استئناف جلسات التفاوض الفلسطينية ـ الإسرائيلية وسط تقدم في قضية الأسرى

ليفني تصف اقتراح بينت ضم كتل استيطانية من الضفة بـ«المجنون والطفولي»

TT

عاد الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات، عقب مشاورات أجراها الرئيس الفلسطيني مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، في محاولة للاتفاق على تمديدها (المفاوضات) لعدة شهور. وكان وزير الخارجية الأميركية جون كيري التقى نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في واشنطن، أول من أمس، لدفع الحكومة الإسرائيلية لمواصلة المفاوضات.

والتقى الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي، أمس، وسط تكتم رسمي حول التفاصيل التي ناقشتها الجلسة. ولكن مصادر قالت إنها ركزت على الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، ودفعة أخرى مقابل وقف التوجه إلى مؤسسات المجتمع الدولي.

وأوضح مصدر فلسطيني مقرب من المفاوضات لوكالة الصحافة الفرنسية أن اللقاء عقد بعد ظهر أمس، في فندق بالقدس، وجمع بين وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني، المسؤولة عن ملف المفاوضات وإسحق مولخو ممثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، ومدير المخابرات العامة ماجد فرج مع أنديك.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أنه يجري إحراز تقدم في المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي تهدف لمواصلة محادثات السلام، ولكنها نفت أنباء من المنطقة عن التوصل لاتفاق.

وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الوزارة للصحافيين: «فريقنا المفاوض ما زال يجري مفاوضات مكثفة مع الطرفين. لقد عقدوا اجتماعا آخر اليوم. الفجوات تضيق، ولكن أي تكهنات بشأن التوصل لاتفاق سابقة لأوانها في الوقت الحاضر».

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية، إن إسرائيل اقترحت الإفراج عن أسرى ومواصلة المفاوضات، على أن توافق رئاسة السلطة الفلسطينية على الالتزام بعدم تفعيل الطلبات التي قدمتها إلى المنظمات والهيئات الدولية. وأضافت: «قد لا يكون هناك مناص من التوصل إلى صيغة للإفراج عن سجناء أمنيين من أجل دفع المفاوضات».

وتحاول إسرائيل إبقاء بعض الأسرى الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية خارج قائمة الأسرى المنوي الإفراج عنهم، كما أنها تطرح إبعاد بعضهم عن بيوتهم في إسرائيل، وحتى في الضفة الغربية، لكن السلطة الفلسطينية رفضت ذلك.

ومن المقرر أن تستمر المفاوضات حتى نهاية الشهر الحالي، قبل إعلان نجاح أو فشل مهمة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي بذل جهودا كبيرة لإحياء العملية السياسية.

وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إنه من المرجح نجاح مساعي تمديد المفاوضات، من خلال صفقة تشمل الإفراج عن أسرى وتجميد الاستيطان، مقابل التوقف عن الذهاب إلى مؤسسات المجتمع الدولي وحصول الإسرائيليين على الجاسوس اليهودي المعتقل في واشنطن، جوناثان بولارد.

واعتقل بولارد، الخبير السابق في البحرية الأميركية، في الولايات المتحدة في 1985، لنقله لإسرائيل آلاف الوثائق السرية حول نشاطات الاستخبارات الأميركية في العالم العربي.

وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز: «عرضنا صفقة لإنقاذ المفاوضات السلمية من خلال الإفراج عن الدفعة الرابعة من السجناء الأمنيين، مقابل تراجع السلطة الفلسطينية عن توجهها إلى الأمم المتحدة». وأضاف: «الإفراج عن سجناء أمنيين من عرب إسرائيل منوط بإفراج الولايات المتحدة عن بولارد».

ويقول الفلسطينيون إن التوجه إلى 15 معاهدة دولية انتهى أمره، لكنهم مستعدون للامتناع عن توقيع معاهدات إضافية، ومستعدون لتمديد المفاوضات بحيث تركز على الحدود، مقابل إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، وعددهم 30، إضافة إلى ألف أسير آخر بينهم مسؤولون كبار، مع التزام إسرائيل بالتوقف عن البناء الاستيطاني.

وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي للإذاعة الفلسطينية الرسمية: «نحن تحدثنا بشكل واضح عن ضرورة إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى ووقف النشاط الاستيطاني في حالة تمديد المفاوضات، نطالب بالتركيز على ترسيم الحدود، ونحن ننتظر أن نسمع من الجانب الإسرائيلي».

وقال رئيس الهيئة الإعلامية في ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي، ليران دان، إن إسرائيل معنية بمواصلة عملية التفاوض، وستبذل كل جهد مستطاع لاحتواء الأزمة الحالية، غير أنه ليس بكل ثمن.

وأضاف لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «إسرائيل تثمن الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في هذا المجال، وهي معنية بإنجاحه، لكن القيادة الفلسطينية لم تعمل شيئا لدفع المفاوضات، بل بالعكس».

وانقسم الوزراء الإسرائيليون حول إمكانية تمديد المفاوضات بين مؤيد ومعارض.

ويؤيد كل من وزيرة القضاء تسيبي ليفني، ووزير المالية يائير لابيد، وآخرين، مواصلة المفاوضات، ويعارضه وزراء الاقتصاد والإسكان وآخرون.

وأرسل زعيم اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية وزير الاقتصاد نفتالي بينت، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يطلب منه وضع برنامج سياسي خاص، يضم فيه أراضي كتل المستوطنات في الضفة الغربية للحدود الإسرائيلية.

وقال بينت لنتنياهو: «نحن نشهد الآن انتهاء العملية السياسية.. لقد حطم الفلسطينيون رقما قياسيا جديدا في الابتزاز والرفض. لقد رفض أبو مازن فكرة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وذهب بشكل أحادي إلى الأمم المتحدة، بعد أن حررنا له عشرات القتلة المخربين من أجل استمرار المفاوضات».

وأضاف: «في ظل ذلك يجب فرض السيادة الإسرائيلية على كتل الاستيطان الكبيرة في الضفة الغربية في منطقة أريئيل، غوش عتصيون، محيط مطار بن غوريون، كتلة عوفراه - بيت إيل وكتلة معاليه أدوميم».

ويتحدث بينت عن أكبر مستوطنات في نابلس ورام الله وبيت لحم والخليل، وهي الكتل الاستيطانية التي يقول الإسرائيليون أصلا إنهم ينوون الاحتفاظ بها ضمن اتفاق دائم.

ووفق اقتراح بينت، فإنه سيجري ضم الأراضي المحيطة بهذه الكتل، ويعني هذا ضم 400 ألف مستوطن إسرائيلي، وعشرات الآلاف من الفلسطينيين أيضا إلى إسرائيل.

ولم يصدر أي تعقيب من نتنياهو على مبادرة بينت، وقال مكتب نتنياهو إن الاقتراح لم يطرح بعد على طاولة رئيس الوزراء. لكن وزيرة العدل والمسؤولة عن ملف المفاوضات، ليفني، ردت على بينت بعنف وسخرية، قائلة على «فيس بوك»: «أعجبت بخطة بينت، لماذا؟ هيا افعل ذلك. إذا أراد المرء أن يصاب بالجنون، فليقم بذلك، استمر بهذه الطريقة حتى لا نستطيع إبرام اتفاقية، وحتى نخسر كل ما هو ثمين بالنسبة لنا».

وأضافت: «يتصرف بينت بعدم مسؤولية، وإنما فقط يكتب رسائل، مثل طفل يعترض ويأمل أن يضع له آباؤه حدودا».