حفل موسيقي في لندن يعزف فيه لشوبان وفيروز وموسيقى عراقية تراثية

تحييه غدا عازفة البيانو سلافة حداد ويرافقها على الكلارنيت علي شوقي

عازفة البيانو سلافة حداد («الشرق الأوسط»)
TT

يبذل الموسيقي المبدع علي شوقي، عازف على آلة الكلارنيت، جهوده المخلصة من أجل أن يجمع زملاءه من الخريجين الأوائل لمدرسة الموسيقى والباليه ببغداد، يوم كانت هذه المؤسسة الفنية تمنح الموسيقى العراقية خيرة مبدعيها من الخريجين، الذين تخصصوا في دول مختلفة من العالم لدراسة آلات موسيقية غربية أبدعوا من خلالها، وبعد أن كان قد نجح العام الماضي في جمع من يطلق عليهم لقب الثلاثي الذهبي للموسيقى الكلاسيكية العراقية، وهم: عازف البيانو المايسترو محمد عثمان صديق، وعازف الكلارنيت علي شوقي، وعازف التشيلو قصي حسين قدوري، وهؤلاء نتاج مدرسة الموسيقى والباليه العراقية ببغداد، يعود ليقدم غدا الخميس، حفلا موسيقيا ثنائيا مع عازفة البيانو المبدعة سلافة حداد وذلك في كنيسة (رفيرس كورت) بهامرسميث، (غرب لندن).

شوقي الذي ينحدر من عائلة فنية معروفة عربيا ودوليا، فهو نجل الفنان المسرحي الكبير خليل شوقي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أحاول وبقدر المستطاع أن ألم شمل شتات موسيقينا، وبالأخص خريجي مدرسة الموسيقى والباليه الذين هم مهمشون من أعلامنا الراقي، وأن يحصلوا على فرصهم للقاء جمهور ونخبة من متذوقي هذا الفن، فتارة مع بيانو، والأخرى مع ثلاثي وأعاود من جديد مع سلافة حداد، وهناك الكثير للقيام به»، موضحا: «ولكن كل هذا من مجهودي الخاص ومجهود محبينا ومؤازرينا من أصدقاء ومعارف ومخلصين للفن والفنان العراقي، إذ ليس هناك جمعية ولا منظمة ولا مركز ثقافي يدعمنا».

شوقي المقيم بهولندا، تخرج في بداية الثمانينات وأكمل دراسته للعلوم الموسيقية في المعهد العالي للموسيقى في بلغاريا وحصل على شهادته العليا في آلة الكلارنيت من هناك، وبعد عودته إلى العراق عام 1989 عمل عازفا أول كلارنيت في السيمفونية الوطنية العراقية، وحاليا أستاذ الكلارنيت والساكسفون في أحد معاهد هولندا الموسيقية وعازف في موسيقى الغرفة.

وتحدث شوقي عن العقبات التي تعيق برامجهم: «لجمع زملائنا في فرقة وتقديم الأماسي الموسيقية في مدن مختلفة من العالم وفي مقدمة هذه المعوقات عدم وجود دعم مالي لمشاريعنا»، وقال: «تأكدوا أن هذه الجهود ذاتية، فرغم أن كل واحد منا يقيم ببلد بعيد عن الآخر، ولنا التزاماتنا فإننا نبذل ما في وسعنا لنجتمع معتمدين على إمكانياتنا الذاتية لدفع تكاليف السفر والإقامة في هذا البلد أو ذاك».

وأكد شوقي أن «أي جهة عراقية أو عربية أو دولية لا تدعم برامجنا الهادفة إلى تقديم موسيقى كلاسيكية عراقية وغربية تعرف بإبداعات بلدنا ومبدعينا، إذ لم تبادر وزارة الثقافة العراقية أو المركز الثقافي العراقي في لندن أو في أي مدينة أخرى بالعالم إلى دعم جهودنا، ولكن هذا لا يعني أن نتوقف عن تحقيق ما نطمح إليه وما نخطط له للتعريف بالموسيقي العراقي الرصين ولطرح البديل الإبداعي عن تراجع الموسيقى العراقية اليوم». وهو يرى أن «الموسيقيين العراقيين من خريجي مدرسة الموسيقى والباليه الذين جابوا بقاع الأرض لينهلوا من العلوم الموسيقية لكي يفيدوا وطنهم وأبناء بلدهم كانت لديهم أحلام وأمنيات كبيرة لم يتمكنوا من تحقيقها». ورغم ذلك، يقول متفائلا: «رغم الظروف العصيبة التي مرت وتمر بها الموسيقى العراقية، فإنني متفائل بمستقبل أفضل وأجمل للموسيقى في العراق».

