اليونان تخرج من أزمتها وتعود للأسواق الدولية

طرحت سندات سيادية بعد أربع سنوات من أزمة مالية طاحنة

جانب من بورصة أثينا (أ.ف.ب)
TT

تعود اليونان مجددا إلى سوق السندات الدولية بأول إصدار لسندات سيادية، وذلك أربع سنوات من أزمة مالية طاحنة كادت تخرجها من منطقة اليورو. ويأتي ذلك وسط انتقادات من المعارضة التي وصفت الحكومة بأنها تستخدم تلك الحيل كدعايا انتخابية بعد أن أثبتت الحكومة فشلها في الإصلاحات، وحملت الشعب تدابير تقشفية قاسية.

وأعلنت وزارة المالية اليونانية عن تكليف المصارف العالمية ببيع سندات بالحجم القياسي باليورو لأجل خمس سنوات، بموجب القانون البريطاني، على أن يجري البيع في المستقبل القريب. وهذه الخطوة التي تخطوها أثينا، ترسل من خلالها إشارة سياسية واقتصادية لأسواق العالم، ولكنها تأتي بينما لا يزال التصنيف الائتماني لليونان متدنيا، مع تجاوز الدين اليوناني مبلغ 321 مليار يورو، أي نسبة 175 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

ويصف المراقبون هذه الخطوة بالإنجاز الحقيقي، بالنظر إلى ما عانته البلاد قبل ذلك، وهناك آمال بأن ترى البلاد نموا إيجابيا بعد أن شهدت خمس أو ست سنوات من الانكماش والخمول.

ولتلبية حاجاتها التمويلية منذ ذلك الحين حصلت اليونان على 218 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ضمن حزمة للإنقاذ المالي وجمعت نحو 15 مليار يورو من أذون خزانة. وليست اليونان، البلد العضو في منطقة اليورو، في حاجة ماسة إلى التمويل، لكنها تريد اختبار الأجواء لمزيد من مبيعات السندات الأكبر حجما في المستقبل في إطار استراتيجيتها لتغطية جميع حاجاته التمويلية من السوق بحلول 2016. وتنتهي مدفوعات الإنقاذ المالي من الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق هذا العام. وقالت اليونان إنها لا تحتاج إلى مزيد من المساعدات.

وكانت اليونان قد خططت أصلا للعودة إلى سوق السندات في النصف الثاني من هذا العام بعد ظهور المزيد من الأدلة الملموسة على انتهاء الركود الحالي الذي بدأ قبل ست سنوات، لكن تراجعا سريعا لعوائد السندات وضغوطا لتحقيق نجاح اقتصادي قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو (أيار) أقنعت رئيس الوزراء اليوناني إندونيس ساماراس وحكومته الائتلافية الهشة بتقديم موعد البيع.

ويعد بيع السندات علامة بارزة مهمة لأحد أكثر الاقتصادات التي تواجه مشكلات في أوروبا، وكانت اليونان قد باعت سندات آخر مرة في مارس (آذار) من عام 2010. ورحب صندوق النقد الدولي بالأنباء قائلا إن اليونان تبرهن على نجاح سياسة التقشف الصارمة التي تبنتها، والتي ساعدت في القضاء على العجز الأساسي في الميزانية.

وصرح وكيل وزارة المالية اليوناني خريستوس ستايكوراس، بأن البلاد تحقق للسنة الثانية على التوالي فائضا ماليا أوليا في موازنتها، مما يدعم موقعها التفاوضي مع مقرضيها، ويعزز استدامة خدمة الديون السيادية، ويضعها على سكة العودة إلى الاستدانة من الأسواق المالية الدولية. وأعلن ستايكوراس أن حجم الفائض الأولى بلغ 3.5 مليار يورو في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2014، مقابل 1.4 مليار يورو في الشهرين نفسهما في عام 2013.

ومن المقرر أن تصل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى العاصمة اليونانية أثينا اليوم (الجمعة)، بهدف دعم المسار الإصلاحي الذي اعتمدته حكومة رئيس الوزراء إندونيس ساماراس. وتعد هذه الزيارة هي الثانية لميركل في فترة تولي ساماراس رئاسة الوزراء، حيث كانت الزيارة الأولى لها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.

وكانت المستشارة الألمانية، قد أكدت لدى استقبالها رئيس الوزراء اليوناني في برلين نهاية العام الماضي، أن بلادها ستقدم مزيدا من الدعم لأثينا في كفاحها ضد الأزمة الاقتصادية.

وعدت ميركل أن الحكومة اليونانية الحالية أحرزت تقدما جيدا، وتستحق منحها الثقة، معربة عن تقديرها الخاص لتمكنها من تحقيق فائض أولى لأول مرة بعد الأزمة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، كما شددت على اعتماد إصلاحات هيكلية في الاقتصاد اليوناني، مضيفة أن ألمانيا ستقدم الدعم على المستوى الثنائي في عدة قطاعات منها الإصلاحات الإدارية والنظام الصحي وإقامة بنك للتمويل من مصادر بنك الائتمان الألماني لإعادة البناء.