هدنة صعيد مصر في اختبار عودة الدراسة اليوم.. والأزهر يرمي بثقله لحل الأزمة

محافظ أسوان لـ «الشرق الأوسط»: هدفنا حاليا ضبط الوضع الأمني ومعالجة أسباب الفتنة جذريا

TT

في مشهد يراه مراقبون قد يؤدي إلى عودة الاشتباكات من جديد في جنوب مصر، تواجه هدنة أسوان بين قبيلتي «الدابودية» (نوبية) و«الهلايل» اختبارا صعبا بعد استئناف الدراسة، اليوم (السبت)، في مدارس منطقة «السيل الريفي»، التي كانت مسرح الأحداث الدامية قبل أسبوع، وأسفرت عن مقتل 26 وإصابة العشرات وحرق عدد كبير من المنازل، في أشرس موجة عنف تشهدها البلاد منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي أعلنتها السلطات «تنظيما إرهابيا». وبينما كشفت قيادات شبابية داخل «النوبيين والهلايل» عن تخوفهم من وقوع أحداث عنف جديدة بعد استئناف الدراسة، خاصة في المدرسة الصناعية التي انطلقت منها الشرارة الأولى للأحداث، قال محافظ أسوان اللواء مصطفي يسري لـ«الشرق الأوسط» إن «هدفنا حاليا ضبط الوضع الأمني ومعالجة أسباب الفتنة جذريا».

في حين يرمي الأزهر الشريف بثقله لحل الأزمة، وقال مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب سيقود مفاوضات إنهاء الفتنة بنفسه، في أسوان خلال ساعات.. كما أوفد شيخ الأزهر عددا من علمائه لعقد ندوات تحث على الصلح ووأد الفتنة». وأعلن مفتي مصر الدكتور شوقي علام أنه سيزور أسوان، اليوم (السبت).

في غضون ذلك، ضبطت الأجهزة الأمنية بأسوان مدرسا بالمدرسة الصناعية لتورطه في التحريض على العنف. وقال مصدر أمني مسؤول في أسوان لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدرس ينتمي لجماعة الإخوان، ونُسِب له التورط في أحداث العنف والاشتباكات الدامية».

وكانت اشتباكات اندلعت بين القبيلتين، يوم الجمعة الماضي، بسبب خلاف نشب بين طلاب ينتمون للقبيلتين في المدرسة الصناعية، عقب قيام الطرفين بكتابة عبارات مسيئة ضد الطرف الآخر على جدران المنازل والشوارع، في نجع الشعبية بمنطقة السيل الريفي.

وأكدت مديرية الأمن في بيان لها، أمس، أن «قوات الأمن نجحت في ضبط شخص ينتمي إلى لإخوان متورط في الأحداث الأخيرة وبحوزته 33 زجاجة مولوتوف، وبندقية آلي، كما تم أيضا ضبط متهمين اثنين آخرين ضمن المتورطين في الأحداث الدامية، وقررت النيابة حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات.

وميدانيا، تعود الدراسة، اليوم (السبت)، في منطقة الأحداث بمنطقة السيل الريفي، وتصر السلطات المحلية على استئناف الدراسة، وقال محافظ أسوان إنه «تم إصدار قرار بعودة الدراسة ابتداء من اليوم لتعويض الأيام التي تم إغلاق المدارس خلالها، وسيتم تأمين الـ25 مدرسة الموجودة بمحيط الأحداث من قبل الأجهزة الأمنية والشرطية حماية لأرواح وسلامة الطلاب والعاملين بهذه المدارس». لكن قيادات شبابية داخل قبيلتين (النوبيين والهلايل) تتخوف من عودة الدراسة، قائلين لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأحداث قد تشتعل في أي وقت بالمدرسة التي كانت سببا في الأحداث». وقال بدر محمدين (نوبي)، «المدرسة الصناعية ومدارس أخرى تقع في محيط الأحداث، وطلابها من القبيلتين، وقد يحدث ما لا يحمد عقباه»، مطالبا بوقف الدراسة لحين التوصل لصلح نهائي بين القبيلتين.

وأضاف محمدين أن «الحزن لا يزال يخيم على الجميع في القبيلتين، وترك الطلاب في مواجهة بعض أمر خطير، خاصة أنه لا توجد حماية على المدارس»، لافتا إلى أنه «ليس هناك مبرر لاستئناف الدراسة في المدارس.. ولا يصح أن نضع البنزين بجوار النار». وكان محافظ أسوان قد أحال مدير المدرسة الصناعية التي انطلقت منها الأحداث، الأربعاء قبل الماضي، ومدير التعليم الفني للتحقيق.

وأشار محافظ أسوان في مؤتمر صحافي، الليلة قبل الماضية، إلى أن «لجان الصلح نجحت في تهدئة الموقف بين القبيلتين ودفن جثامين ضحايا الأحداث»، لافتا إلى أن «الدولة بجميع أجهزتها الحكومية والأمنية والدينية سوف تقف بجانبهم لعبور هذه المحنة، وخروج أفراد القبيلتين للعمل من جديد».

وفي إطار التهدئة، قال مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر، إن «شيخ الأزهر سوف يزور محافظة أسوان خلال ساعات، في إطار حرص الأزهر على حفظ الاستقرار والأمن في البلاد»، لافتا إلى أن الدكتور الطيب سيرافقه وفد من كبار العلماء وسيعقد لقاءات ودية مع ممثلي القبائل في أسوان، في إطار حرصه على حفظ الأرواح ووقف نزيف الدماء وإعادة الأمن والاستقرار بين أبناء شعب أسوان، وحرصا من الطيب على وقف أي خلاف، وتسويته بين قبيلتي «النوبيين» «والهلايل»، لإعادة الاستقرار والهدوء إلى أسوان.

وكشف مصدر مطلع في محافظة أسوان أن «لقاءات الدكتور أحمد الطيب ستكون في أحد فنادق المحافظة، التي تقع على نيل أسوان، وأنه جرى اختيار الأشخاص الذي سيحضرون اللقاءات من كل قبيلة»، بينما أكدت قيادات حزبية في أسوان أنه «لم يجرِ حتى الآن تحديد شروط الصلح بين القبيلتين؛ سواء بقبول الدية (مبلغ من المال يدفع كفدية للثأر)، أو وضع شروط أخرى».

من جهته، قال مفتي الديار المصرية، أمس، إنه «سيزور أسوان اليوم»، وقال في تصريحات صحافية أمس: «نأمل أن تؤتي الزيارة ثمارها في درء الفتنة التي تتعرض لها مصر من الداخل والخارج».

ودعا علماء الأزهر من منابر مساجد محافظة أسوان إلى نشر روح التصالح والتسامح بين المسلمين. وشدد خطباء المساجد، برئاسة الدكتور محمد زكي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، على نبذ العنف وعدم الانسياق وراء الدعوات الهدامة التي تهدف إلى زعزعة وحدة واستقرار الوطن.