وحول المؤلفات الموسيقية التي سيعزفها كل من شوقي وحداد، قال: «ألتقي سلافة المبدعة في ثنائي كمنهاج وكتوليفة إذ سنعزف لمؤلفين عالميين مثل شوبان وكوزاليز وديبوسي، كما ستعزف سلافة مقطوعتها (جي مالي والي) وفيروزيات، وباختصار سنقدم برنامجا غنيا من الموسيقى الكلاسيكية والعربية».

والفنانة سلافة ابنة الموسيقار والمؤلف الموسيقي العراقي الراحل غانم حداد الذي أغنى الموسيقى العراقية والعربية بمؤلفاته التي أحدثت ثورة فنية متميزة، وهي (سلافة) مقيمة ببلجيكا، ومدرسة آلة البيانو في معهد الموسيقى ببروكسل.

وترى الفنانة سلافة أن «الموسيقى الكلاسيكية في العراق لم تعد تلقى الاهتمام الذي كانت تلقاه في السابق، رغم أن مدرسة بغداد للموسيقى والباليه شيدت في ستينات القرن العشرين، والفرقة السيمفونية الوطنية العراقية بدأت مشوارها الموسيقي في أربعينات القرن الماضي وتعد من أقدم الفرق السيمفونية في العالم العربي».

وترى حداد أن «أبناء الجالية العراقية في دول المهجر أيضا، لا يهتمون بالموسيقى الكلاسيكية، بعد أن سيطرت الموسيقى الشرقية والتجارية على عقول العراقيين والعرب، لذا فهي تدعو إلى الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية وبالمؤسسات الموسيقية والعازفين العراقيين المبدعين في هذا المجال الفني، معربة عن أسفها لتغير الذائقة الموسيقية وتراجع محبي الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وعلى هذا الأساس فهي تسعى للوصول إلى الجاليات العراقية في دول المهجر لتقديم هذا النوع من الثقافة الموسيقية».

وقالت سلافة لـ«الشرق الأوسط»: «هذه هي المرة الأولى التي سأعزف بها في لندن بينما كنت قد عزفت في مانشستر ولجمهور إنجليزي بحت، واليوم سنعزف لجمهور منوع، عربي وغربي»، مشيرة إلى أن «الجهود التي يبذلها زميلي علي شوقي جهود نبيلة، فقد كنا ببغداد وقبل أن نتركها في بداية التسعينات نقدم حفلات للفرقة السيمفونية الوطنية وكان هناك جمهور متميز، واليوم أقول إن هذا الجمهور ابتعد عن الموسيقى الكلاسيكية والمتميزة لغيابها ولعدم اهتمام المسؤولين بالموسيقى الراقية ولأن القائمين على الموسيقى ليسزا أهلا لهذه المسؤوليات».

سلافة وبعد تخرجها في مدرسة الموسيقى والباليه، أكملت دراستها في كلية الفنون الجميلة، وفي عام 1990 حصلت على شهادة البكالوريوس، وكانت تحلم بإكمال دراستها العليا في روسيا، لكن ظروف الحرب العراقية - الإيرانية وتبعاتها منعتها من تحقيق هذا الحلم. ثم انتقلت إلى عمان وقامت بتدريس البيانو في المعهد الوطني العالي للموسيقى، قبل أن تلتحق بمعهد الملكة إليزابيث في بروكسل وتحصل على شهادة الماجستير.

وتسعى سلافة إلى نشر الأغنية التراثية والموسيقى العراقية من خلال الموسيقى الكلاسيكية وتوصيلها إلى الجمهور الغربي، وهو مشروع لاقى إعجاب فنانين وموسيقيين عالميين. كما تأمل أن تستطيع المساهمة في النهوض بواقع مدرسة الموسيقى والباليه والاهتمام بالمواهب العراقية الشابة.