تشهد الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، واحدة من أهم انتخاباتها، والتي انطلقت أول من أمس، وينتظر أن تشهد نتائجها تغيرات عديدة سياسية واجتماعية، وكذا اقتصادية. وتتسم الانتخابات الهندية بنكهة خاصة، فعلى الرغم من إجراء الانتخابات في نحو 48 دولة في العالم هذا العام، فإن الانتخابات الهندية تتخذ طابعا مختلفا، ليس فقط لأنها أكبر ديمقراطية في العالم، بل لأن رئيس الوزراء الجديد سيحكم خمس سكان العالم.
ومن المتوقع أن تمهد هذه الانتخابات، التي دأب المحللون الهنود على وصفها بالتاريخية، الطريق أمام حزب بهاراتيا جاناتا اليميني لمنافسة حزب المؤتمر الذي يميل إلى يسار الوسط، والذي يحظى بشعبية كبيرة، والموجود على رأس السلطة منذ 10 سنوات.
وتجرى الانتخابات في تسع مراحل على مدار ستة أسابيع لانتخاب الحكومة السادسة عشرة منذ الاستقلال، التي بدأت أول انتخاباتها البرلمانية عام 1952، بعد أربع سنوات فقط من نهاية الاستعمار البريطاني، والتي جاءت بجواهر لال نهرو كأول رئيس للوزراء، شغل المنصب لسبعة عشر عاما، والذي كان رقما قياسيا لم يشغله أي رئيس وزراء آخر في الهند.
ويبلع إجمالي عدد الناخبين الهنود الذين يحق لهم التصويت نحو 815 مليون ناخب، أكثر من عدد سكان الولايات المتحدة وروسيا واليابان ونيجيريا مجتمعة، والذين سيدلون بأصواتهم مستخدمين 1.7 مليون ماكينة تصويت إلكترونية، توجد في 930 ألف مركز اقتراع لاختيار 543 نائبا في البرلمان. ويتوقع أن تبلغ تكلفة الحملات الانتخابية أكثر من خمسة مليارات دولار، لتحل كثاني أكثر انتخابات تكلفة في العالم بعد الولايات المتحدة.
تعد الانتخابات الحالية هي المرة الأولى التي سيتمكن فيها الناخبون الهنود من إبداء امتعاضهم من الأحزاب والمرشحين في الهند والضغط على خيار «لا أحد مما سبق»، في آلة التصويت الهندية (أي أنهم لن ينتخبوا أحدا سبق انتخابه). وتتجاوز أعداد الناخبين الذين سيشاركون للمرة الأولى في الانتخابات 120 مليون ناخب، بالتساوي مع سكان الفلبين، الذين سيدخلون حظيرة الديمقراطية مرة واحدة.
سيتم فرز الأصوات في السادس عشر من مايو (أيار)، وسيحظى الحزب أو التحالف الفائز بأغلبية الأصوات بارتقاء سلمي وناعم للسلطة، في شهادة على نضوج الديمقراطية الهندية.
ومنذ إعلان مفوضية الانتخابات الهندية عن موعد إجراء الانتخابات شهد الشهر الماضي كثافة في الحملات الانتخابية التي استخدمت فيها مكبرات صوت ولوحات وملصقات، في الوقت الذي انخرط فيه القادة السياسيون في عقد المؤتمرات الانتخابية.
يقول مانيش تشيبر، وهو صحافي هندي بارز، لـ«الشرق الأوسط»، إن الانتخابات «تأتي في وقت تواجه فيه الحكومة فضائح الفساد وسوء إدارة الاقتصاد وارتفاع الأسعار». وأضاف «من بين القضايا الرئيسة التي احتلت أهمية كبرى قضية كبح جماح التضخم، وتوفير فرص العمل للشباب وإدارة أفضل لموارد البلاد».
وإذا ما صدقت استطلاعات الرأي الكثيرة، فمن المتوقع أن يشكل حزب بهاراتيا جاناتا ورئيسه وزرائه ناريندرا مودي أضخم تحالف سياسي. فحسب آخر استطلاعات الرأي الذي أجري في الشهر الحالي، يتقدم حزب بهاراتيا جاناتا على المؤتمر، ويبدو متأهبا لتشكيل الحكومة القادمة بعد السادس عشر من مايو.
وكشف استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة لوكنيتي على مستوى الهند، والذي نشرت نتائجه في الرابع من أبريل (نيسان)، عن رغبة 63 في المائة من الهنود في أن يقود حزب بهاراتيا جاناتا الحكومة القادمة، مقارنة بـ19 في المائة الذين أيدوا حزب المؤتمر، وهو ما يشير إلى تدني شعبية الحزب إلى أدنى مستوى لها منذ الفترة بين عامي 1996 و1998.
