أحزاب وقوى سياسية مصرية تطالب رئيس الدولة بـ«العفو» عن نشطاء في السجون

واشنطن تنتقد حكما بحبس معارضين.. والقاهرة تعلن «لا تعليق على أحكام القضاء»

TT

انتقدت واشنطن حكما قضائيا مصريا بحبس ثلاثة نشطاء، لكن القاهرة ردت أمس مشددة على أنه «لا تعليق على أحكام القضاء»، بينما طالبت أحزاب وقوى سياسية مصرية، رئيس الدولة، المستشار عدلي منصور، بـ«العفو» عن النشطاء، وهم: المدون أحمد دومة، وأحمد ماهر مؤسس «حركة شباب 6 أبريل»، ومحمد عادل القيادي بالحركة.

وأيدت محكمة استئناف بالقاهرة الحكم الذي صدر من قبل بحبس النشطاء الثلاثة لمدة ثلاث سنوات، وتغريم كل منهم 50 ألف جنيه (نحو سبعة آلاف دولار)، ووضعهم تحت المراقبة لمدة مماثلة لمدة العقوبة، لخرقهم قانون تنظيم الحق في التظاهر.

وعلى خلفية حبس النشطاء وتداعياته السياسية، بدا أن هناك أرضية جديدة تتشكل في مصر حاليا لصراع حول قانون تنظيم الحق في التظاهر، رغم أنه صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت أحزاب رئيسة في البلاد أمس إنها تنسق تحركاتها لـ«إسقاط القانون»، الذي مثل منذ صدوره تحديا لقدرة القوى السياسية في التأثير على السلطات.

ونظم العشرات وقفة احتجاجية أمام قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة) مساء أول من أمس احتجاجا على حكم حبس النشطاء، ومثل عدد المحتجين المحدود أمام القصر الرئاسي، قدر التراجع الذي منيت به القوى السياسية بعد أن فقدت سلاح التظاهر الذي مكنها من الإطاحة بنظامي حكم خلال السنوات الثلاث الماضية، والتأثير على قرارات السلطات خلال تلك الفترة.

وأثار الحكم بحق النشطاء ردود فعل دولية. وأعربت وزارة الخارجية الأميركية، مساء أول من أمس، عن قلقها إزاء قرار المحكمة بتأييد حبس دومة، وماهر، وعادل. ووصفت جنيفر بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، استمرار حبس من وصفتهم بالعناصر النشطة بـ«تقييد للحقوق الأساسية المتعلقة بالتجمع السلمي وحرية التعبير»، مشيرة إلى أن مثل ذلك الحكم يتناقض مع التزام الحكومة المصرية بتعزيز مناخ الانتخابات المفتوح، وكذلك العملية الانتقالية التي توفر الحماية لحقوق جميع المصريين.

لكن مصدرا مسؤولا في وزارة الخارجية المصرية رفض انتقادات الولايات المتحدة للحكم، قائلا إن الإدارة الأميركية ليس من حقها رفض أو قبول الأحكام القضائية المصرية، وقال المصدر في بيان نشر على صفحة وزارة الخارجية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ليس للولايات المتحدة أو غيرها أن تقبل أو ترفض أو تعلق على حكم قضائي، ومن ثم، فإنه لا يستحق التعليق أو الرد عليه من أساسه».

كما استنكرت عدة أحزاب تصريحات بساكي، من بينها حزب المؤتمر الذي يرأسه وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي. وقال معتز محمود نائب رئيس الحزب للشؤون البرلمانية: «إننا لا نقبل التعليق أو التدخل الخارجي أو الداخلي في أحكام القضاء، لأن مصر دولة مستقلة قضائيا»، مشددا على أن القضاء «خط أحمر».

من جانبها، أصدرت أحزاب الدستور، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، ومصر الحرية، والعيش والحرية (تحت التأسيس)، بالإضافة إلى التيار الشعبي الذي يتزعمه المرشح الرئاسي المحتمل حمدين صباحي، وحركة «شباب 6 أبريل»، وحركة «الحرية للجدعان»، بيانا مشتركا أمس طالبت فيه الرئيس المؤقت عدلي منصور بإصدار عفو رئاسي عن النشطاء.

وتعهدت الأحزاب والقوى السياسية بالتنسيق من أجل إسقاط قانون تنظيم الحق في التظاهر، وقالت في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنه «عندما أطلق الشباب الطاهر شرارة ثورة الشعب المصري في 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وشارك في الموجة الثانية لتلك الثورة في 30 يونيو (حزيران) 2013 من أجل استعادة أهدافها من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، مضحيا بمئات الشهداء وآلاف المصابين في مقتبل العمر، كان آخر ما يتوقعه أولئك الشباب أن تتواصل سياسة قمع الحريات الأساسية للمواطنين، وأن يجدوا أنفسهم بعد ثلاث سنوات يواجهون أحكاما مشددة بالسجن».

وعلق عشرات المحتجين، بينهم أسر المدانين الثلاثة، اعتصاما أمام قصر الاتحادية ظل حتى ساعة متأخرة من مساء أول من أمس. وقالت الناشطة رشا عزب التي شاركت في الاعتصام إن «تنظيم الاعتصام أمام القصر الرئاسي مكسب كبير في ظل الأوضاع الراهنة».

وتشهد البلاد مظاهرات شبه يومية لأنصار جماعة الإخوان المسلمين، لكنها تواجه بحسم من قبل قوات الأمن. ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي الصيف الماضي قتل المئات خلال مواجهات دامية مع قوات الشرطة.

وفضت السلطات نهاية العام الماضي بالقوة وقفة احتجاجية لقوى شبابية أيدت ثورة 30 يونيو التي أنهت حكم جماعة «الإخوان»، وهي الوقفة التي أدين بسبب تداعياتها النشطاء الثلاثة دومة وماهر وعادل، ويحاكم على أثرها أيضا الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، وعشرات آخرين.

ووصفت الأحزاب في بيانها قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس منصور نهاية العام الماضي بـ«السيئ السمعة»، وطالبت الرئيس بإصدار عفو رئاسي عن دومة وماهر وعادل، وكل من صدر ضده حكم نهائي وبات لا يجوز الطعن عليه، بما في ذلك القضية التي أيدت فيها محكمة في الإسكندرية حكما بالحبس لمدة عامين وغرامة 100 ألف جنيه بحق أربعة من شباب ثورة 25 يناير، في شهر فبراير (شباط) الماضي.

وبررت الأحزاب موقفها من طلب العفو الرئاسي بطول المدة التي تتطلبها إجراءات الطعن على الحكم. وانتقد علاء عبد الفتاح موقف الأحزاب قائلا إنه يتفهم أن «تطالب أسر المدانين الرئيس بإصدار عفو، لكن هذا الموقف لا يصح أن يخرج عن الأحزاب»، مطالبا بالعمل على إسقاط القانون.

وأضافت الأحزاب في البيان الذي تلي في مؤتمر صحافي عقد بمقر حزب الدستور في القاهرة أمس، أن الموقعين على البيان يؤكدون أنهم «سيواصلون التنسيق من أجل الضغط على الحكومة من أجل إسقاط قانون التظاهر، والذي أدى إلى إصدار أحكام مشددة بالحبس بحق المئات من المواطنين، وفرض غرامات مالية باهظة، كما يمنح سلطات واسعة لوزارة الداخلية لتقييد حق التظاهر والتجمع السلمي».

وحذرت الأحزاب مما سمته «أجواء الاحتقان والسخط في أوساط الجيل الشاب»، قائلة إن تلك الأجواء لا تساهم في نهضة الوطن، أو توسيع حجم المشاركة السياسية.