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا «طائرات عسكرية في سماء مدينة أسوان أمس، بعد سماع دوي إطلاق نار عشوائي في عدة مناطق بالمدينة، وانتشرت قوات الشرطة ومدرعات الجيش على مداخل ومخارج الشوارع المؤدية إلى منطقة السيل الريفي لتأمينها ومنع تجدد الاشتباكات».

وأضاف أحد شهود العيان أن «الأحداث تجددت أمس بعد انسحاب الشرطة من منطقة السيل.. وكبار العائلات والقيادات الشعبية والأمنية يكثفون جهودهم للتهدئة بين طرفي النزاع، وبدأوا في زيارات بين كبار العائلات وجمعيات أبناء دابود وبني هلال لإقناعهم بتسلم جثث الضحايا ودفنها».

وأكد محمد توفيق، أحد الشهود، إن «أسوان أصبحت معزولة الآن بعد أن قطع أبناء القبيلتين طريق أسوان القاهرة الرئيس عند مدخل مدينة أسوان، وقطعوا طريق الكورنيش وأحرقوا عددا من السيارات وقطعوا خطوط السكة الحديد، وأن شوارع أسوان خلت من المارة خوفا من أحداث العنف»، فيما قالت مصادر محلية إنها «أوقفت حركة القطارات من وإلى أسوان حفاظا على حياة المواطنين».

من جهتها، قررت جامعة أسوان برئاسة الدكتور منصور كباش، تعليق الدراسة في كليات الجامعة لمدة يومين اعتبارا من اليوم (الاثنين)، نظرا للظروف الراهنة التي تشهدها مدينة أسوان بسبب الاشتباكات.

في غضون ذلك، طالب الأزهر الشريف أطراف النزاع في أسوان بأن يحقنوا دماءهم، وأن يجلسوا فورا إلى حكمائهم لإزالة أسباب الكراهية والبغضاء بينهم، وأن يفسحوا لسيادة الشرع والقانون بينهم. وقال الأزهر في بيان له أمس، إنه «وهو يتابع آثار العصبية البغيضة وخطوات الشيطان التي تسيطر على مجرى الأحداث في أرض يعرف عن أهلها منذ القدم طيب النفس وشهامة الخلق، ليتألم ألما شديدا من التهوين والاستخفاف بالدماء التي تنزف على الأرض». وتابع البيان: «يثق الأزهر الشريف في قدرة أهل الحكمة والإصلاح في احتواء الشقاق ورأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد».