نتنياهو يوعز بوقف الاتصالات مع السلطة.. ويطلب إعداد سلسلة أخرى من العقوبات

مصادر فلسطينية مطلعة: ندرس سبل الرد.. بينها وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل

TT

تقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطوة أخرى على طريق حصار السلطة الفلسطينية، بإصداره أوامر بوقف الاتصالات رفيعة المستوى مع الفلسطينيين في جميع القضايا غير الأمنية، حياتية ومدنية واقتصادية، مستثنيا من ذلك مسؤولة وفد المفاوضات تسيبي ليفني إلى جانب قادة الأجهزة الأمنية.

وأوعز نتنياهو أمس إلى جميع المكاتب الحكومية بوقف التعاون مع الفلسطينيين، شاملا اللقاءات بين الطرفين على مستوى الوزراء ومديري المكاتب وأي مستويات أخرى كبيرة.

وجاء قرار نتنياهو ردا على قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الانضمام إلى معاهدات دولية، وبعد ساعات من انتقادات حادة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري حمل فيها إسرائيل مسؤولية تحول المفاوضات إلى أزمة كبيرة.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن سكرتير الحكومة أفيحاي مندلبليت اتصل بوزراء الحكومة الإسرائيلية وأبلغهم الأوامر الجديدة، مؤكدا ضرورة وقف جميع اللقاءات مع الجانب الفلسطيني «ردا على الخطوات الأحادية التي اتخذها الفلسطينيون». وأوضح المسؤول الإسرائيلي أن الأوامر الجديدة لا تشمل عقد لقاءات على مستويات منخفضة (موظفين)، وتستثني ليفني المسؤولة عن المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، وكذلك مسؤولي أجهزة الأمن والجيش الإسرائيلي والمسؤول عن تنسيق العمليات في الضفة الغربية. وأضاف: «هذا رد على الانتهاك السافر من جانب الفلسطينيين للالتزامات في إطار محادثات السلام»، في إشارة إلى طلبات الانضمام إلى 15 اتفاقية دولية. ولم يتضح بعد تأثير القرار على وضع السلطة الفلسطينية أو كيفية الرد الفلسطيني عليه، لكن رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله قال إنه بدأ اجتماعات متواصلة مع وزرائه لوضع سيناريوهات للتعامل معه. ويتعاون مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون منذ سنوات بشأن قضايا مختلفة، تتعلق بالأمن والبناء والطاقة والوقود والبيئة والمياه والتصاريح وأمور طبية وبشأن حركة البضائع والناس. ومن شأن وقف التعاون المشترك التضييق على حركة الفلسطينيين في الضفة، ومنها إلى إسرائيل والخارج، وخلق واقع قد ينتج عنه نقص حاد في المياه والتصاريح ووقف مشاريع اقتصادية قائمة.

ويحتاج الفلسطينيون إلى موافقة إسرائيلية على إقامة مشاريع بناء ومشاريع تجارية في مناطق شاسعة من الضفة وعلى شق طرق جديدة، إضافة إلى الموافقة على رفع الحواجز وزيادة كميات الوقود والمياه والكهرباء التي تعتمد السلطة فيها على إسرائيل. وتتحكم إسرائيل بجميع المعابر الداخلية والخارجية للضفة الغربية.

ويبدو أن قرار نتنياهو ليس الأخير، إذ أصدر أوامره لمسؤول الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية العميد يؤاف مردخاي لإعداد سلسلة عقوبات أخرى ضد السلطة، في حال الإعلان الرسمي عن فشل المفاوضات.

ومن بين العقوبات التي تفكر فيها إسرائيل، سحب بطاقات الشخصيات المهمة (VIP) من قيادات السلطة الفلسطينية والمسؤولين الفلسطينيين، ومصادرة أموال الضرائب وتحويلها لشركات الوقود والكهرباء لسداد الديون المتراكمة على السلطة، ووقف تنفيذ مشاريع اقتصادية فلسطينية في مختلف المناطق الفلسطينية، وفرض مزيد من إجراءات تقييد حركة رجال الأعمال الفلسطينيين. وفورا قرر رئيس الوزراء الفلسطيني عقد اجتماعات طارئة مع مختلف المؤسسات والوزارات الحكومية لدراسة تداعيات قرار الحكومة الإسرائيلية بخصوص فرض عقوبات إضافية على السلطة. وقال الحمد الله إن الحكومة ستعمل جاهدة على مواجهة هذه التحديات، والاستمرار في تقديم خدماتها للفلسطينيين. وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة ستدرس سبل الرد، ومن بينها إمكانية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. وأضافت: «هذا المطلب (وقف التنسيق الأمني) أصبح على طاولة الرئيس الفلسطيني وهو الوحيد المخول اتخاذ قرار به».

لكن السلطة ستحاول في الوقت نفسه امتصاص الغضب الإسرائيلي، بحسب المصدر، وعدم اتخاذ خطوات مستفزة حتى نهاية فترة المفاوضات الحالية بنهاية هذا الشهر قبل أن تقرر الخطوة اللاحقة. ومن جانبها، دعت حركة حماس الرئيس عباس لإطلاق العنان للمقاومة في الضفة الغربية ووقف كل أشكال التفاوض والتنسيق الأمني مع الاحتلال. وقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس في بيان: «يجب أن تكون خطوة نتنياهو بقطع العلاقات مع السلطة مبررا لها وللرئيس عباس كي يطلق العنان للمقاومة لتردع الاحتلال الإسرائيلي وتدافع عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وتفرض معادلاتها بكل قوة، وأن تنهي السلطة كافة أشكال التفاوض والتنسيق الأمني مع الاحتلال، والعمل على التحشيد الإقليمي والدولي لرفع الشرعية عنه». وعدّت حماس خطوة نتنياهو بقطع كل أشكال التنسيق والتواصل مع السلطة في الضفة تأكيدا على مصداقية مواقف حماس من المفاوضات وخطورة استمرارها والعودة إليها تحت أي مبررات.

وفي إسرائيل، لقي قرار نتنياهو انتقادات من قبل المعارضة، التي وصف رئيسها يتسحاق هرتصوغ خطوة نتنياهو بـ«الهدامة»، قائلا إنها «ستمس بمصالح إسرائيل وبقطاع الأعمال». وأضاف: «رئيس الوزراء بهذا القرار يشرع في عملية انفصال إسرائيل عن العالم وهو يغذي الكراهية ضدنا».

كما انتقد وزير البيئة، عمير بيرتس، قرار نتنياهو، قائلا: «نحن في غنى عنه وكان يجب أن يطرح للنقاش قبل اتخاذه».

ويخشى مسؤولون إسرائيليون من أن يؤدي قرار نتنياهو إلى مزيد من التوتر مع الولايات المتحدة، خصوصا أنه جاء بعد ساعات فقط من إلقاء كيري مسؤولية أزمة المفاوضات على إسرائيل.