عشرات يعتصمون أمام القصر الرئاسي عقب تأييد حبس ثلاثة نشطاء مصريين

محامي المتهمين: إسقاط القانون سبيلنا الوحيد والجلسة لم تستغرق دقيقة واحدة

أعضاء من حركة شباب 6 أبريل خلال تظاهرهم أمام نقابة الصحافيين بالقاهرة للمطالبة بالإفراج عن النشطاء المحبوسين أول من أمس (رويترز)
TT

أيدت محكمة مصرية أمس حكما بحبس ثلاثة من أبرز الناشطين خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 لمدة ثلاث سنوات وتغريمهم ماليا، لإدانتهم بخرق «قانون التظاهر»، بينما بدأ عشرات من الناشطين الاعتصام أمام قصر الاتحادية الرئاسي، مساء أمس، احتجاجا على الحكم. وقال عضو في فريق دفاع النشطاء لـ«الشرق الأوسط» إن الحكم قابل للطعن، لكن إجراءاته تتطلب وقتا طويلا قد يتجاوز العام، داعيا إلى إسقاط القانون الذي صدر قبل أشهر وتسبب في إثارة الجدل في البلاد.

وقضى النشطاء الثلاثة وهم: أحمد دومة المدون والناشط السياسي الشاب، وأحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل، ومحمد عادل القيادي بالحركة، أربعة أشهر في الحبس على ذمة القضية. وأشار عمرو إمام محامي المتهمين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك يعني أنهم قد يقضون ما يزيد على نصف مدة العقوبة قبل أن تنظر محكمة النقض في القضية.

وصدر الحكم على دومة وماهر وعادل نهاية العام الماضي، وأيدت محكمة جنح مستأنف عابدين أمس الحكم الأول ورفضت طعن النشطاء عليه. ويعد النشطاء الثلاثة من بين أبرز الدعاة إلى ثورة «25 يناير» التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك. وكانت المحكمة الأولى قد قضت على النشطاء الثلاثة أيضا بغرامة قدرها 50 ألف جنيه (نحو سبعة آلاف دولار) على كل منهم، كما أمرت بوضعهم تحت المراقبة عقب تنفيذ الحكم لمدة مماثلة لمدة العقوبة، ويعني تأييد الحكم أمس سريان تلك العقوبات أيضا على المدانين. ووصف إمام الحكم بـ«السياسي»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه قبل يومين فقط صدر حكم بالبراءة على نشطاء آخرين أحيلوا للقضاء بالتهم ذاتها، وبصياغات أمر الإحالة نفسها (الصيغة القانونية للتهم التي تضعها النيابة العامة التي تملك سلطة الاتهام). وفسر إمام ما عده تناقضا بين الحكمين بقوله: «هناك تعمد لاستهداف النشطاء المعروفين».

وتعود القضية إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، عندما جرى اتهام ماهر وعلاء عبد الفتاح بالدعوة للتظاهر أمام مجلس الشورى، يوم 26 من الشهر نفسه، فقام ماهر بتسليم نفسه للنيابة العامة، وتظاهر العشرات تضامنا معه أمام مقر النيابة. وجرى تعديل الاتهام الموجه إلى ماهر ليصبح تنظيم مظاهرة أمام نيابة عابدين والاعتداء على أفراد الشرطة، وجرت إضافة دومة وعادل اللذين شاركا في وقفة لدعمه أثناء تسليمه لنفسه، إلى القضية.

ورغم أن حيثيات الحكم لم تصدر بعد، فإن محامي النشطاء قال إن «الإدانة جاءت على خلفية خرقهم قانون تنظيم الحق في التظاهر». وأصدر الرئيس المؤقت قانونا مثيرا للجدل بشأن الحق في التظاهر، وسط إدانات واسعة من قوى سياسية وحزبية. ويحظى النشطاء الثلاثة بالإضافة للناشط والمدون علاء عبد الفتاح بشهرة محلية ودولية. وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانا قبل ثلاثة أيام طالبت فيه السلطات المصرية بالإفراج الفوري دون شرط عن النشطاء الثلاثة. ويقول مراقبون إن الحكم الذي صدر بحق دومة وماهر وعادل ربما يفاقم إحساسا بنقص الثقة في السلطة الحالية. وقال إمام الذي حضر جلسة النطق بالحكم على النشطاء أمس، إن «الجلسة لم تستغرق دقيقة، كنت في اتجاهي للاقتراب من منصة القضاة، وقبل أن أصل كانت الجلسة قد انتهت بالفعل، عاد الحرس بالشباب (في إشارة لدومة وماهر وعادل) إلى الحبس، قبل أن يتمكنوا حتى من استيعاب الأمر».

وخلال الجلسة السابقة، قال النشطاء إنهم تعرضوا للضرب على يد حرس المحكمة، وأثبت القاضي تلك الاتهامات. وتنظر القضية على نحو استثنائي في معهد أمناء الشرطة داخل مجمع سجون طرة (جنوب القاهرة) لدواع أمنية.

وكان دومة وماهر وعادل من أبرز القيادات الشابة المناوئة لحكم الرئيس السابق محمد مرسي، وقادوا مظاهرات أمام منزله، وفي محيط مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي. وشارك النشطاء أيضا في المظاهرات التي دعت إليها حملة «تمرد» التي أنهت حكم مرسي الصيف الماضي.

ويعاني دومة، بحسب محاميه، من سوء حالته الصحية، وترفض إدارة السجن نقله إلى مستشفى سجن طرة حيث يقضي عقوبة حبسه مع زميليه ماهر وعادل. وقال إمام إنه تمكن من اصطحاب طبيب متخصص لمناظرة دومة في محبسه قبل يومين. ويعاني المدون الشاب من قرح معدية.

ويأتي الحكم في أجواء شعبية غير مرحبة بالفعاليات الاحتجاجية بعد ثلاثة سنوات من الاضطرابات السياسية، وبالتزامن مع مظاهرات عنيفة لأنصار جماعة «الإخوان»، لكن إمام ونشطاء آخرين قالوا لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «لا يوجد بديل عن إسقاط قانون التظاهر لكي تعاد محاكمة المدانين».