ويقول بي جي فيرغيزي، المحلل السياسي في مركز الأبحاث السياسية، مؤسسة بحثية مقرها نيودلهي «هناك عاملان يجعلان انتخابات 2014 الهندية الحالية حالة فريدة عن الانتخابات السابقة، وهي أنه عندما تغيب فرص ظهور زعيم قوي والسياسات المؤيدة للشعب مع التحالفات الاجتماعية القائمة على الطائفة والدين والعصبيات لإنتاج فائز نهائي، يكون الفائز في أغلب الحالات حزب المؤتمر الذي تأسس قبل 128 عاما».
وأشار إلى أن الهند تغيرت بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، التي شهدت انخفاض مستويات الفقر المطلق بشكل حاد، وعوضت الوفرة النقص في السلع الاستهلاكية، وحافظ التوسع الحضري العشوائي على وتيرة النمو الاقتصادي المطرد منذ عام 1991. صحيح، أن هناك جزر الحرمان، ولكن بشكل عام فإن الهند عام 2014 أكثر قوة، وأفضل تعليما، وأكثر تفاوتا اجتماعيا وطموحا من أي وقت مضى.
علاوة على ذلك، لا يملك حزب المؤتمر مرشحا قويا لرئاسة الوزراء، فالاقتصادي الذي تحول إلى رئاسة الوزراء، مانموهان سينغ، قد أعلن بالفعل عن اعتزامه التقاعد. في الوقت الذي تعاني فيه زعيمة الحزب سونيا غاندي من متاعب صحية، بينما يبدو ابنها راؤول غاندي غير مؤهل بعد، على الرغم من ظهوره كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء في إعلانات الحملة الانتخابية.
من ناحية أخرى، أعلن حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتصدر المشهد الانتخابي في الوقت الراهن، عن مرشحه ناريندرا مودي رئيسا للوزراء. ومن المتوقع بشكل كبير أن تشهد الهند تولي أول رئيس للوزراء يولد بعد الاستقلال.
وفي حال الرغبة في إجراء مقارنة بين المرشحين لرئاسة الوزراء فإن ناريندرا يمتلك قدرات إدارة جيدة، ويمتلك القدرة على تحويل الخصومة إلى فرصة. وهذا هو تحديدا ما يجعله يبدو مقبولا لدى الشعب الهندي، الذي يبحث عن رئيس وزراء أكثر جدارة من مانموهان سينغ، الذي يعتقد أنه يعاني من علة صحية على الرغم من إنجازاته الاقتصادية. بيد أن مودي شخصية مثيرة للجدل، وباعتباره شخصية هندوسية متطرفة فشل إلى حد كبير في وقف أعمال العنف ضد المسلمين في ولاية غوغارات عام 2002. رغم ذلك استطاع توحيد صفوف الحزب ورفع أسهمه، إضافة إلى أنه يحظى بإقبال كبير من أصحاب الشركات وكل طوائف المجتمع الأخرى من المهمشين والأشخاص العاديين.
وتلاقي التجمعات الانتخابية التي يحضرها مودي حضورا شعبيا كبيرا، ويجري فيها توزيع الهدايا من الأكواب والقمصان والأقنعة والأقلام بشكل مجاني لجذب المزيد من الحضور. وعند تعرضه للسخرية من زعيم حزب المؤتمر ماني شانكار آيار بسبب خلفيته المتواضعة لمساعدته والده في متجر الشاي في ريعان شبابه، طرأت لحملة مودي فكرة إقامة حوار «كوب شاي ساخن».
أبرز التحديات التي ينبغي على مودي التعامل معها في الوقت الراهن خاصة بوصمة عام 2002 والتي تلاحقه منذ ذلك الوقت، على الرغم من تبرئة المحكمة لساحته. ومن المتوقع أن يصوت له الناخبون المسلمون.
في المقابل، يقف راؤول غاندي، 34 عاما، زعيم حزب المؤتمر، والذي يتوقع أن يكون إما أبرز نجاحات الحزب أو نقاط ضعفه. ورغم كون غاندي الرابط الذي يجمع الحزب، فإن إمكاناته تظل موضع شكوك حتى من قبل الحزب ذاته. فيرى بعض أعضاء حزبه أنه يبدو مختلفا وغير واثق من قدراته، فهو يقضي كثيرا من الوقت في دراسة التحليلات والتفكير في إجراء إصلاحات داخلية في الحزب أكثر من تفسير السبب في رغبته في الحكم. لكن حزب المؤتمر يتوقع عدم قدرته على تحقيق برنامجه الذي تعهد فيه بتوفير 100 مليون وظيفة للفقراء، وزيادة الإنفاق على الرعاية الصحية، وانتعاش الاقتصاد المتعثر للقوة الناشئة. وقال راؤول غاندي إن حزبه سيستثمر مليار دولار في البنية التحتية المتداعية.
