مقتل شاب في بغداد بعد تمزيق ملصق دعائي يثير مخاوف من عنف انتخابي

مرشح للانتخابات: التنافس منذ بدء العملية السياسية غير شريف

اللافتات الدعائية للمرشحين للانتخابات البرلمانية العراقية تزدحم فوق أرصفة بغداد وتزاحم المارة وتجبرهم على استخدام الشوارع أمس (أ.ب)
TT

تعكس حادثة مقتل شاب في بغداد على خلفية تمزيق ملصق دعائي للانتخابات التشريعية المقبلة حالة التوتر التي يعيشها العراق وتثير مخاوف من أعمال عنف انتخابية إضافية بانتظار موعد ثالث انتخابات برلمانية منذ اجتياح عام 2003.

قتل حسين سعدون، (29 سنة)، الذي يسكن حي الشهداء في إحدى ضواحي بغداد الشرقية يوم الأحد الماضي قرب منزله وأمام أعين أصدقائه وإخوته، إثر تدخله لتخليص طفل في العاشرة من عمره من أيدي شخص انهال عليه بالضرب. ومنذ بدء الحملة الانتخابية في مطلع الشهر الحالي، تحولت بغداد خصوصا إلى ما يشبه ساحة حرب انتخابية، حيث انتشرت في شوارعها صور المرشحين والملصقات الدعائية الضخمة، وسط حملات تشهير متبادلة غزت القنوات التلفزيونية المحلية.

وتأتي هذه الانتخابات، المتوقع أن تنظم في 30 أبريل (نيسان) الحالي، بعد سلسلة من أزمات سياسية وانتكاسات أمنية عصفت طوال الأعوام الماضية بالبلاد وبالحكومة التي سميت حكومة وحدة وطنية على اعتبار أنها ضمت غالبية القوى السياسية.

وبحسب رسول وهو الشقيق الأكبر للضحية، فإن «حسين كان مع أصدقائه في تلك الليلة، وعن طريق الصدفة رأى شخصا ممسكا بطفل صغير وهو ينهال عليه بالضرب المبرح»، وعندما استفسر فهم أن الطفل قام بتمزيق ملصق انتخابي.

وأضاف رسول متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية في خيمة العزاء التي كانت لا تزال قائمة أول من أمس: «تدخل حسين لنجدة الطفل، وقال لمن كان يضربه: (توقف عن ضربه)» لكن المسلح رفض ذلك وواصل ضربه قائلا إن «هناك جهات سياسية دفعت هذا الطفل إلى تمزيق ملصق (كتلة) الأحرار في المنطقة». ويشير الرجل المسلح بذلك إلى كتلة «الأحرار» التي كانت تمثل تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في البرلمان العراقي قبل أن يعلن الصدر حلها واعتزاله العمل السياسي، علما بأن مرشحي هذه الكتلة لا يزالون يقدمون أنفسهم على أنهم مرشحو تياره.

ونقل رسول عن الرجل المسلح قوله لشقيقه: «سآخذ هذا الطفل إلى المكتب من أجل إجراء التحقيق الأصولي معه، لمعرفة الجهة التي تقف خلفه». وقال من جهته سالم محمد وهو صديق الضحية وكان موجودا وقت الحادثة إن «حسين كان يتحدث بكل أدب مع ذلك الشخص وقال له: أنا سأشتري ملصقا بدلا عن الذي تمزق، لكن لا تظلم الطفل وتضربه، وهو صغير لا يفهم العمل الذي قام به». لكن المسلح، تابع محمد: «غضب المسلح لكلمة (تظلم) فأخرج هاتفه واتصل بجماعته، وإذا بثمانية أشخاص يصلون خلال دقائق ويحاصرون المكان قبل أن يقدم سيف وهو القاتل على سحب مسدسه وإطلاق النار على رأس حسين ثم صديقه عباس، الذي كان يحاول معه إنقاذ الطفل».

استقرت الرصاصة في رأس حسين وفارق الحياة أثناء نقله إلى المستشفى، بينما لا يزال عباس الذي استقرت الرصاصة كذلك في رأسه، فاقدا بصره، وفي حالة حرجة، بحسب أفراد عائلتيهما.

وقال شهود عيان إن «الأشخاص الثمانية فروا في بادئ الأمر إلى مسجد قريب، وبعد ذلك تمكنوا من الفرار إلى جهة مجهولة، لكن القاتل وهو مطلوب في قضية جنائية سابقة سلم نفسه إلى الشرطة بعدما أرسلت عائلة الضحية تهديدا عشائريا إلى عائلة القاتل بحسب العرف العشائري المعمول به».

كان حسين يقيم بمنطقة عشوائية ويعمل في معمل لصناعة الطوب، ومتزوجا منذ خمس سنوات، لكن ليس لديه أي أطفال، حيث فقدت زوجته أربعة أولاد خلال حملها بهم. وتحولت هذه المنطقة منذ بدء الحملة الدعائية للانتخابات في بداية الشهر الحالي إلى صندوق انتخابي من لون واحد، حيث تنتشر صور المرشحين المنتمين إلى تيار الصدر في شوارعها، بينما تعرضت صور رئيس الوزراء نوري المالكي إلى حملة تمزيق فيها.

ويقول المراقب السياسي والمرشح للانتخابات المقبلة طارق المعموري لوكالة الصحافة الفرنسية إن «العنف سيزيد خلال الحملة الانتخابية، وكذلك تصفية الحسابات». ويضيف: «التنافس الانتخابي منذ بدء العملية السياسية في العراق تنافس غير شريف».