الهند تشهد انطلاق أكبر انتخابات في العالم

التصويت في ولايتين صغيرتين يبدأ عملية اقتراع حتى منتصف الشهر المقبل

TT

بدأت الهند، أمس، ماراثونها الانتخابي، الذي يمكن أن يؤدي إلى فوز الزعيم القومي الهندوسي ناريندرا مودي المثير للجدل، الذي يعدّ الأوفر حظا لخلافة حزب المؤتمر بزعامة عائلة غاندي.

ويمكن أن يقرر نحو 841 مليون ناخب هندي، وقلقا منهم إزاء التباطؤ الاقتصادي وارتفاع الأسعار، إنهاء عشر سنوات من حكم حزب المؤتمر، الذي شهد عدة فضائح فساد، بحسب ما تشير إليه استطلاعات الرأي.

وكان ناخبو ست دوائر في اسام وتريبورا، الولايتان الصغيرتان الواقعتان شمال شرقي الهند، وغالبا ما تهملهما السلطة، أول من يصوت، أمس، في هذه الانتخابات التشريعية.

وفتحت مكاتب الاقتراع أبوابها عند الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، أمس. وهذا الماراثون الانتخابي الذي يشكل تحديا لوجيستيا يجري على تسع مراحل وصولا إلى 12 مايو (أيار)، لإفساح المجال أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في مكتب اقتراع من بين نحو مليون مكتب في البلاد، من أعالي الهيمالايا إلى الجنوب الاستوائي. ومن المرتقب أن تعلن النتائج في 16 مايو.

وكانت سانتوشي بوميج أول من أدلت بصوتها في مكتب اقتراع أقيم في مدرسة في ديبورغاره في ولاية اسام. وقالت هذه الموظفة البالغة من العمر 30 عاما لوكالة الصحافة الفرنسية: «أرغب في أن تقوم الحكومة بخفض الفقر وأن تفعل شيئا من أجل مستقبل أولادنا». وأضافت: «لن أقول لمن أعطيت صوتي، لكنه من مسؤوليتي كمواطنة أن أشارك في التصويت».

وكان زعيم الحزب القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا ناريندرا مودي حاضرا على الساحة الوطنية منذ ستة أشهر حيث خاض حملة انتخابية تمحورت حول خلق وظائف وجذب استثمارات. لكنه سيواجه ارتيابا من قبل شريحة من الشعب بسبب شخصيته الحادة وموقفه خلال الاضطرابات التي شهدتها ولاية غوجارات عام 2002. ويتولى الزعيم القومي حكومة هذه الولاية الواقعة في شمال غربي الهند منذ عام 2001. فقد قتل أكثر من ألف شخص، غالبيتهم من المسلمين في هذه الاضطرابات الطائفية، وقد واجه مودي انتقادات شديدة، بسبب عدم تحرك قوات الأمن في الولاية على الرغم من أن القضاء لم يلاحقه.

وموضوع التوترات الطائفية فرض نفسه خلال الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية. وقال راهول غاندي الذي يقود حملة حزب المؤتمر، أول من أمس: «أينما حل هؤلاء الأشخاص، يخلقون خلافات. إنهم يحرضون الهندوس والمسلمين على بعضهم بعضا».

وعدّت صحيفة «هندوستان تايمز» في افتتاحية أن الرهانات الكبرى خلال الحملة الانتخابية تراجعت، وطغت عليها الخلافات بين قادة أبرز حزبين.

وحث مودي أمس الناخبين على منحه غالبية في البرلمان، بينما تتوقع استطلاعات الرأي أن يضطر للتفاوض للحصول على هذه الغالبية في صفوف المقاعد الـ543 في مجلس النواب. وأضاف: «أنا بحاجة لدعمكم من أجل تشكيل حكومة قوية، وحكومة قوية تعني ليس أقل من 300 مقعد» في المجلس.

وتركزت الحملة الانتخابية على الأداء الاقتصادي في الهند التي شهدت تباطؤا كبيرا للنمو منذ 2012 وتراجع عملتها، بسبب هروب رؤوس أموال أجنبية.

والهند المعتادة على ارتفاع إجمالي الناتج الداخلي ما بين ثمانية في المائة وعشرة في المائة على مدى عقد شهد نموها، تتراجع إلى ما دون 6.2 في المائة في 2011 - 2012 و5 في المائة في 2012 - 2013.

وفي حال وصول مودي إلى السلطة، فإن الهند يمكن أن تصبح أكثر تصلبا في خطابها مع القوى الخارجية الأخرى، كما يرى محللون، مع الاعتقاد في الوقت نفسه أن القوة الاقتصادية الثالثة في آسيا الحريصة على استئناف نموها، تريد إرساء الاستقرار في علاقتها مع الولايات المتحدة.

وبعد الاضطرابات في 2002، أصبح ناريندرا مودي شخصية غير مرغوب فيها في أوروبا والولايات المتحدة. لكن بعدما أصبح يُعدّ الأوفر حظا بالفوز في الانتخابات، استأنفت الدول الغربية الاتصالات معه. كما قامت السفيرة الأميركية بزيارته في غوجارات في فبراير (شباط) الماضي.

أما راهول غاندي (43 عاما) وريث سلاسة نهرو - غاندي، فهو يخوض أول معركة انتخابية له على المستوى الوطني في ظروف صعبة.

وراهول الشخصية المتحفظة لم يشغل أبدا منصب وزير، وكان لفترة طويلة بعيدا عن الساحة السياسية، وتوقع البعض له أسوأ نتيجة تسجل لحزب المؤتمر.

وآخر عنصر في هذه الانتخابات يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات، وهو النتيجة التي سيحققها حزب الإنسان العادي (عام آدمي)، الناشط ضد الفساد، الذي يقول إنه يسعى إلى الفوز بمائة مقعد.