ربيع انتخابي للأحزاب الدينية في إندونيسيا

المعارضة الرئيسة تفكر في تحالفات قبل الاقتراع الرئاسي

مرشح المعارضة المحتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة جوكو ويدودو يسير مع أنصاره في جاكرتا أمس (أ.ف.ب)
TT

حققت أحزاب الإسلام السياسي إنجازا مهما في الانتخابات التشريعية بإندونيسيا، بحصولها على تأييد أكثر من ثلث الناخبين، إلا أن نجاحها لا يعني صعود الإسلام السياسي بقدر ما يعكس الاستياء من فساد النخب، حسبما رأى خبراء.

وكانت استطلاعات الرأي توقعت نكسة انتخابية لهذه الأحزاب الخمسة، التي تنافست في الانتخابات التشريعية التي جرت الأربعاء الماضي، بعد سنوات من التراجع الانتخابي. وحصلت هذه الأحزاب على تأييد 32 في المائة من الناخبين، بزيادة ست نقاط بالمقارنة مع عام 2009، كما كشف استطلاع شبه رسمي وضعه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن. وبعض هذه الأحزاب مثل «حزب اليقظة الوطنية» الذي حصل على تسعة في المائة من الأصوات، يمكن أن يلعب دورا في تشكيل التحالفات قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في التاسع من يوليو (تموز) المقبل.

ويرى الخبراء أن هذه الزيادة ناجمة عن عجز التشكيلات العلمانية عن القضاء على فساد النخب السياسية المالية. وقال جيفري وينترز الخبير في شؤون إندونيسيا في جامعة نورثويسترن يونيفرستي الأميركية إن «هزيمة هذه النخب تمهد الطريق لرسالة خطاب أخلاقي ديني». وأضاف أن الرئيس المنتهية ولايته سوسيلو بامبانغ يودويونو يتحمل مسؤولية خاصة في هذا الشأن. فبعد أن أعيد انتخابه عام 2009 على أساس برنامج لمكافحة الفساد، واجه بشكل أساسي «قضايا» تطال أعضاء حزبه (الحزب الديمقراطي).

وحصل «الحزب الديمقراطي» على نحو عشرة في المائة من الأصوات في انتخابات الأربعاء، أي أقل من نصف الأصوات التي حصدها عام 2009، متقدما على «حزب اليقظة الوطنية» أول حزب إسلامي استعاد على ما يبدو ناخبيه. وقال جاجات برهان الدين من مركز الدراسات حول الإسلام والمجتمع في جاكرتا إن «الدعم للأحزاب الإسلامية يعكس انهيار ثقة (الإندونيسيين) في الحزب الحاكم».

كما أن أكبر حزب معارض (الحزب الديمقراطي الإندونيسي من أجل النضال) الذي جاء في الطليعة، لم يحصل على كثير من الأصوات، إذ حصد 20 في المائة فقط، إن لم يكن أقل، بينما كان يتوقع أن يحصل على تأييد 25 في المائة من الناخبين بفضل شعبية مرشحه للانتخابات الرئاسية جوكو ويدودو الحاكم الحالي للعاصمة.

أما «حزب اليقظة الوطنية»، الذي ضاعف الأصوات التي حصل عليها بالمقارنة مع 2009، فقد راهن على ترشيح المغني الشعبي روما ايراما للانتخابات الرئاسية. وقد استفاد من دعم «نهضة العلماء» أكبر منظمة مسلمة في البلاد يبلغ عدد أعضائها 40 مليون شخص، ومن تمويل رشدي كيرانا مؤسس شركة «الطيران لايون إير»، الذي انضم إلى «اليقظة»، وأصبح نائب رئيسه. وحتى «حزب العدالة والرفاه» الذي أضعفه سجن رئيسه السابق بتهمة الفساد، حقق نتيجة مشرفة بحصوله على نحو سبعة في المائة من الأصوات، أي بالكاد نقطة واحدة أقل من نتيجته في 2009.

وتدعو بعض الأحزاب الإسلامية إلى فرض الشريعة، لكن الأحزاب السياسية للمسلمين بشكل عام كيَّفت برنامجها وجعلت هذه النقطة في مراتب متأخرة. وقال نورهادي حسن من جامعة سنان كاليجاغا الإسلامية إن «الخطوط متشابكة. الأحزاب الإسلامية تعرف كيف تلعب على وتر الانقسام القومي، والقوميون يسعون لإظهار أن المسائل الدينية تهمهم». وبعيد تعيينه مرشحا لـ«الحزب الديمقراطي الإندونيسي من أجل النضال»، التقى جوكو ويدودو قادة نهضة العلماء والهيئة المحمدية ثاني منظمة مسلمة في البلاد تضم 30 مليون عضو.

من ناحية أخرى، يتوقع محللون أن يسعى «الحزب الديمقراطي الإندونيسي من أجل النضال»، في المرحلة المقبلة إلى تشكيل تحالفات من أجل اختيار مرشحه لانتخابات الرئاسة المقررة في يوليو (تموز) المقبل.

وقال نائب الأمين العام للحزب أريكو سوتاردوغا: «الخطوة التالية بالنسبة لنا هي النظر إلى الأحزاب الأخرى التي يمكننا التعاون معها. بدأنا الحديث إلى العديد من الأحزاب».

ولم تعلن النتائج الرسمية بعد، ولا تزال هناك فرصة أن يفوز الحزب بالمقاعد الكافية لترشيح جوكوي، دون الحاجة لمساعدة حزب آخر. وقال سوتاردوغا: «من المهم أن نقول إننا لن نشكل ائتلافا يستند فقط إلى الصفقات السياسية، فهم مثلا يقدمون لنا دعمهم، ونحن نقدم لهم شيئا في المقابل». وأضاف: «لا نريد أيضا تشكيل ائتلاف كبير، لأننا لاحظنا في السنوات القليلة الماضية أن تحالفا كبيرا يضم كثيرا من الشركاء يكون غير فعال بشكل كبير».

وكان سوتاردوغا يشير إلى حكومة الرئيس الحالي يودويونو التي تعرضت لانتقادات شديدة لقيادتها غير الناجحة.