هل أدت هذه الظاهرة بصفة عامة إلى تحسين وضع المرأة؟

لا... لأن تمثيلها في العديد من المواقع النيابية والتنفيذية ما زال «ديكورا»

TT

مع تولي كل رئيس أو كل رئيس حكومة شؤون دولة من دول «الربيع العربي» كنا نتوقّع أنه سيكون للمرأة دور أكبر، سواء في مصر أو ليبيا أو تونس أو غيرها. لكن، للأسف، هذا لم يحدث منذ قيام الثورات في مطلع 2011 حتى اليوم. وإن حدث فإنه لا يزيد عن كونه «لذر الرماد في العيون» كما يقولون. وشاهدنا في كثير من الأحيان الدفع بالمرأة في بعض المواقع ليس لكفاءتها ولكن لمجرد شكل «ديكوري» (زخرفي) للقول بأن المرأة موجودة.

على الجانب الآخر.. المرأة لا تدافع عن حقها في المشاركة السياسية أو غيرها، سواء في اتخاذ القرارات أو في الحكومة، بل يجري التعامل مع الوضع لمجرد «وجود امرأة» وليس شرطا أن تكون امرأة كفوءة قادرة على التعبير ليس فقط عن مصالح المرأة وحقوقها، ولكن أيضا عن مصالح المجتمع وحقوقه. ولذلك ما يحدث اليوم، وحتى هذه اللحظة، لا يزيد عن كونه شكلا «ديكوريا» تقوم به الحكومات وبطريقة مجحفة أيضا.

في مصر، مثلا، وضع المرأة من المشاركة الحقيقية غير مشرّف. وحدث هذا في كل المجالس التي تكونت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أكان مجلس النواب أو الشورى أو «لجنة المائة» أو «لجنة الخمسين لوضع الدستور»، أو حتى في الوزارات الحكومية.

ومن المعروف أنه لا توجد مؤشرات ولا دراسات تتحدّث عن حجم مشاركة المرأة في ثورات «الربيع العربي»، بيد أنها كانت مشاركة في حركة حقوق المرأة بشكل كبير، وكانت مشاركة في الحركات المدنية بشكل عام أيضا، سواء للدفاع عن الطبقات الاجتماعية فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية أو غيرها. كان لها دور. لكن هل هي السبب؟ لا يمكن أن تقول إن قضايا المرأة فقط هي التي أدّت لقيام الانتفاضات العربية، أو أن دورها هو الدور الأوحد.

السبب أكبر من ذلك، إذ خرج العديد من الحركات.. وكانت هناك قضايا أخرى كبيرة. قضايا خاصة بالديمقراطية ومحاربة الفساد والتخلّص منه، وكلها قضايا تمسّ الرجل والمرأة على حد سواء. والمرأة كانت جزءا لا يتجزّأ من هذه الحركة. دور المرأة ودور الرجل جاءا في سياق حركات مدافعة عن حقوق المرأة أو حركات مدافعة عن المرأة فقط. ومع ذلك كنت تجد المرأة في الحركات النقابية وفي الحركات الحقوقية والشبابية التي ظهرت وفي الجمعيات أيضا، إلا أنه لم يكن هناك تسليط للضوء على دور المرأة بشكل منصف قبل 25 يناير 2011.

واليوم حين تنظر ترى أن تمثيل المرأة للأسف ما زال منقوصا، وما زال يعاني من النظرة البطريركية/ الأبوية.

هذا موجود حتى على مستوى الليبراليين أنفسهم الذين يقولون إنهم مع وجود المرأة ومع تمثيلها. «لجنة الخمسين لوضع الدستور» في 2013، كان رأيها كرأي «لجنة المائة» لوضع دستور 2012، ويلخص ذلك عدم رغبة اللجنتين في كتابة نص دستوري بوجود تمثيل متناسب ومتوازن للمرأة.

للأسف الثقافة البطريركية تجاه المرأة لم تكن تقتصر على بعض التيارات الإسلامية، بل، كما قلت، موجودة لدى بعض التيارات الليبرالية أيضا، وعلى كل المستويات. وإذا جرى تمثيل للمرأة فيكون في معظمه وفقا للمعارف والشِّلل.. وليس الكفاءة. وهذا ينطبق على الحالات المصرية والتونسية والليبية واليمنية كذلك.

هذا مع العلم أنه، قبل 25 يناير 2011، ما كان يوجد مثل هذا الوعي الذي رأيناه متجليا بعد يناير، أو مثل هذا التسييس الموجود على مستوى حركة المجتمع اليوم. ومع ذلك كان هناك العديد من الشخصيات المصرية النسائية التي لعبت أدوارا كبيرة قبل انتفاضات «الربيع العربي»، غير أن قطاعات من الرأي العام لم تتعرّف على مثل هذه الشخصيات النسائية إلا بعد اندلاعه.

دور المرأة في هذه الانتفاضات كان كبيرا جدا، قد يكون أكبر من دور الرجل، ومع ذلك هذا لم يترجم بعد ذلك في أي تغيير. بالعكس.. تحدث ردة في كثير من الأحوال في حقوق المرأة.

وكما رأينا، على سبيل المثال، كان التحرّش بالمرأة موجودا في أيام الإخوان، وكان الإخوان يبرّرون هذا بأن ملابس المرأة وخروجها من البيت هما السبب. والآن ما زال التحرّش موجودا - كما رأينا أخيرا - في الجامعة، ومجددا يقول البعض، من التيار الليبرالي، إن المسؤول هو المرأة نفسها وطريقة ارتدائها لملابسها.

* عضو «لجنة تأسيس دستور 2012» في مصر