«داعش» تتمدد إلى دير الزور للسيطرة على «النفط»

ناشطون: النظام يخلي بلدات كسب ويغلق مطار اللاذقية المدني

سوريون يتجمعون حول حطام خلفه تفجير سيارتين مفخختين بمنطقة كرم اللوز في مدينة حمص أول من أمس (رويترز)
TT

تمدد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش» أمس، إلى محافظة دير الزور شرق سوريا، بعد محاولاته منذ شهرين الوصول إلى المحافظة الغنية بالنفط والغاز، انطلاقا من معقله في الرقة. وقال رئيس المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر بدير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم الذي سيطر أمس على بلدة «البوكمال» الحدودية مع العراق، «يحاول بسط سيطرته على منابع النفط في سوريا، وإنشاء امتداد سوري حيوي لدولته في العراق التي يسيطر فيها على محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا، عبر قتاله في شرق وشمال شرقي سوريا للسيطرة على محافظات الرقة والحسكة ودير الزور».

وبينما تشتعل جبهة الشرق، دخلت المعركة في اللاذقية تطورا جديدا، بتأكيد الناشط عمر الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات السورية «أخلت قرى وبلدات ريف كسب الحدودية مع تركيا، من السكان المدنيين»، مشيرا إلى أن البلدات المحيطة بكسب «حتى رأس البسيط (12 كيلومترا جنوب النقطة الحدودية مع تركيا) باتت خالية من المدنيين والسكان الذين نقلهم النظام إلى مدينة المحافظة مما يؤشر على إعلان المنطقة عسكرية».

وقال الجبلاوي إن السلطات السورية «أغلقت مطار باسل الأسد المدني في جبلة باللاذقية، بالكامل، على خلفية تعرضه لقصف صاروخي من قبل المعارضين في شمال غربي البلاد، واستهدافه على مدى أيام بصواريخ (غراد) معدلة يصل مداها إلى 35 كيلومترا».

وأفاد ناشطون سوريون بتواصل القتال بريف اللاذقية وسط قصف عنيف تعرضت له مدينة كسب التي سيطر مقاتلون معارضون عليها قبل أسبوعين.

وفي شرق البلاد، اقتحم مقاتلو «داعش» مدينة البوكمال شرق سوريا، وتقدموا فيها وسط اشتباكات عنيفة مع مقاتلين إسلاميين أبرزهم عناصر «جبهة النصرة»، في سعي للسيطرة على المدينة ومعبرها الحدودي مع العراق. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «عناصر (الدولة الإسلامية) يتقدمون في المدينة، وسيطروا على أحيائها»، مشيرا إلى أن الاشتباكات «أدت إلى مقتل 24 عنصرا على الأقل من الطرفين». وأشار عبد الرحمن إلى أن «الدولة الإسلامية» تسعى إلى «السيطرة على المعبر الحدودي مع العراق»، الذي يربط البوكمال بمحافظة الأنبار التي تعد معقلا أساسيا لـ«الدولة الإسلامية» في غرب العراق.

وتقع البوكمال على الحدود العراقية، في محافظة دير الزور الغنية بآبار النفط. وباتت المدينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 خارج سيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وكان مقاتلو «الدولة الإسلامية» انسحبوا في 10 فبراير (شباط) الماضي من كامل محافظة دير الزور بعد ثلاثة أيام من المعارك مع مقاتلين إسلاميين، منهم «جبهة النصرة». وسيطرت «النصرة» وكتائب إسلامية أخرى على البوكمال في حينه، بعد طرد لواء إسلامي مبايع لـ«الدولة الإسلامية» كان موجودا فيها.

ويأتي هذا التقدم بعد سيطرة «الدولة الإسلامية» قبل أيام على بلدة مركدة في جنوب محافظة الحسكة ذات الغالبية الكردية. كما سيطر التنظيم الجهادي قبل أقل من أسبوعين على بلدة البصيرة وقرى محيطة بها جنوب مدينة دير الزور. وأوضح عبد الرحمن أن «الدولة الإسلامية» تعاود استعادة نفوذها في محافظة دير الزور، عبر التقدم من ثلاثة محاور «هي جنوب الحسكة، والأراضي العراقية، ومنطقة البادية (الصحراء) السورية».

