واشنطن لا تأمل الكثير من الاجتماع الدولي الرباعي المرتقب حول أوكرانيا

استمرار التوتر قرب الحدود.. وبوتين يحذر كييف من «الإقدام على شيء لا يمكن إصلاحه»

تلميذات يشاهدن عناصر من الشرطة تتقدم في حي كييف بمدينة خاركيف الواقعة شرق أوكرانيا أمس (إ.ب.أ)
TT

تواصلت المواجهة بين الانفصاليين الموالين للروس والأوكرانيين المؤيدين للسلطة أمس على بعد كيلومترات من آلاف الجنود المحتشدين على الحدود، فيما أعربت الولايات المتحدة عن تشكيكها في النتائج التي قد تنجم عن اجتماع رباعي مع روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل لمحاولة حل الأزمة الأوكرانية.

وصرحت مساعدة وزير الخارجية لشؤون أوروبا فيكتوريا نولاند: «في الواقع ليست لدينا توقعات كبرى عن هذه المحادثات، لكننا نعتقد أنه من المهم جدا إبقاء باب الدبلوماسية مفتوحا».

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اتفقا الاثنين على إجراء مباحثات مباشرة بين الفاعلين الأربعة الرئيسيين لإنهاء الأزمة. وتريد موسكو تمثيل الأوكرانيين الموالين لروسيا في الاجتماع. وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون مشاركتها في اللقاء إلى جانب كيري ولافروف ووزير خارجية أوكرانيا أندري ديشتشيتسا.

وفي غياب تأكيد رسمي لمكان اللقاء وزمانه، ذكر مصدر دبلوماسي أمس أن الاجتماع سيعقد في 17 أبريل (نيسان) الحالي في فيينا.

ويحتل انفصاليون موالون للروس تعدهم السلطة الموالية لأوروبا في كييف «إرهابيين ومجرمين»، مباني رسمية في عدة مدن في الشرق. ويطالبون بتنظيم عمليات استفتاء حول حكم ذاتي إقليمي أوسع أو حتى الالتحاق بروسيا. لكن في إشارة تهدئة، أعلنت أجهزة الأمن الأوكرانية أنه جرى إطلاق سراح 56 شخصا من أصل 60 «رهينة» كان يحتجزهم ناشطون موالون لروسيا في المقر المحلي للأمن في لوغانسك (شرق أوكرانيا) الليلة قبل الماضية. وكتبت أجهزة الأمن على موقعها على الإنترنت أن الانفصاليين الذين يحتلون المبنى منذ الأحد أخلوا سبيل 51 شخصا ثم خمسة آخرين، وكانوا سمحوا لنواب يتفاوضون معهم بالدخول إلى المبنى. وجميع الأشخاص الذين أطلق سراحهم بصحة جيدة. وتابع الموقع أن النواب الذين باشروا التفاوض غادروا المكان دون مشكلات و«المفاوضات مستمرة بهدف تقليل المخاطر على حياة سكان لوغانسك وسلامتهم».

وكانت أجهزة الأمن الأوكرانية أعلنت مساء أول من أمس بعد 48 ساعة على استيلاء الناشطين على المبنى أن «المهاجمين لغموا المكان»، مضيفة أنها تبذل كل الجهود «لإطلاق سراح الرهائن وتسليم سلاحهم».

واستولى ناشطون موالون لروسيا على مبان رسمية أخرى في شرق البلاد الناطق بالروسية. ولا يزالون يسيطرون على مباني الإدارة المحلية في دونيتسك إلا أنهم طردوا من مقر أجهزة الأمن الأوكرانية في المدينة نفسها ومن مباني الإدارة الإقليمية في خاركيف.

وجرت مواجهات عنيفة برشق الحجارة والقنابل الحارقة على مدى أيام في خاركيف، المدينة التي تحتوي على 1.5 مليون نسمة والواقعة على بعد 50 كيلومترا عن الحدود الروسية. لكن الحكومة الانتقالية في كييف تقوم بكل شيء من أجل تجنب وقوع ضحايا، وصولا إلى حد ترك الساحة شبه خالية أمام المتظاهرين.

وأثارت هذه الاضطرابات مخاوف من تكرار ما حصل في القرم، شبه الجزيرة الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود التي ألحقت بروسيا في مارس (آذار) الماضي إثر استفتاء لم تعترف به كييف والغرب اللذان نددا «بضم» هذه المنطقة. وتتهم السلطات الأوكرانية الانتقالية التي تولت السلطة منذ الإطاحة في نهاية فبراير (شباط) الماضي بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش المؤيد لروسيا، موسكو بالسعي إلى «تفكيك» أوكرانيا أو نسف الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 25 مايو (أيار) المقبل. والمرشحون الأوفر حظا لهذه الانتخابات هم من الموالين لأوروبا المصممين على تقريب أوكرانيا من الغرب.

وأمس، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلطات في كييف إلى «عدم القيام بأي خطوة يتعذر إصلاحها» في أوكرانيا وأمل أن تؤدي الجهود الدبلوماسية إلى «نتائج إيجابية». ونقلت وكالات الأنباء عن بوتين قوله في مستهل جلسة للحكومة بخصوص الأزمة الأوكرانية: «آمل أن تكون مبادرة وزير الخارجية الروسي من أجل إصلاح الوضع (في أوكرانيا) فعالة وذات نتيجة إيجابية. آمل في كل الأحوال ألا تقوم السلطات الانتقالية بأي خطوة يتعذر إصلاحها لاحقا».

وتعهد بوتين منذ فترة طويلة بحماية السكان الروس في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق «بأي ثمن» وحشد ما يصل إلى 40 ألف عسكري على الحدود الأوكرانية، ما أثار مخاوف من حصول اجتياح. وحذر الأميركيون والأوروبيون وحلف شمال الأطلسي بشكل متكرر موسكو من هذا الاحتمال ولوحوا بالتهديد بفرض عقوبات جديدة اقتصادية على روسيا في حال التدخل.

وانتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس روسيا، مشيرة إلى أنها لا ترى أي مؤشر على تهدئة في الأزمة الأوكرانية بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين سحب قوات من الحدود. وقالت ميركل في خطاب حول السياسة العامة في مجلس النواب إن «الوضع في أوكرانيا يبقى صعبا». وأضافت: «للأسف وفي عدد كبير من النقاط لا يمكن أن نلاحظ مساهمة روسيا في انفراج»، داعية مع ذلك إلى مواصلة الحوار. وأضافت أن ألمانيا ستواصل «التأكيد بوضوح على أنه يحق لأوكرانيا في نظرنا اتباع طريق التنمية الذي تريده». وأضافت أنه «يجب أن يقرر الأوكرانيون أنفسهم مصيرهم وسنعمل على مساعدة أوكرانيا في هذا الاتجاه».

لكن رغم أن موسكو تتضرر اقتصاديا جراء هذه الأزمة، مع جمود توقعات النمو وتهريب رؤوس أموال تجاوزت 50 مليار دولار في الفصل الأول من السنة، فإنها تبدو مصممة على استخدام سلاح الغاز ضد جارتها. وعقد بوتين أمس اجتماعا لحكومته لبحث العلاقات الاقتصادية مع أوكرانيا بعد قرار رفع أسعار الغاز التي تسلم إلى كييف بنسبة 80 في المائة.