مجموعة الأزمات الدولية توصي بإنشاء محكمة من قضاة محليين ودوليين في جنوب السودان

الدعوة إلى ثلاثة مسارات في التفاوض بين أطراف النزاع في جوبا

TT

أوصت مجموعة الأزمات الدولية ومقرها (بروكسل) إنشاء محكمة مختلطة من قضاة محليين ودوليين على غرار محكمة سيراليون لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في جنوب السودان إلى جانب تشكيل هيئة للمصالحة والحقيقة لإجراء مصالحة شاملة بين مختلف العرقيات في هذه الدولة التي تشهد حربا بين القوات الحكومية والمتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق الدكتور رياك مشار والتي اندلعت في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتواجه المفاوضات بين الأطراف المتحاربة تعثرا في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي.

وحثت الأزمات الدولية في تقرير لها أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إلى تشكيل مجموعة اتصال تضم دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد)، الاتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة، دول الترويكا (الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج)، الاتحاد الأوروبي، الصين، جنوب أفريقيا لتسهيل المناقشات والتنسيق مع الشركاء الدوليين، وإبعاد أي تنافس أو تقديم جهود موازية أو حلول جزئية لضمان عدم تأثير أي جهة مانحة في تقديم مشاريع ذات حساسية سياسية بعيدة عن الحل القومي التوافقي، وطالبت المجموعة هذه الجهات بالتدخل لتطوير أي عملية سياسية ذات مشروعية في تلبية طموحات أطراف النزاع، ودعا التقرير إلى توسيع التنسيق في جهود الحل السياسي بين وسطاء الإيقاد والآلية الأفريقية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي التي تقود الوساطة بين دولتي السودان وجنوب السودان بسبب تزايد التوتر بين الدولتين، ويذكر أن الآلية الأفريقية بقيادة جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي تقود الوساطة بين الخرطوم والحركة الشعبية شمال لحل الحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان واللتين لهما حدود مشتركة مع دولة جنوب السودان، وما زالت المفاوضات بين الأطراف السودانية تراوح مكانها بسبب أن الحركة الشعبية تطالب بحل شامل وترفض حصره في المنطقتين.

واشترطت مجموعة الأزمات الدولية نشر قوات من دول الإيقاد أو أي أطراف إقليمية للقيام بمهمة حفظ السلام في جنوب السودان بأن يكون لديها تفويض واضح لدعم الحل السياسي للنزاع في تلك الدولة، وقالت (لا بد من توفر العدد الكافي للقوات وتوفير الموارد المالية اللازمة لتسريع نشرها)، وشددت على اتخاذ التدبير اللازمة بالتأكيد على أن هذه القوات تلتزم بدعم الرؤية السياسية الشاملة للحل بدلا من تحقيق أغراض الدول التي تنتمي لها.

وفيما يتعلق بملف العدالة والمصالحة رأت مجموعة الأزمات الدولية ضرورة تشكيل محكمة مختلطة من قضاة دوليين ومحليين على غرار المحكمة الخاصة بالنزاع في سيراليون والتي كان قد تم تشكيلها في عام (2000) باتفاق بين الأمم المتحدة وسيراليون، وذكر تقرير الأزمات الدولية أن المحكمة الخاصة ضرورية لتحقيق عدالة ملموسة لشعب جنوب السودان، وأوصى التقرير بتقديم الموارد البشرية والمالية والوقت الكافي إلى مفوضية حقوق الإنسان في الاتحاد الأفريقي المعنية بانتهاكات حقوق الإنسان لإجراء مشاورات واسعة بما في أطراف النزاع ومنظمات المجتمع المدني والجهات الدينية والمجتمعات المحلية لتقديم توصيات تقود إلى تأكيد العدالة والحقيقة والمصالحة باعتبارها جزءا من العملية السياسية وللتعاطي مع الجرائم واسعة النطاق وللحيلولة دون تكرار النزاع مستقبلا.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت تقريرا في الثالث والعشرين من مارس (آذار) الماضي ذكرت فيه أن الشركاء الدوليين دفعوا مقترحات لإحداث اختراقات في محادثات السلام بين طرفي النزاع في جنوب السودان والتي تم تأجيلها إلى الثاني والعشرين من أبريل (نيسان) الجاري، وكان المصدر الغربي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» قد توقع أن تشكل محكمة خاصة مشتركة من قضاة محليين ودوليين لمحاكمة من ثبت تورطهم في جرائم حرب ارتكبت خلال الحرب التي بدأت في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

واقترح تقرير الأزمات الدولية بتشكيل ثلاث مسارات للتفاوض تضم حزب الحركة الشعبية الحاكم بمختلف أقسامه، إلى جانب أي مجموعات مسلحة بالإضافة إلى المجتمعات المحلية المتصارعة لتساهم في الحوار السياسي الشامل، وطالبت المجموعة الأطراف في جنوب السودان، دول الإيقاد، الاتحاد الأفريقي والشركاء الدوليين لوضع خطة انتقالية تشمل ترتيبات سياسية وعسكرية تتجاوز المشاركة في السلطة في شكلها البسيط بين النخب المتصارعة من أجل استيعاب كل الأطراف لعكس التنوع السياسي والعرقي وعلى مستوى الولايات، وحث التقرير إلى ضم منظمات المجتمع المدني، القيادات الدينية، والمنظمات الخدمية، الشباب، النساء وغيرها، بالإضافة إلى الاعتراف والتواصل مع كل المجموعات المسلحة أو تلك التي تمت عسكرتها باعتبارها ركنا أساسيا للحل الدائم للنزاع، محذرا من أن الفشل في ذلك يقوض جهود الوسطاء وقد يؤدي ذلك إلى خلق مجموعات مخربة كان يمكن استيعابها في العملية السياسية.