مخاوف أميركية من إمكانية تسليم روسيا صواريخ متطورة لإيران

تفاقم الأزمة مع واشنطن يدفع موسكو للتصعيد

TT

تثير صفقة بين موسكو وطهران الكثير من الشكوك حولها، وقد تدفع الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات جديدة على إيران.

وقالت وكالة «رويترز» في تقرير إن الإيرانيين والروس يعملون على صفقة بقيمة 20 مليار دولار لشراء النفط الإيراني مقابل سلع روسية ومعدات عسكرية. وقد أثارت أنباء تلك الصفقة غضب المشرعين في الكونغرس، الذين هددوا بفرض عقوبات ووقف قرار تخفيف العقوبات عن إيران، إذا واصلت طهران وموسكو تلك الصفقة.

من جهتها، أبدت الإدارة الأميركية قلقها إزاء هذه التقارير الإعلامية حول هذه الصفقة، وهي خطوة قد تؤدي إلى فرض عقوبات أميركية جديدة على إيران، وإلى عرقلة المحادثات بين مجموعة «5+1» وإيران حول برنامجها النووي. ووجه السيناتور الديمقراطي روبرت منديز، والسيناتور الجمهوري مارك كيرك، رسالة للرئيس باراك أوباما مساء أول من أمس، أشارا فيها إلى أنه يجب تحذير طهران من أنها إذا تحركت للمضي قدما في صفقة تبادل نفط مقابل سلع ومعدات عسكرية مع موسكو فإن واشنطن مستعدة لإعادة القيود والعقوبات التي جرى تخفيفها بموجب الاتفاق المؤقت التي أبرمته القوى العالمية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 بشأن برنامج إيران النووي.

وقال أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في رسالتهم للرئيس أوباما «نحن نحثكم على التوضيح لإيران أن الولايات المتحدة مستعدة لإعادة فرض العقوبات إذا حاولت إيران التهرب من العقوبات وانتهاك الاتفاق لخطة العمل المشترك». ويعد السيناتور منديز والسيناتور كيرك من المشرعين البارزين المؤيدين لفرض مزيد من العقوبات على إيران، وقدما مشروع قانون في ديسمبر (كانون الأول) 2013 لفرض مزيد من العقوبات، رغم توقيع اتفاق جنيف في نوفمبر 2013، ولم يجر التصويت على مشروع القرار استجابة لطلب الرئيس أوباما بأن هذا المشروع قد يعرض المحادثات بين طهران والمفاوضين من القوى العالمية للخطر.

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية «إن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات بأنه جرى البدء في هذه الصفقة أو البدء في تنفيذها، وقد أبلغنا الطرفين بشكل واضح مخاوفنا بخصوص هذا الأمر وأي صفقة مماثلة». وأضاف «إذا صحت تلك الأنباء عن الصفقة فإنها يمكن أن تؤدي إلى عقوبات أميركية ضد المتورطين فيها، لأن مثل هذه الصفقة لن تكون متسقة مع بنود الاتفاق النووي المؤقت الذي تم إبرامه بين القوى العالمية وإيران في نوفمبر الماضي، وقد نقلنا مخاوفنا إلى جميع الأطراف».

وحول سعي إيران لزيادة قدراتها في تصدير النفط الخام، وتأثير ذلك على المحادثات مع القوى العالمية، إضافة إلى توتر العلاقات الأميركية والروسية بسبب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، أكد المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة لا تشعر بالقلق من قدرة طهران على الالتزام بالتزاماتها وتلبية الأهداف، مشيرا إلى أن المحادثات التي يجريها الخبراء من الولايات المتحدة وروسيا مستمرة ومكثفة، وأن روسيا لم تتراجع عن موقفها البناء من المحادثات النووية الإيرانية، مشيرا إلى أن القوى العالمية الست تواكب العمل للتوصل إلى صياغة اتفاق نهائي بشان البرنامج النووي الإيراني.

وكانت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي تشمل روسيا وألمانيا، قد وافقت على تخفيف القيود المفروضة على مبيعات النفط الخام الإيراني، وتمكين إيران من تصدير نحو مليون برميل في اليوم، مقابل تعزيز الجهود للتوصل إلى اتفاق للحد من البرنامج النووي الإيراني. وكانت العقوبات الأميركية والدولية التي فرضت على طهران قد أدت إلى تراجع كبير في الاقتصاد الإيراني وانخفاض حاد في صادرات النفط الإيرانية.

ويخشى المحللون أن روسيا لديها النفوذ لتزويد إيران بالصواريخ من طراز «S- 300» للدفاع عن أجهزة الضغط المركزي لديها والدفاع عن المفاعلات من أي ضربات جوية محتملة. وتعد صواريخ «S-300» من أحدث معدات الدفاع الجوي، وهي مشابهة لبطاريات صواريخ «باتريوت» الأميركية. وقد هددت روسيا ببيع هذه الأنظمة لسوريا.

وخلال الولاية الثانية للرئيس الأميركي السابق جورج بوش اقتربت روسيا من صفقة لبيع معدات عسكرية لإيران وتدريب الجيش الإيراني على استخدام أنظمة «S-300» المتطورة، لكن روسيا انسحبت من تلك المفاوضات حول الصفقة في عام 2010 بعد قرار مجلس الأمن رقم 1929 لفرض عقوبات على إيران، وقرار إدارة الرئيس أوباما فرض عقوبات اقتصادية على القطاع المصرفي والمالي بهدف عزل الاقتصاد الإيراني. وأوضح المحلل السياسي إليوت إبرامز، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «توجه روسيا لبيع أسلحة لإيران لن يكون بالنسبة لها انتهاكا للقانون الدولي»، وقال «بإمكان روسيا انتهاك مختلف المعاهدات التي وقعت عليها، لكن ذلك يعتمد على ما تريد بيعه»، مشيرا إلى أن «أهمية هذه الصفقة أنها توضح أكثر من أي وقت مضى أن روسيا تضع نفسها في موقع العدو وليس في موقع الشريك للولايات المتحدة».

وأكد إبرامز، الباحث بمعهد العلاقات الخارجية، أن تلك الصفقة من شأنها أن تكون تهديدا لمحادثات مجموعة «5+1» مع إيران، وقال «سيكون بالطبع تهديدا للمحادثات، لأن الاتفاق النووي يتجاهل أيضا جوانب أخرى تتعلق بالسلوك الإيراني القمعي في الداخل وسلوك إيران العدواني ومحاولاتها التخريبية، والتدخل في شؤون جيرانها بهدف الهيمنة على المنطقة مما يجعل المنطقة أقل أمنا وليست مستقرة، وهو ما يخشاه حلفاؤنا في المنطقة». وأضاف أن «إدارة الرئيس أوباما ترى أن تلك الأمور دخيلة ولا ضرورة لمناقشتها في تلك المحادثات».

ويجتمع كبار المفاوضين من إيران والدول الخمس دائمة العضوية إضافة إلى ألمانيا في فيينا اليوم وغدا، للجولة الثالثة من المفاوضات بشأن اتفاق نووي شامل ونهائي. وتهدف القوى العالمية للتوصل إلى اتفاق بحلول العشرين من يوليو (تموز) المقبل، لكن هناك إمكانية لتمديد هذا التاريخ.