انفجار لغم استهدف شاحنة عسكرية غربي تونس

مصدر أمني: لا أحد يعرف عدد الإرهابيين المتحصنين في جبال الشعانبي

TT

لم يسفر انفجار لغم تقليدي بجبل الشعانبي وسط غربي تونس صباح أمس، عن سقوط ضحايا في صفوف قوات الجيش التي تطارد منذ أشهر المجموعات المسلحة المتحصنة هناك. لكن الانفجار أعاد إلى الأذهان مخاطر المواجهات المسلحة التي لا تزال تدور رحاها في المنطقة العسكرية العازلة التي أقامتها المؤسسة العسكرية بجبال الشعانبي على مساحة تقارب مائة كيلومتر مربع لمحاصرة العناصر الإرهابية.

وقال توفيق الرحموني، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، في تصريح لوسائل الإعلام، إن التفجير وقع في حدود التاسعة صباحا، ولم يسفر عن إصابات في صفوف العسكريين، بينما لحقت بعض الأضرار بالشاحنة العسكرية التي كانت تقلهم. وذكر شهود عيان في قرية «أولاد منصور» التابعة لمنطقة «فوسانة» التي كانت مسرحا للعملية، أن الانفجار جرى عقب مرور سيارة عسكرية في مسلك قريب من الشعانبي دون تسجيل إصابات في صفوف العسكريين، لكن بعض سكان المنطقة ذكروا أن جنديا قد يكون تعرض لإصابات خفيفة. وأشاروا إلى وصول تعزيزات عسكرية وأمنية إلى موقع الانفجار لمعاينته، وجلب عينات من بقايا اللغم لتحليلها ودراستها والتعرف على طريقة صنعها، في محاولة للكشف عن الجناة.

وكان القصف المدفعي قد تجدد في الثامن من أبريل (نيسان) الحالي في نفس المنطقة، بعد رصد تحركات مريبة لمجموعات إرهابية. واستعملت قوات الجيش المدفعية الثقيلة ودفعت بطائرات مقاتلة إلى مسرح المواجهات دون أن تعلن المؤسسة العسكرية عن تحقيق نتائج إثر القصف المدفعي. وقال الفاضل السايحي، الممثل الجهوي لنقابة قوات الأمن الداخلي في القصرين حيث وقع الحادث، لـ«الشرق الأوسط»، إن الانفجار لم يخلف ضحايا بشرية ولكنه يعطي الدليل على وجود مجموعات متحصنة في جبال الشعانبي.

وبشأن طول المواجهة مع المجموعات المتشددة، وتعذر النجاح في حسم المعركة لصالح قوات الأمن والجيش بعد أشهر طويلة من تضييق الخناق عليها، قال السايحي إن صعوبة التضاريس الطبيعية ووجود عدة خلايا نائمة تدعم المسلحين في تحركاتهم وتمدهم بوسائل الاستمرار على قيد الحياة، من بين الأسباب التي أدت إلى إطالة أمد المعركة. ونفى السايحي أن يكون بحوزة أي جهة أمنية أو عسكرية العدد المحدد والنهائي للإرهابيين المتحصنين في جبال الشعانبي وسط غربي تونس، وقال إن هذا الأمر يكاد يكون مستحيلا، وتابع قائلا: «المعركة طويلة وتتطلب صبرا وحبكة وجلدا»، على حد تعبيره.

وتعود المواجهات المسلحة إلى شهر مايو (أيار) 2013 حين استعملت المجموعات الإرهابية لأول مرة الألغام التقليدية ضد قوات الأمن والجيش، وتعرض ثمانية عسكريين للقتل يوم 29 يوليو (تموز) الماضي وهو ما فتح أبواب المواجهات المسلحة على أشدها. وتشن تونس حربا غير مسبوقة ضد المجموعات الإرهابية وصنفت في أغسطس (آب) الماضي تنظيم أنصار الشريعة السلفي الجهادي الذي يقوده أبو عياض تنظيما إرهابيا، ومنعت أنشطته وجرمت الانضمام إليه.

في غضون ذلك، أعلنت مجموعة من المنظمات والجمعيات الحقوقية التونسية دعمها ومساندتها لأمل بن تونسي، التونسية المهاجرة التي رفع مانويل فالس وزير الداخلية الفرنسي السابق ورئيس وزراء فرنسا الحالي قضية ضدها على خلفية اتهامها بالتحريض في حق المنتسبين إلى المؤسسة الأمنية الفرنسية.

وفي هذا السياق، قال مختار العقربي، رئيس الجمعية التونسية للتشغيل والهجرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن عدة جمعيات تونسية وفرنسية أبدت تعاطفها مع قضية التونسية المقيمة بفرنسا. وأضاف أنها ستدعم كل التحركات الاحتجاجية الهادفة إلى الكشف عن ملابسات اغتيال شقيقها قبل نحو سنتين. وكانت بن تونسي، (38 سنة)، قد روجت شريط فيديو خصصته لفضح ممارسات أفراد الشرطة ووصفتهم فيه بـ«القتلة»، واتهمتهم بتعمد قتل شقيقها، وقدمت مشاهد للأساليب العنيفة التي تتبعها أجهزة وزارة الداخلية الفرنسية في التعامل مع شبيبة الضواحي الباريسية المهمشة، وذكرت أن «الشرطة تقتل الشباب ولا تعاقب». وكانت محكمة فرنسية قد عدت مقتل أمين بن تونسي على يد شرطي لاحقه وأطلق عليه النار على مستوى الظهر، جريمة قتل متعمد، إلا أن محامي الجاني عد الحادث دفاعا عن النفس بحجة أن القتيل هدده بمسدس وهمي، ولم يحسم القضاء الفرنسي في القضية إلى حد الآن.