البرلمان اللبناني يستكمل جلساته التشريعية على وقع «صرخة الشارع» واعتصام الإعلام الرسمي

إقرار قانون تثبيت متطوعي الدفاع المدني وإرجاء البحث في زيادة الأجور

متطوعون في الدفاع المدني اللبناني نزلوا إلى مياه البحر، أمس، ورفضوا مغادرتها حتى أقر مجلس النواب قانون تثبيتهم في وظيفتهم (رويترز)
TT

وصلت صرخة متطوعي الدفاع المدني في لبنان إلى قاعة مجلس النواب (البرلمان) بعد سنوات من الانتظار. وأقر النواب اللبنانيون أمس قانون تثبيتهم على وقع تحرك احتجاجي على شاطئ الرملة البيضاء، بغرب بيروت، شهد نزول المتطوعين إلى البحر مهددين بألا يغادروه قبل التصديق على القانون.

وعند الظهر وبعد وصول خبر موافقة البرلمان على تثبيتهم كان لاحتفال هؤلاء المتطوعين و«فرحتهم المؤثرة» وقع إنساني لدى كل مواطن تضامن معهم، وأيد حقوق هؤلاء الذين يقدمون الخدمات الإنسانية من دون مقابل. ولكن ما انتزعه متطوعو الدفاع المدني لا يزال ينتظره موظفون كثر غيرهم في لبنان توحدت أصواتهم، أمس، في محيط مبنى مجلس النواب، بوسط بيروت، كل انطلاقا من مطلبه.

الموظفون والمعلمون ما زالوا، وقد بحت أصواتهم، منذ أكثر من سنة يطالبون برفع الأجور ضمن ما يعرف بـ«سلسلة الرتب والرواتب»، في حين «سكت» الإعلام الرسمي أمس بنتيجة اعتصام ما يزيد على 500 صحافي وعامل متعاقد مع «وزارة الإعلام» يتوزعون على «الوكالة الوطنية للإعلام» و«الإذاعة اللبنانية» و«مركز الدراسات اللبنانية». وفي حين اكتفت «الإذاعة» بالموسيقى الكلاسيكية طوال ساعات النهار، اعتذرت «الوكالة» عن إحجامها عن بث الأخبار، أمس، التزاما بالقرار الذي اتخذته الجمعية العمومية لمتعاقدي وزارة الإعلام احتجاجا على التلكؤ في البت في ملف تثبيتهم في مجلس النواب، وفق بيان صدر عنها.

كذلك انضم إلى المعتصمين في ساحة رياض الصلح بوسط بيروت أيضا ما اتفق على تسميتهم بـ«المستأجرين القدامى»، رفضا لقانون الإيجارات الجديد الذي أقره البرلمان الأسبوع الماضي، معتبرين أن القانون وضع لمصلحة تملك كبار الشركات العقارية ويهدف إلى تهجير الناس وتشريدهم.

وعلى صعيد المعلمين، وبعدما كانت «هيئة التنسيق النقابية» قد هددت بالتصعيد، فإنها قررت أمس بناء على طلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي دعا إلى جلسة عامة صباح اليوم، تعليق تحركاتها وفق ما أعلنه نعمة محفوض نقيب المعلمين في المدارس الخاصة. ويذكر أن عددا كبيرا من معلمي لبنان وموظفي القطاع العام كانوا قد تجاوبوا أمس مع دعوة الهيئة إلى الإضراب والاعتصام، الأمر الذي أدى إلى أقفال معظم المدارس أبوابها في مختلف المناطق اللبنانية.

وعن قانون تثبيت متطوعي الدفاع المدني، أوضح النائب هادي حبيش، من كتلة «المستقبل»، أن وزير الداخلية نهاد المشنوق «أدخل بندا في قانون الدفاع المدني له علاقة بمسألة الإجراء والمتعاقدين الذين يعملون حاليا، وعددهم 770 موظفا متعاقدا وأجيرا»، وقال: «وفق التعديل فإن الذي يتقدم إلى المباراة المحصورة ولم ينجح يبقى أجيرا والمتعاقد يبقى متعاقدا، أما المتطوعون ففتحنا لهم الباب للدخول إلى كادر الدفاع المدني من خلال المباراة المحصورة التي ستنظم».

