سيميوني وراء نجاحات أتلتيكو مدريد رغم أزماته المالية

المدرب الأرجنتيني الملهم قفز بالفريق للقمة الإسبانية متحديا أغنى أندية القارة

سيميوني ملهم أتلتيكو مدريد
TT

يستند صعود أتلتيكو مدريد كقوة ثالثة في كرة القدم الإسبانية ومنافسته للكبار في أوروبا على أساس اقتصادي هش وقد يأتي السقوط فجأة إن فشل في مواصلة مسيرة انتصاراته.

وينسب للمدرب الأرجنتيني الملهم دييغو سيميوني الفضل في نجاح أتلتيكو فمنذ تعيينه في 2011 صنع تشكيلة لا تضم أسماء كثيرة بارزة لكنه وضعها في قالب قادر على تحدي أغنى أندية القارة ومنها ريال مدريد وبرشلونة.

ومرة أخرى اعتلى ريال وبرشلونة الصدارة في قائمة أغنى أندية العالم من حيث الإيرادات بعدما تجاوز دخل كل منهما 500 مليون يورو (687 مليون دولار) بينما شق أتلتيكو طريقه بصعوبة ضمن أغنى 20 ناديا بإيرادات بلغت 120 مليونا.

وعلى الرغم من الفارق المالي الهائل فإن أتلتيكو يتفوق في صدارة الترتيب بدوري الدرجة الأولى الإسباني بفارق نقطة واحدة على برشلونة وثلاث نقاط على ريال قبل ست جولات من النهاية ويبدو مرشحا لنيل لقبه الأول في المسابقة منذ 1996 بتشكيلة بناها سيميوني حول خط الوسط.

وفي نفس الوقت يسير الفريق بنجاح في دوري أبطال أوروبا إذ بلغ دور الثمانية ويستعد لاستضافة برشلونة في مباراة الإياب بعدما تعادلا 1 - 1 ذهابا في عاصمة كتالونيا الأسبوع الماضي.

ويعلم سيميوني جيدا أنه لو نجح في قيادة أتلتيكو إلى الدور قبل النهائي لدوري الأبطال على حساب برشلونة فسيصبح بذلك المدرب الأكثر نجاحا وشعبية في أتلتيكو منذ لويس أراغونيس الذي توفي مؤخرا.

فمنذ عام 1974، عندما اعتزل أراغونيس اللعب ليتولى تدريب أتلتيكو، لم يتمكن فريق العاصمة الإسبانية «الثاني» من بلوغ المربع الذهبي للبطولة الأوروبية.

ولم ينجح أتلتيكو في الاقتراب من المربع الذهبي لدوري الأبطال بالتعادل 1-1 في مباراة الذهاب على ملعب «كامب نو» الكاتالوني وحسب، وإنما يتصدر الفريق أيضا ترتيب الدوري الإسباني حاليا للمرة الأولى منذ عام 1996 عندما أحرز الفريق ثنائيته الشهيرة، لقبي الدوري والكأس المحليين، حيث كان سيميوني نجم خط الوسط النادي.

وربما تتحول الأسابيع الستة المقبلة إلى أكثر الفترات مجدا في تاريخ أتلتيكو مدريد وسيميوني.

وكان أتلتيكو في حالة مزرية عند وصول سيميوني لتولي تدريبه مقبلا من نادي راسينغ الأرجنتيني في يناير (كانون الثاني) 2012، فقد كان في المركز السادس من القاع بترتيب الدوري وخرج من منافسات الكأس المحلية على يد فريق الدرجة الثانية ألباسيتي وذلك بعد تفكك الفريق الذي أحرز لقب الدوري الأوروبي في 2010 وبيع أبرز لاعبيه مثل دافيد دي خيا وسيرجيو أغويرو ودييغو فورلان.

ويقول سيميوني متذكرا هذه الفترة: «لم يكن النادي في أفضل حالاته.. ولكنه كان يضم بعض اللاعبين الجيدين الذين يمكن الاعتماد عليهم في بناء النادي مثل جابي وخوان فران و(راداميل) فالكاو ودييغو كوستا».

ووضع سيميوني على الفور ثقته في اللاعبين الشباب حيث أصر على تمديد فترة الإعارة لحارس مرمى الفريق البلجيكي تيبو كورتوا من تشيلسي فيما صعد صانع الألعاب كوكي من فريق الناشئين بأتلتيكو.

وقرر سيميوني الاعتماد على أسلوب لعب واقعي غير أخاذ، وربما حتى يصفه البعض بأنه لا متعة فيه، يعتمد على الجري المتواصل والهجمات المرتدة. وأثبت هذا الأسلوب نجاحا يفوق بكثير توقعات سيميوني نفسه عندما بدأ اللعب به.

لكن بعيدا عن الطفرة الحالية تصنع النظرة المتأملة للوضع الحالي مشهدا قاتما.

وتظهر أرقام من موسم 2011 - 2012 جمعها خوسيه ماريا جاي الأستاذ بجامعة برشلونة والخبير في ماليات كرة القدم أن أتلتيكو غارق في ديون تتجاوز نصف مليار يورو بينما تبتلع أجور اللاعبين والمدربين أكثر من 90 في المائة من إيراداته السنوية.

ويحقق النادي توازنا في ميزانيته بفضل انتصاراته في أرض الملعب وبعدما أقنع الحكومة بالسماح له بتأخير سداد ضرائب تتجاوز مائة مليون يورو وفقا لتقديرات خوامي لوبيز الأستاذ بكلية آي.إي.إس.إي للأعمال في برشلونة.

ويعتقد لوبيز أنه بفضل بيع لاعبين بارزين من عينة فرناندو توريس وديفيد دي خيا وسيرجيو أغويرو لفرق ثرية في الدوري الإنجليزي الممتاز وبفضل شراكة مع هيئة السياحة في أذربيجان يقدر دخلها بنحو 12 مليون يورو على مدار 18 شهرا وصفقة أخرى مع شركة نايكي للملابس الرياضية لا يزال النادي قادرا على الصمود.

وقال لوبيز: «الموقف المالي لأتلتيكو مدريد كارثي. لكنه هذا العام وبسبب النتائج الممتازة للفريق لا يتحدث أحد عن المشكلات المالية، لن يستطيع النادي تحسين وضعه المالي إلا بالوجود المتواصل في دوري أبطال أوروبا والاحتفاظ بعقد رعاية مع أذربيجان وجذب رعاة جدد وبيع أفضل اللاعبين. إما أن يظل الفريق في دوري الأبطال أو يفوز باللقب المحلي الذي سيبقي الرعاة سعداء أو لن ينجح النادي في تعزيز موقفه المالي».

وقال بلاسيدو رودريغيز أستاذ الاقتصاد بجامعة أوفيديو إن الانتقال من الاستاد الحالي القديم فيسنتي كالديرون إلى استاد حديث يسع 70 ألف متفرج سيساعد النادي أيضا على تحسين وضعه.

وهناك كذلك خطط لإنشاء مجمع تدريب هائل جديد يضم مكاتب واستادا يسع 15 ألف متفرج لتلعب عليه فرق النادي الأخرى. وسيضم المجمع أيضا محال تجارية ومنشآت ترفيهية للجمهور. وأضاف رودريغيز: «لو تم هذان المشروعان فسيشهد الموقف المالي لأتلتيكو مدريد تحسنا».