وقد اعتمد حزب المؤتمر على دعم الهنود في المناطق الريفية التي تمدها بإعانات الطعام وخطط التطوير. وفي إشارة تبعث على القلق لحزب المؤتمر، قال أكثر من نصف الأشخاص الذين جرى استطلاع رأيهم في استطلاعات الرأي الأخيرة إن حزب بهاراتيا جاناتا سيعمل بشكل أفضل من حزب المؤتمر في مساعدة الفقراء.
وبحسب البروفسور كي سي سوري، فقد أظهرت الأنماط الانتخابية أن الناخبين الهنود يحكمون على الموقف الانتخابي بأثر رجعي، أكثر من التوقعات. ففي الأسبوع الماضي راهن المستثمرون الأجانب على تغيير الحكومة، ليرفع ذلك من أسهم البورصة. وقال سوري «ارتفاع الأسعار كان أحد الأسباب في تردي أوضاع حزب الكونغرس».
بيد أنه مع الزيادة الكبيرة في أعداد الأحزاب السياسية في الهند والتنوع الكبير في البلاد خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، لم يتمكن حزب سياسي واحد من تشكيل حكومة بمفرده، واحتاج إلى دعم من شركائه قبل الانتخابات أو بعدها. وقد سمح ذلك بتشكيل ثلاثة تحالفات سياسية هي التحالف التقدمي المتحد، وهو التحالف الذي يقوده حزب المؤتمر، والجبهة الديمقراطية الوطنية، التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا، وتضم الجبهة الثالثة الشيوعيين والمجموعات الإقليمية الأصغر حجما.
جدير بالذكر أن حزب المؤتمر هيمن على الساحة السياسية في الهند منذ الاستقلال عام 1947، وتولى السلطة منذ عام 2004، لكنه لم يشكل حكومة بمفرده منذ عام 1984، بينما كانت المرة الأخيرة التي يشكل فيها حزب بهاراتيا جاناتا والجبهة الديمقراطية الوطنية الحكومة بين عامي 1998 و2004، وهو ما يتوقع أن يتكرر في عام 2014. فقد كان أداء عدد من الأحزاب الإقليمية التي تهيمن بشكل كبير على الولايات ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل بيهار وأوتار براديش وتاميل نودو والبنغال الغربية عامل حسم أيضا. فقد أعلنت هذه الأحزاب عن تشكيل ما سمته «الجبهة الثالثة»، لتحدي الحزبين الرئيسيين إذا فازا بأصوات كافية. لكن المحللين يرون احتمالية وقوع انشقاقات بين أحزاب هذه الجبهة في حال الوصول إلى البرلمان. وقد دخل حزب بهاراتيا جاناتا الانتخابات في شراكة مع بعض الأحزاب الصغيرة تحت راية الجبهة الوطنية الديمقراطية، فيما يواصل حزب المؤتمر سيطرته على التحالف التقدمي المتحد على الرغم من خسارته لبعض الأحزاب الرئيسة قبيل الانتخابات.
وقال برافين راي، عالم النفس في مركز دلهي لدراسات المجتمعات النامية «يستطيع حزب المؤتمر وحزب بهاراتيا جاناتا الفوز في الانتخابات في حال عقد تحالفات مع الأحزاب المحلية الصغيرة في الولايات».
ورغم إشارة الكثير من استطلاعات الرأي إلى احتمالية فوز حزب بهاراتيا جاناتا بغالبية الأصوات، فإنه في حال فشله في الفوز بالـ272 مقعدا المطلوبة لتشكيل حكومة فسوف يسعى إلى عقد تحالفات لتشكيل الحكومة. وهنا يأتي دور الأحزاب الإقليمية الصغيرة التي ستسعى إلى الحصول على امتيازات في مقابل دعم الحزب، والتي سيكون من بينها الحصول على حقائب وزارية لأعضاء بارزين في الأحزاب المحلية أو صفقات خاصة بشأن ولايات بعينها. وقد عقد بهاراتيا جاناتا تحالفات مع أحزاب إقليمية - من بينها حزب السيخ في ولاية البنجاب، وحزب شيروماني آكالي دال وحزب إم دي إم كيه بولاية تاميل نادو، وحزب لوك جانشاكاتي في ولاية بيهار، وحزب تي دي بي في جنوب ولاية أندرا براديش وحزب شيفا سينا في ولاية مهاراشترا.
وقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن حزب بهاراتيا جاناتا قد يسعى إلى الحصول على دعم حزب مؤتمر ترينامول كل الهند، وهو حزب إقليمي يحكم ولاية البنغال الغربية جنوب شرقي الهند، في مقابل حصول رئيس الحزب ماماتا بانيرجي على منصب وزاري في الحكومة المقبلة، أو بتقديم الدعم المالي للولاية التي تعاني من تراكم الديون عليها. ويتوقع أن يحصد حزب ترينامول ما بين 30 إلى 35 مقعدا في الانتخابات الحالية، وهو ما يتوقع أن يمنح الأغلبية لحزب بهاراتيا جاناتا في البرلمان.
ويتكرر الموقف ذاته مع جايا لاليثا، حاكمة ولاية تاميل نادو جنوب الهند وزعيمة حزب إيادمك، الذي كان شريك بهاراتيا جاناتا في حكومة الجبهة الديمقراطية الوطنية. وعلى الرغم من عدم عقد أي تحالفات مسبقة بين الحزب وحزب بهاراتيا جاناتا قبل الانتخابات فإن الباب لا يزال مفتوحا أمام وجود مثل هذه التحالفات.
ووسط المعركة بين الحزبين الكبار تظهر جبهة جديدة، هي جبهة «آم آدامي»، ولدت لمحاربة الفساد، والتي أظهرت أداء رائعا في الانتخابات المحلية التي جرت في الهند في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقد يثبت الحزب الذي دخل الانتخابات للمرة الأولى في البلاد أنه إما يتمتع بنفوذ قوي أو أنه صاحب معارك كلامية فقط.
كان حزب «آم آدامي» قد تخلى عن سياسات الهوية المعتادة، وتبنى عوضا عن ذلك طموحات الشعب خاصة أولئك الذين يقبعون في قاع الهرم، عبر تعريف الفساد بأنه عائق أمام تحقيق طموحات الشعب الهندي. وقد لقي الحزب استجابة لدى بعض الناخبين الذين لم يجدوا من يتحدث عن الطموحات الشعبية - وهو ما لقي استجابة بين قطاعات كبيرة من السكان والطبقات والعرقيات.
ويقول المحلل السياسي ريخا تشودري «جلب الحزب عامل التجديد واشتهر بأنه أحدث انشقاقا عن السياسيين القدامى التقليديين. لكن الفترة التي تولى فيها الحزب المسئولية في دلهي ألقت الضوء على افتقاره إلى الخبرات الإدارية، حيث يبدو الحزب أكثر نشاطا وفوضوية عن كونه بديلا جادا. وربما يكون الحزب قد نجح على مستوى الحشد، لكن لا يتوقع أن يبدي المواطنون رغبة في المجازفة بهم على المستوى الوطني».
ورغم اعتقاد بعض التقارير الإعلامية أن الانتخابات ستكون بين حزبي «آم آدامي» وبهاراتيا جاناتا، فإن الحقيقة هي أن الانتخابات بين حزبي بهاراتيا جاناتا والمؤتمر. فقد يغير نجاح آم آدامي من الطريقة التي يتم من خلالها وضع السياسة في البلاد، لكن ذلك لن يجعل منه شريكا في حكومة مركزية. فقد قضى على الفكرة السائدة باقتصار المنافسة في الانتخابات بين حزبين، لكنه قد ينتهي بالتأثير على الفائزين الآخرين عبر إضافة حالة من التقلب.
وهناك فرصة واقعية لأن يجتذب الحزب الأصوات المعارضة لحزب المؤتمر لصالحه، ومن ثم التفاوض مع حزب بهاراتيا جاناتا.
ولم يكشف مودي، الذي يتوقع أن يشكل الحكومة الهندية المقبلة، عن تفاصيل لخطط اقتصادية بعد، لكن الواضح أن عددا من أقرب مستشاريه ومديري حملته الانتخابية يعلقون الكثير من الآمال عليه، ويأملون في أن يتخذ من النهج الثاتشري نبراسا له.
فيقول ديباك كانث، المصرفي المقيم في لندن والذي يجمع التبرعات لحملة مودي «إن عرفت الثاتشرية بأنها حكومة أصغر حجما وشركات حرة، فلن يكون هناك فارق بين أسلوب مودي والثاتشرية».
التشابه مع ثاتشر لا يتوقف عند الاقتصاد. سواء أكان الأمر للأفضل أو الأسوأ، فقد غص الكثير من الهنود بسنوات ضعف القيادة. ويقول كانث «نحن نريد شخصا فاعلا، لقد شاهدنا ما يكفي من التباطؤ على مدى السنوات العشر الماضية».
