الحكومة الفرنسية تشكل «قطبا ضاربا» في السياسة الخارجية

لوران فابيوس على رأس وزارة موسعة تضم ثلاثة وزراء دولة

TT

تتمتع فرنسا بثالث أكبر شبكة دبلوماسية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين، وتحل بريطانيا في المركز الرابع. ولباريس 163 سفارة (ثنائية) و16 ممثلية (متعددة). بيد أن هذا الواقع لا يبدو أنه ينال رضا الحكومة الجديدة التى تسعى لتنشيط دور باريس على المسرح العالمي في ظل منافسة متزايدة وخروج الدبلوماسية عن دورها التقليدي ودخولها إلى الدائرة الاقتصادية بما تعنيه من الفوز بأسواق جديدة أو اجتذاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد العالمي.

وترجمة لهذه الفلسفة الجديدة، كبر دور وزارة الخارجية الفرنسية التي بقي الوزير لوران فابيوس على رأسها في حكومة مانويل فالس. وكانت النتيجة أن وزارتي التجارة الخارجية والسياحة ضمتا إليها بحيث إنها أضحت أكبر «قطب» وزاري يشمل، إلى جانب دورها الدبلوماسي الكلاسيكي، الشؤون الأوروبية والتنمية الدولية والفرنكوفونية والفرنسيين في المهاجر وحقوق الإنسان فضلا عن التجارة الخارجية والسياحة.

ومنذ وصوله إلى الـ«كي دورسيه» (مقر الخارجية)، أطلق فابيوس ما يسميه «الدبلوماسية الاقتصادية» وحدد دورها بمساعدة الشركات والمؤسسات الفرنسية في الخارج على الفوز بالأسواق والعقود والترويج لـ«صنع في فرنسا». ولهذا، عمد إلى تعيين «مندوبين» من الشخصيات المرموقة في عدد من الدول والأسواق الواعدة لغرض تعزيز دور السفارات والقنصليات والبعثات الاقتصادية المنتشرة عبر العالم.

يتمتع وزير الخارجية الفرنسي بالمؤهلات التي تمكنه من قيادة «الهجوم» الاقتصادي الفرنسي الخارجي. ذلك أن فابيوس شغل مناصب اقتصادية أساسية قبل أن يتولى رئاسة الحكومة زمن الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران ومنصب رئيس البرلمان. وكلفه رئيس الوزراء ليونيل جوسبان حقيبة وزارة الاقتصاد. ومع عودة الاشتراكيين إلى السلطة بعد فوز فرنسوا هولاند في الانتخابات الرئاسية، عهد إليه بوزارة الخارجية التي ورثها عن رئيس حكومة سابق هو آلان جوبيه. وكان فابيوس أحد المؤهلين للعودة إلى رئاسة الحكومة. إلا أن هولاند فضل عليه وزير الداخلية مانويل فالس لما يتمتع به من شعبية يحتاجها رئيس الجمهورية لاستعادة المبادرة السياسية ولمواجهة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية القادمة وأولها الانتخابات الأوروبية في 25 مايو (أيار) المقبل. وقالت مصادر الخارجية إن «التنظيم الجديد غرضه حصر الوسائل التي تمتلكها الدولة الفرنسية في جهة واحدة بحثا عن مزيد من الفعالية في العمل الخارجي لفرنسا».

ويعود الاهتمام المتزايد بإعادة تنظيم وتشغيل الأدوات الفرنسية بالرغبة في انتشال الاقتصاد الفرنسي من حالة الضعف التي يعاني منها. فالتجارة الخارجية سجلت عجزا وصل العام الماضي إلى 60 مليار يورو، وعجز الميزانية يزيد على الأربعة في المائة بينما المطلوب نزوله تحت عتبة الثلاثة في المائة بحسب التزامات فرنسا إزاء الاتحاد الأوروبي.

وأمس، عمد رئيسا الجمهورية والحكومية إلى تعيين 14 سكرتير دولة لمعاونة الوزراء الأساسيين الـ16. كذلك أعلن عن تعيين الوزير الأسبق جان بيار جوييه، وهو أحد المقربين جدا من هولاند، أمينا عاما جديدا للرئاسة. وهذا المنصب يتمتع بأهمية استراتيجية من الطراز الأول باعتبار أن مهمة صاحبه أن يكون حلقة الوصل بين الرئاسة والحكومة والساعد الأيمن للرئيس خصوصا في المسائل التي تتناول السياسة الخارجية والدفاع. ومن الذين تقلدوا هذا المنصب في السابق ميشال جوبير وهوبير فيدرين ودومينيك دو فيلبان وكلود غيان (كلهم أصبحوا لاحقا وزراء فيما دوفيلبان وصل أيضا إلى رئاسة الحكومة) الأمر الذي يدل على أهمية المنصب. وعصرا، صدرت التعيينات الجديدة التي بموجبها ألحق بوزارة الخارجية ثلاثة وزراء دولة فعينت فلور بيليرين وزيرة دولة لشؤون التجارة الخارجية والسياحة وهارلم ديزير، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي وزير دولة للشؤون الأوروبية. أما شؤون التطوير الدولي والفرنكوفونية فعهد بها إلى آنيك جيرادان.