كذلك رأى النائب آلان عون، من تكتل «الإصلاح والتغيير»، أن إقرار القانون المتعلق بتثبيت «متطوعي الدفاع المدني يفتح المجال لتنظيم هذا الجهاز وتثبيت عناصره». ودعا المتطوعين إلى التحضير من أجل المباراة للدخول إلى ملاك الدولة، وأوضح أن «القانون لن يلغي التطوع في الدفاع المدني، فبعد ملء الفراغ سيبقى التطوع قائما»، أما النائب نواف الموسوي، عضو كتلة «حزب الله»، فوصف القانون بـ«المنصف».

واعتبر وزير المال علي حسن خليل، من حركة «أمل»، أن «إقرار قانون الدفاع المدني هو إنفاق استثماري في شريحة واسعة من اللبنانيين الذين زرعوا أجسادهم في جميع أنحاء لبنان لحمايته من الكوارث». ورأى أن «ما جرى هو عملية إنصاف حقيقية لمتطوعي الدفاع المدني لا أكثر، وسنلتزم بشكل كامل الإجراءات القانونية لتنفيذه».

وفي حين يتوقع إعلان «هيئة التنسيق النقابية» برنامج تحركها التصعيدي ما لم تقر «سلسلة الرتب والرواتب» بنهاية هذا الأسبوع، كحد أقصى، أكد النقيب محفوض أن بري قطع وعدا بحل المشكلة، معربا عن ثقته برئيس المجلس ومهددا بالعودة إلى الشارع الاثنين المقبل، وتابع: «نحن تحت سقف القانون ولا نقطع طرقات».

من جهته أعلن حنا غريب، رئيس «الهيئة»، أنها ستبقي اجتماعاتها مفتوحة، ولفت إلى أن «التوصية المرفوعة تنص على تصعيد التحرك إضرابا واعتصاما وتظاهرا وصولا إلى الإضراب العام المفتوح ومقاطعة الامتحانات الرسمية».

وأكد غريب رفض تقسيط السلسلة أو تجزئتها، كما طرحها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لأنها «تولد موجات من التضخم وتأكل الفائدة من السلسلة»، وحذر «من وضع أرقام ملغومة في احتساب حقوقنا المكتسبة».

وفي ظل استمرار عقدة «تمويل السلسلة» وتحذير بعض المسؤولين من خطورة «إقرارها من دون تأمين الموارد»، وتضارب الآراء حول اقتراح زيادة الضرائب، علق النائب سامي الجميل، من كتلة حزب الكتائب، معتبرا أنها حق مكتسب لكل الموظفين، لكنه لفت في الوقت عينه إلى أن «السؤال اليوم ليس حول أحقية الموظفين بها، لكن المشكلة حول الإيرادات، فميزان المدفوعات سلبي، بمعنى أن الأنفاق أكبر من الموارد». وأشار الجميل إلى أن «الوضع الاقتصادي هبط بشكل سلبي جدا خلال السنتين الماضيتين، واليوم هناك خطر حقيقي، وما يحاول معالجته المجلس النيابي هو كيفية توفير إيرادات إضافية من دون أن تتوقف الدولة عن دفع المستحقات عليها»، معتبرا أن «مقاربة ملف الإيرادات تجري بشكل عشوائي».

ورأى الجميل أن «موضوع عجز كهرباء لبنان السنوي هو الباب الوحيد إذا كنا جديين بإعطاء الموظفين حقوقهم وتمويل السلسلة من دون إيصال البلد إلى الانهيار»، ورأى أن «الحل هو خصخصة قطاع الكهرباء، فلا يمكن الاستمرار بدفع ملياري دولار سنويا كعجز».

وشدد الجميل على ضرورة وجود مساواة بين اللبنانيين بدفع رسوم الجمارك، مشيرا إلى وجود هدر أموال في هذا المجال بسبب سيطرة البعض على قطاعات بالجمارك. ومن ناحية أخرى، أكد أن من واجب المجلس النيابي إيجاد قانون جديد للانتخابات النيابية، متمنيا من الجميع إعطاء بعض الوقت لهذا الموضوع.