«داعش» يمول نفسه في الرقة عبر تكرير النفط ومصادرة البيوت لتأجيرها

التنظيم شكّل جهاز شرطة المرور لتنظيم السير في المدينة

TT

يعتمد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على تكرير النفط بوسائل بدائية في مدينة الرقة (شمال سوريا) الخاضعة لسيطرته بهدف تمويل نشاطاته العسكرية، كما يستفيد التنظيم من بدل إيجارات بيوت صادرها من أصحابها بحجة عدم امتلاكهم أوراقا ثبوتية.

وكان سكان مدينة الرقة استفادوا من خروج القوات النظامية من مدينتهم وانكشاف خطوط النفط العابرة على أطرافها فأنشأوا مصافي يدوية لتكرير النفط تسمّى «الحرّاقات» لتحويله إلى مواد محترقة (مازوت، بنزين) تمهيدا لبيعه. لكن تنظيم «داعش» وبعد سيطرته على الرقة صادر هذه المصافي للاستفادة منها، بحسب ما يؤكد القيادي المعارض في المدينة إبراهيم مسلم لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «هذه التجارة تؤمن عوائد كبيرة للتنظيم تسمح له بتمويل نشاطاته العسكرية».

وردا على ممارسات «التنظيم» المتشدد خرجت قبل يومين مظاهرة في مدينة المنصورة غرب محافظة الرقة، طالبت بـ«إيقاف عمليات تكرير مادة النفط داخل المدينة».

وغالبا ما ترتبط معارك تنظيم «الدولة الإسلامية» بالسيطرة على منابع الطاقة، لا سيما في مدن دير الزور والحسكة والرقة. وسبق للتنظيم، أن خاض معارك طاحنة ضد تنظيمات إسلامية أخرى للسيطرة على حقل «التيم» النفطي في دير الزور الذي بات تحت إدارته قبل أشهر. ويعد «التيم» من أهم الحقول في سوريا. وكانت طاقته الإنتاجية تبلغ نحو 75 ألف برميل يوميا قبل بدء الصراع منذ ثلاث سنوات. كما حاول «التنظيم» إحكام سيطرته على قرية «الشدادي» في الحسكة، حيث يكثر انتشار الآبار النفطية.

ولا يكتفي «داعش» بتكرير النفط في الرقة لتأمين مصادر تمويل لنشاطاته، بل يستفيد أيضا من بدل إيجارات عدد من البيوت صادرها من أصحابها بحجة عدم امتلاكهم أوراقا ثبوتية، بحسب ما يشير المسلم في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن «أكثر من 440 منزلا صودرت من قبل (داعش) في مدينة تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة بهدف تأجيرها والحصول على عوائد مادية». ولفت مسلم إلى أن «معظم البيوت في الرقة غير مسجلة بشكل رسمي في الدوائر العقارية بحكم الروتين الذي كان يفرضه النظام على مثل هذه المعاملات»، موضحا أن «التنظيم يستغل عدم وجود أوراق ثبوتية ويطلب من الناس مغادرة بيوتهم بهدف استثمارها ماديا».

وكان تنظيم «داعش» سيطر على مدينة الرقة بشكل كامل في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وفرض على سكان المدينة أحكاما متشددة كفرض النقاب على النساء وملاحقة المدخنين، ما أثار غضب «الرقاويين» واستهجانهم.

وفي تطور يكشف عن نية التنظيم تكريسه سلطته في مدينة الرقة، أعلن أمس، تشكيل جهاز لشرطة المرور يتألف من 30 عنصرا مدنيا يتوزعون على عدة نقاط في المدينة، منها دوار الدلة وتقاطع الخضر وساحة المتحف الأثري وغيرها. كما حُددت ساعات دوامهم من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء.

ونقلت مواقع المعارضة السورية عن مصدر مقرب من التنظيم قوله، إن «العمل التنظيمي في الرقة لن يتوقف على تشكيل جهازٍ للشرطة، بل سيتطور»، حيث سيجري العمل على إحضار رافعات لسحب السيارات التي تعد مخالفة. وأضاف المصدر، أن «عناصر الشرطة سيحملون أجهزة اتصال لا سلكية خاصة بهم، كما سيجري تنظيم الشوارع الرئيسة في المدينة، ومنع بسطات الباعة الجوالين فيها قدر الإمكان».