وقال رئيس المجلس العسكري في دير الزور، التابع للجيش السوري الحر المقدم مهند الطلاع لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نقاتل (داعش) منذ شهرين في معقله على حدود دير الزور مع الرقة والحسكة»، مشيرا إلى أن «فشلهم في التقدم من منطقة منجم الملح المحاذية للرقة، ومركدة المحاذية للحسكة، دفعهم لإرسال مقاتلين من البادية السورية، وهي المنطقة الفاصلة بين تدمر ودير الزور، وليس من داخل الحدود العراقية كما أشيع». وتركز الهجوم من منطقة الصناعة على طريق البادية في الجهة الغربية للمدينة، ومن جهة جسر الباغوز في جزيرة دير الزور بالجهة الشرقية للمدينة. وقال الطلاع إن 800 مقاتل من «داعش» اقتحموا صباح أمس مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، وسيطروا فيها على المشفى الوطني ومشفى عائشة، بالإضافة إلى مبنى الأمن العسكري الذي كان مقاتلو الجيش الحر يسيطرون عليه. لكن المعركة «لم تنتهِ»، كما أكد الطلاع، مشيرا إلى أن «أمير (داعش) في دير الزور أصيب، وهو موجود حاليا في (مشفى عائشة)، الذي يحاصره مقاتلو الجيش السوري الحر بهدف طردهم منه». ولفت الطلاع إلى أن هجوم «داعش» على دير الزور، «تخللته محاولة للتقدم باتجاه منطقة الموحسن»، حيث تجري اشتباكات قرب المطار العسكري بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية، مشيرا إلى أن قوات «داعش» فشلت في التقدم على هذه الجبهة. ويبدو أن «داعش» تحاول إنشاء خط اتصال بين معقلها في محافظة الأنبار العراقية، ومناطق نفوذ لها في سوريا، لتوسيع نطاق «الدولة الإسلامية». والمفارقة، بحسب الطلاع، أن هذه المنطقة «هي الأغنى بالنفط والغاز، حيث تحاول (داعش) السيطرة على منابع النفط السورية، منذ بدء تمددها إلى الرقة ثم السيطرة (في سبتمبر/ أيلول الماضي) ومحاولات التمدد إلى دير الزور».

في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسيطرة «جبهة النصرة» و«جيش المهاجرين والأنصار» على مبنى الخدمات الفنية قرب مبنى المخابرات الجوية، حيث تواصلت الاشتباكات العنيفة في محيطه، ومحيط مبنى المخابرات الجوية ومبنى الهلال الأحمر. وذكر المرصد أن الطيران الحربي فتح نيران رشاشاته الثقيلة على مناطق في قرى باتبو وكفرناصح وكفركرمين بريف بلدة الأتارب. وفي دمشق، أفاد المرصد بسقوط ثلاث قذائف (هاون) على منطقة كنيسة الصليب ومدرسة المعونة والمشفى الفرنسي بمنطقة القصاع، مما أدى لمقتل عنصر من الشرطة واحتراق سيارة وتصاعد أعمدة الدخان من المنقطة وسقوط جرحى.

وفي ريف دمشق، وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي «جبهة النصرة» وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى، في بلدة المليحة ومحيطها ومزارع بلدة رنكوس ومحيط مرصد صيدنايا، الذي تسيطر عليه الكتائب الإسلامية المقاتلة، مما أدى لإعطاب دبابة للقوات النظامية في محيط المرصد، كما قصفت القوات مناطق في مدينة الزبداني وجرود بلدتي رنكوس وهريرة ومنطقة مرصد صيدنايا الذي تسيطر عليه الكتائب الإسلامية المقاتلة.