تركيا تسعى لزيادة سلطات جهاز المخابرات

في ظل صراع رئيس الحكومة على السلطة

TT

سعت حكومة تركيا، أمس، لنيل موافقة البرلمان على زيادة سلطات جهاز المخابرات، في تحرك عدّه منتقدو رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان محاولة منه لتقوية قبضته على أجهزة الدولة، في صراعه على السلطة. والسيطرة على أجهزة الأمن في البلد العضو بحلف شمال الأطلسي هي محور صراع بين إردوغان ورجل الدين الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، الذي كان فيما مضى حليفا لإردوغان، وتتمتع شبكة أنصاره بنفوذ في الشرطة والقضاء.

ويتهم إردوغان شبكة «خدمة» التي يتزعمها غولن بتدبير مخطط للإطاحة به والتنصت على آلاف الهواتف، بينها هاتفه على مدى أعوام، واستغلال تسجيلات مسربة لإطلاق مزاعم بالفساد ضد دائرته المقربة قبل سلسلة من الانتخابات. وينفي غولن هذه الاتهامات.

ووفقا لمسودة مبدئية اطلعت عليها «رويترز»، تشمل المقترحات التي عرضت على البرلمان منح جهاز المخابرات الوطني سلطات أكبر للتنصت، وتنفيذ العمليات الخارجية، ومنح كبار العملاء حصانة أكبر من الملاحقة القضائية.

ويرأس حقان فيدان جهاز المخابرات، وهو أحد المقربين من إردوغان. وفي فبراير (شباط) 2012 خضع فيدان لتحقيق عدته دائرة رئيس الوزراء تحديا لسلطته من قبل هيئة قضائية تقع تحت نفوذ غولن.

وقال بشير أتالاي نائب رئيس الوزراء إن الأولوية لتحديث القوانين القائمة التي عفا عليها الزمن منذ عقود، ووضع المخابرات التركية على قدم المساواة مع نظيراتها في العالم.

وقال للبرلمان: «اقتداء بالنماذج الغربية، فإن الهدف هو جعل القانون أكثر شفافية ومنح جهاز (المخابرات) قدرا أكبر من الخيارات».

وأضاف: «من خلال مشروع القانون هذا ستزيد أنشطة جهاز المخابرات الوطني المتعلقة بالأمن الخارجي والدفاع الوطني والصراع ضد الإرهاب ومكافحة التجسس وجرائم الإنترنت». ويتمتع حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له إردوغان بأغلبية في البرلمان.

ورد إردوغان على التحقيق في الفساد بعزل آلاف الضباط من قوة الشرطة ونقل مئات من المدعين والقضاة، وهو تحرك أثار القلق في العواصم الغربية، وبينها بروكسل، التي تخشى من أن تركيا المرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي تبتعد عن المعايير الأوروبية.

وقال ستيفان فولي مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسعة، في إشارة لخطة إردوغان لتشديد قبضته على القضاء وعمليات نقل أفراد الشرطة والمدعين: «الأحداث التي وقعت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، تلقي بظلال من الشك على التزام تركيا بالقيم والمعايير الأوروبية». ويقول مساعدون لإردوغان إن مثل هذه الانتقادات تقلل من مستوى الخطر على الأمن القومي، مما وصفوه بـ«دولة موازية» تسعى لتخريب عمل الحكومة، وإحباط مساعي إردوغان للترشح لانتخابات الرئاسة في أغسطس (آب) المقبل.

ونشر آخر تسجيل مسرب على موقع «يوتيوب» قبل أيام من الانتخابات المحلية التي أجريت في 30 مارس (آذار)، وعدّت استفتاء على حكم إردوغان. وكان التسجيل عن اجتماع ضم مدير المخابرات فيدان، ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو، بالإضافة لنائب قائد القوات المسلحة، وناقشوا خلاله عملية عسكرية محتملة في سوريا.

وكان هذا هو أكثر التسريبات ضررا حتى الآن في الفضيحة المستمرة منذ شهور، وجرى حجب موقع «يوتيوب» منذ ذلك الحين. وقالت هيئة الاتصالات التركية اليوم الخميس إنها لن ترفع الحظر على الرغم من أحكام قضائية ملزمة لها بذلك. وبعد إعلان انتصار حزب العدالة والتنمية، الذي هيمن على الخريطة الانتخابية في الانتخابات المحلية، على الرغم من مزاعم الفساد، قال إردوغان إنه «سيدخل عرين» الأعداء الذين اتهموه بالكسب غير المشروع، وسربوا أسرار الدولة.

وقال مسؤولون كبار إن تركيا ستفتح تحقيقا جنائيا في مزاعم وجود «دولة موازية» يدعمها غولن، في حملة من المرجح أن يقودها جهاز المخابرات. وذكرت وسائل إعلام محلية أن تسعة من ضباط الشرطة اعتقلوا في محافظة أضنة الجنوبية، أول من أمس، لصلتهم بتحقيق حول زرع أجهزة تنصت.

وقال سفانتي كورنيل الخبير في شؤون تركيا في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز: «إذا كانت حركة (غولن) لها نفوذ جيد في الشرطة والقضاء، فلا بد أن يكون لديك جهة تلاحق الحركة، ويبدو أن هذه الجهة ستكون جهاز المخابرات الوطني». ويسعى مشروع القانون الذي قد يجري تعديله خلال المناقشات لفرض عقوبات مشددة بالسجن لنشر وثائق سرية مسربة، وحماية مدير المخابرات من الملاحقة القضائية، إلا من قبل أعلى محكمة نقض في البلاد.

وقال سيزجين تانريكولو، وهو نائب بحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة: «هذا القانون يمنح المخابرات سلطات ليست من حقها في دولة قانون».

وأشار خلال حديثه إلى الجدل الذي أثير بشأن مزاعم عن ضلوع المخابرات في منع تحقيق بشأن شحنات إمدادات لسوريا. وذكرت وسائل إعلام محلية أن المخابرات تدخلت في يناير (كانون الثاني) لمنع قوات الأمن من تفتيش شاحنات في محافظة أضنة كان محققون يشتبهون في أنها تحمل أسلحة لجماعات معارضة سورية.