نصب مودي من نفسه قائدا للتنمية الاقتصادية، واستشهد بالتنمية والصناعات التي شهدتها ولاية غوغارات أثناء توليه حكمها، وقال إن الهند ستتمتع بنفس الشيء إذا تولى رئاسة الوزراء.
وقال مودي في أحد مؤتمراته الانتخابية «يعلم الجميع عني أنني زعيم قومي هندوسي. لكن فكري الحقيقي هو بناء الحمامات أولا ثم بناء المعابد في ما بعد».
وقالت توشار بودار، كبير الاقتصاديين الهنود في مؤسسة «غولدمان ساكس»، مشيرة إلى حزب المؤتمر وحزب بهاراتيا جاناتا «انتخابات 2014 لحظة فارقة في تاريخ الهند، فلم تشهد السنوات الأخيرة مثل هذا الانقسام الحاد في الرؤى الاقتصادية». وسوف يركز حزب بهاراتيا جاناتا في ظل قيادة مودي على التحول نحو التحضر والبنية التحتية والقضاء على الروتين.
على الجانب الآخر يهدف حزب المؤتمر في ظل رئاسة راؤول غاندي إلى الترويج للتنمية الشاملة عبر تبني خطط الرفاهية بما في ذلك الحق في الرعاية الصحية للجميع والمعاشات التقاعدية لكل المسنين والمعاقين. وخلال الانتخابات السابقة شملت أجندة الحزبين الكبيرة الكثير من النقاط المشتركة، بحسب بودار.
وكان الغرب قد سعى خلال العام الماضي إلى عقد حوار مع مودي، ومؤخرا، بعد تسع سنوات من القطيعة مع الولايات المتحدة الأميركية، أعاد مودي العلاقات من جديد مع رئيس الوزراء المرتقب.
وكان العلاقات بين مودي والكثير من الدول الغربية قد شابها التوتر في أعقاب أعمال التي شهدتها ولاية غوغارات. ومن بين المبعوثين الغربيين الذين التقوه المفوض السامي البريطاني جيمس بيفان، والسفير الألماني مايكل ستاينر، والاتحاد الأوروبي. والمؤكد هو أن الولايات المتحدة لا تملك خيارا آخر سوى القبول بمودي حتى لا تخسر تجارة بينية تقدر بنحو 100 مليار دولار.
* الشباب.. يخلطون أوراق السياسيين والأحزاب
* تسعى الأحزاب السياسية الهندية إلى التودد للشبان على عكس ما كان يحدث من قبل.
وحسب أحدث البيانات الصادرة عن لجنة الانتخابات، سيكون بمقدور نحو 90.000 ناخب، بين سن 18 و22 سنة، التصويت لأول مرة خلال العام الحالي، مما يؤكد على أهمية الناخبين الشبان.
وتعد انتخابات 2014 مؤشرا على حدوث ما يمكن تسميته بـ«زلزال الشبان»، إذ سيلعب الشبان دورا مؤثرا كما لم يحدث من قبل، إذ ستحسم أصوات الشبان الذين يصوتون لأول مرة ما يقرب من خمس عدد المقاعد المتنافس عليها خلال تلك الانتخابات.
وتشير إحصاءات رسمية صادرة عن لجنة الانتخابات إلى أن عدد الناخبين الشبان وصل إلى 146 مليونا عام 2011. يبدو حزب «بهاراتيا جاناتا» متفائلا بشأن تلك الإحصاءات، إذ يتوقع ألا يكون لدى الناخبين الجدد ولاء تجاه أيديولوجيات سياسية معينة، مما يسهم في تعزيز فرص التصويت ضد حزب «المؤتمر» الحاكم.
ويقول حزبيون إن «التركيبة النفسية للناخبين الشبان ما زالت نقية ولم تلوث بعد، وهؤلاء الشبان يبدون أكثر حماسة للأفكار التي تتبنى مكافحة أخطاء الماضي، ويأتي الفساد على رأس قائمة أكثر الأشياء بغضا لدى الشبان، يليه عدم الكفاءة، ثم الغياب التام لمبدأ المساءلة».
ومن اللافت أن غالبية الأحزاب تستغل طاقة الشبان المتعلمين لإضفاء مزيد من الحماس على حملاتهم الانتخابية، إذ يستخدمون مهاراتهم ومعارفهم لصياغة الخطط الانتخابية وجمع التبرعات وحشد أصوات الناخبين الشبان للتواصل مع قادة الأحزاب.