«أنصار بيت المقدس».. ثلاث سنوات من العنف

أبرز عملياتها في مصر تفجير خطوط الغاز واستهداف وزير الداخلية

TT

تعد جماعة «أنصار بيت المقدس» واحدا من أقوى التنظيمات الجهادية التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء بمصر، ويعتقد أنها تكون المجموعة الرئيسة وراء نشاط الجماعات المتشددة داخل البلاد.. وهي الجماعة الأكثر ظهورا وتحركا منذ ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011 التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة.

ونشطت جماعة «أنصار بيت المقدس» مجددا وبقوة في شبه جزيرة سيناء عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق محمد مرسي. ويقول مراقبون إن «عناصرها يحتمون داخل كهوف في جبل الحلال الذي يقع في وسط سيناء التي تحدد فيها اتفاقية (كامب ديفيد للسلام) بين مصر وإسرائيل، عدد قوات الجيش المصري وتسليحه».

وبحسب المراقبين، فإن «الجماعة تتكون من خليط من فلسطينيين وفدوا من غزة، ومن مصريين كانوا منضوين تحت لواء ما كان يعرف بـ(جماعة التوحيد والجهاد) التي تبنت عدة هجمات إرهابية استهدفت السياح في سيناء بين عامي 2004 و2006».

وبدأت جماعة «أنصار بيت المقدس» عملياتها في سيناء بعد الإطاحة بمبارك مباشرة، بتبنيها تفجير خط أنابيب تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل والأردن، وكررت بعد ذلك عمليات استهداف خطوط الغاز خلال حقبة المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد تنحي مبارك، وكانت قد أظهرت في تسجيل مصور على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب» في يوليو (تموز) عام 2012 استعداداتها لتنفيذ هذه الهجمات.

وكثفت «أنصار بيت المقدس» هجماتها على قوات الجيش والشرطة المصرية عقب الإطاحة بمرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين من السلطة، حتى إن بعض المراقبين ربط بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين وجماعات فلسطينية مسلحة خاصة مثل حركة حماس، فيما أكدت السلطات المصرية في عدة مناسبات مثل هذا الارتباط.

ويرى خبراء سياسيون أن «أنصار بيت المقدس» تقترب من فكر تنظيم القاعدة، وعلى الرغم من إشادة أيمن الظواهري رأس «القاعدة»، وهو مصري الجنسية، بالجماعة، فإنه حتى الآن لم يجر الاعتراف بها فرعا من فروع «القاعدة» في مصر.

ومن أهم العمليات التي قامت بها الجماعة في مصر منذ ثلاث سنوات بجانب تفجير خطوط الغاز، محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري اللواء محمد إبراهيم في سبتمبر (أيلول) الماضي عقب استهداف موكبه في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) فور خروجه من منزله، وأسفر ذلك عن إصابات عديدة بينها عدد من أفراد الشرطة.

وأعلنت الجماعة مسؤوليتها أيضا عن مقتل 25 من جنود الأمن المركزي في 19 أغسطس (آب) الماضي في عملية عرفت إعلاميا باسم «مذبحة رفح الثانية»، والهجوم بسيارة مفخخة على مديرية أمن جنوب سيناء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستهداف مبنى المخابرات العسكرية في الإسماعيلية في الشهر نفسه.

كما أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» مسؤوليتها عن مقتل المقدم محمد مبروك مسؤول ملف الإخوان المسلمين في جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتبنت الجماعة تفجير مديرية أمن الدقهلية (بدلتا مصر) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي أسفر عن مقتل 16 كان من بينهم 14 من ضباط الأمن. فضلا عن إعلان الجماعة مسؤوليتها عن الهجوم على مدينة إيلات الإسرائيلية، وكمين أمني في محافظة بني سويف أودى بحياة ستة من ضباط الشرطة، وتفجير مديرية أمن القاهرة، وإسقاط مروحية عسكرية بسيناء خلال يناير الماضي.

ويؤكد المراقبون أن جماعة «أنصار بيت المقدس» تمثل تحولا خطيرا في أسلوب الأعمال والجماعات الإرهابية التي شهدتها مصر على مدار تاريخها الحديث، لما شهدته الفترة الأخيرة من أعمال عنف وإرهاب غير مألوفة ومختلفة عما كان يحدث من عمليات إرهابية سابقة.

واتسمت العمليات الإرهابية الأخيرة في مصر بانتقالها من سيناء إلى محافظات مصر والعاصمة القاهرة، لتشهد تفجيرات انتحارية وسيارات مفخخة واستهداف ضباط الشرطة والجيش والمنشآت العامة والحيوية والجامعات، وهي السمة التي لم يعهدها المصريون حتى في أصعب فترات الإرهاب التي مرت بها مصر في التسعينات من القرن الماضي. وأصبحت جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي اعترفت بمسؤوليتها عن أغلب تلك العمليات الإرهابية، مثار جدل كبير على الأصعدة كافة، لا سيما مع تزامن نشاطها مع عزل مرسي وإعلان جماعة الإخوان المسلمين «تنظيما إرهابيا»، وهو ما أثار الاتهام بوجود علاقة بين «أنصار بيت المقدس» و«الإخوان»، بل ذهب البعض إلى أن جماعة «أنصار بيت المقدس» ما هي إلا ميليشيات تتبع نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر، المحبوس حاليا في قضايا عنف وقتل.

بدوره، يكثف الجيش المصري من هجماته على البؤر الإرهابية في سيناء بهدف القضاء على الجماعات المسلحة وأبرزها «أنصار بيت المقدس»، ويعلن بشكل يومي على لسان متحدثه الرسمي العقيد أركان حرب أحمد محمد علي، عن توقيف أو قتل العشرات من عناصر هذه الجماعات التي يصفها بـ«الجماعات التكفيرية» المتشددة.