هل كان للمرأة دور محوَري في إطلاق ظاهرة ما عرف بـ«الربيع العربي»؟

لا.... الثورات فاجأت المرأة العربية وكثيرات لم يُدركن ما سينتج عنها

TT

لم تكن المرأة العربية في العموم تتوقّع حجم الموجة التي ضربت دول «الربيع العربي». وفيما عدا بعض الاستثناءات في بعض المناطق والمدن في هذه الدول، فوجئت المرأة بما حدث، لكنها مع ذلك انخرطت في مظاهرات الشوارع واعتصامات الميادين. أي أنها تحوّلت إلى شريكة بعد نزولها إلى الساحات وإلقائها الخطب في التجمعات، وتفاعلها مع الشباب وغير الشباب في الساحات.

حين انطلقت الدعوة للمظاهرات في بداية «الربيع العربي»، تبنّى هذا الموضوع أولا، وفي كثير من البلدان، الشباب، بغض النظر عن أن الوضع كان مختلفا في جنوب اليمن، حيث كانت المرأة مبادرة في الخروج إلى الميادين والشوارع قبل الرجل بحثا عن مستقبل سياسي وأمان اجتماعي أفضل.

وبعد الخروج الكبير للمتظاهرين واعتصامهم في الساحات، بدأ دور المرأة يبرز من خلال المساعدة في توفير سبل الإعاشة للمعتصمين في الميادين، سواء عبر توفير الطعام أو الخيام والتطوع في عمليات إسعاف الجرحى ورعاية المصابين وغيرها. في عدة مدن عربية في دول الربيع كان دور المرأة «دورا مساعدا» أكثر منه دورا محوريا. لكن الأمر تطوّر بعد ذلك، وأصبحت المرأة تلقي المحاضرات على المعتصمين وتشجّعهم وتشدّ من أزرهم.

المرأة العربية عموما لم تكن جاهزة لما حدث في «الربيع العربي». ويمكن أن نقول إنها تفاجأت بالثورات، مع ملاحظة أنه، فيما يتعلق باليمن، كان الوضع في الجنوب مختلفا عن الوضع في الشمال. في الجنوب خرجت المرأة أولا. وبعدها لحق بها الكثير من الرجال. لكن إذا قست الأمر على جميع بلدان «الربيع العربي»، فإن الذي حدث هو خروج الرجال أولا، ثم لحقت بهم المرأة بعد ذلك. حدث هذا في تونس ومصر وليبيا وسوريا.

معظم الحركات التي تشكلت في دول «الربيع العربي»، خاصة بعد عام 2005، وبالأخص في مصر، كان الطابع العام يغلب عليه الرجل لا المرأة، وهذا مع أنها كانت أكثر الفئات اضطهادا. وربما يرجع تردّدها بالمشاركة على نطاق واسع منذ البداية لكونها لم تكن تدرك في تلك اللحظات الفارقة ما يمكن أن تؤدي إليه الثورات وماذا سيترتّب عليها. ولهذا كان يمكن ملاحظة الزخم الثوري عند الرجال أكثر منه عند المرأة في الفترة التي سبقت انطلاق «الربيع العربي».

إلا أنه مع اتساع نطاق الاحتجاجات وتحوّلها إلى معركة مصير مع أنظمة الحكم، بدأت المرأة تخرج في المسيرات والمظاهرات وترفع الشعارات جنبا إلى جنب الرجل. ولا يمكن أن ينسى مَن تابع تلك الأيام مشاركة المرأة بشكل قوي في المساعدة في الساحات ونصب الخيام وإلقاء الخطب وتأسيسها للكثير من التحالفات، وهذا كان في جنوب اليمن وفي شمالها.

المشكلة اليوم أن الإحباط أصاب الكل بعد مرور أكثر من سنتين على انطلاق ثورات «الربيع».. ومع ذلك المرأة إلى حد ما، ما زالت، تحاول أن تحقّق الأهداف التي خرجت من أجلها. على أي حال.. اليوم يمكن أن نقول إن الإحباط أصاب الجميع؛ نساءً ورجالا، بسبب الفوضى والعبث في اليمن.. هذه أمور تدفع بك مباشرة إلى حالة الإحباط. الحقيقة هي أنه لا توجد دولة.. هكذا كنا منذ سنوات، وما زلنا.. نحن اليوم مقسّمون إلى أقاليم، ولا نعرف بعد ماذا سيكون عليه وضع هذه الأقاليم.. صار كل الوضع فوضويا وعشوائيا.

وبسبب فقدان النظام وغيبة الدولة وسيادة القانون، عادت المرأة تعاني مرّة أخرى في اليمن. كما أن المرأة في دول «الربيع العربي» الأخرى ما زالت تعاني ولم تحقق ما كانت تصبو إليه، سواء في التمثيل في البرلمان أو في السلطة القضائية أو في تعيينات الحكومة أو الانتخابات الرئاسية.. حتى في مصر لم نسمع عن امرأة مرشحة للرئاسة.

* كاتبة يمنية