مصارف لبنان تنفذ إضرابا رفضا لزيادة الضرائب

بري يذكر بـ«الأرقام الفاحشة التي يجنونها»

TT

نفذت المصارف اللبنانية، أمس، إضرابا شاملا في كل المناطق احتجاجا على ما تضمنته اقتراحات اللجان النيابية حول زيادة الضريبة على فوائد الودائع من خمسة إلى سبعة في المائة، ورفع الفوائد على التوظيفات المصرفية لتمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، (رفع الرواتب)، في حين أشارت الأجواء إلى أن الأمور تتّجه نحو الإيجابية لجهة إقرار الزيادة على الأجور في بداية الأسبوع المقبل، بعد توصّل البحث في اجتماعات اللجان أمس إلى مرحلة متقدّمة.

واتخذت جمعية المصارف قرار الإضراب، عادة أن إقرار السلسلة وفق الاقتراح المقدم، ومن دون القيام بإصلاحات، قد يؤدي إلى خراب البلد وضرب القطاع المصرفي اللبناني الذي يشكل صمام الأمان للقطاعات الباقية وللاقتصاد اللبناني ككل، في حين وصف رئيس الجمعية فرنسوا باسيل الخطوة التي يقوم بها مجلس النواب لجهة فرض ضرائب جديدة على القطاع المصرفي بـ«العشوائية والشعبوية».

وكادت تتحوّل أمس المواجهة بين النواب وجمعية المصارف، وتحديدا رئيسها، إلى كواجهة «قضائية»، بعدما عمد النائب في كتلة التنمية والتحرير هاني قبيسي إلى رفع دعوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد باسيل بجرم قدح وذم النواب واتهامهم بالسرقة، قبل أن يعود ويتخذ قرارا بتجميدها. وأتى ذلك بعدما رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري لقاء وفد جمعية المصارف قبل الاعتذار العلني عن التصريحات المسيئة التي صدرت بحق النواب والسياسيين، وهو ما أقدم عليه باسيل في مؤتمر صحافي قائلا: «نحن لم نتهم النواب بالسرقة، بل طالبنا بإصلاحات إدارية. وما عنيته هم السياسيون الذي أوصلوا البلد إلى ما هو عليه اليوم. والسلسلة ليست بنت البارحة، إنما عمرها عشرات السنوات. وكان يجب بحثها منذ زمن»، علما بأنّ بري ذكّر بـ«بعض الأرقام الفاحشة التي تجنيها المصارف من المودع اللبناني»، وأنّ التملص منذ «باريس3» عن دفع أي ضريبة لن يمر، وأن «إضرابهم كمن يطلق النار على رجليه».

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي شارك في اجتماعات اللجان، قد عبر عن مخاوفه من تأثيرات سلبية قد تؤدي إلى تخفيض وضع لبنان الائتماني، إذا اعتمدت هذه الاقتراحات. وقال سلامة الأسبوع الماضي، إن الخزينة اللبنانية قادرة على تحمل 24 في المائة سنويا من كلفة «سلسلة الرتب والرواتب» من دون تعريض العملة لاهتزازات، على أن يجري تعزيز موارد الدولة ووقف الهدر والمباشرة بالإصلاح المالي.

يذكر أنّ لبنان، كان قد قدّم في مؤتمر «باريس3» لدعم لبنان في عام 2007، مشروع زيادة الضريبة على الفوائد من خمسة إلى سبعة في المائة على أنه أحد الإصلاحات الأساسية، ثم أعيد إدراجه في مشاريع موازنات عدّة، لكنه لم يطبّق.

وفي الإطار نفسه، أكد وزير المال علي حسن خليل، أنّ «المجلس النيابي يمارس حقه الطبيعي في التشريع ولا أحد يستطيع أن يقيده ولا أن يضغط عليه».

ورأى خلال اجتماع وفد من جمعية المصارف، أنّ «كل الضجة المثارة حول الأعباء المفروضة على المصارف لتمويل سلسلة الرتب والرواتب لا تشكل فعلا قيمة كبيرة تؤثر على أوضاعهم والنتائج الماليّة العامة لهم»، مضيفا: «نحن نتحدث عن مبلغ هو جزء مقبول جدا من حجم الأرباح الكبيرة التي تحققها المصارف».

من جهته، قال رئيس لجنة المال النائب في تكتل التغيير والإصلاح إبراهيم كنعان، أنّ «اللجان النيابية المشتركة باتت على مرمى حجر من إنهاء عملها في موضوع سلسلة الرتب والرواتب»، معلنا أنّ هناك توجها لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري لإقرار السلسلة مطلع الأسبوع المقبل بإجماع الكتل النيابية، ورأى أنّ «المطلوب التشارك وإيجاد حد أدنى من التوازن بين الإيرادات والنفقات من دون إرهاق الخزينة أو القطاعين العام والخاص».

وفي حديث إذاعي، أشار كنعان إلى أن «الإهمال الذي جرى عبر عشرين سنة، لا سيما في موضوع إعادة النظر بمؤشرات التضخم والتناغم مع الروابط والإنفاق، أوصل إلى ما نحن عليه اليوم وإلى الأرقام السلبية التي وصلنا إليها»، لافتا إلى أن «المقترحات المالية ليست من مجلس النواب وحده، بل بالتعاون مع وزارة المال».

ورأى كنعان ضرورة في اتخاذ تدابير عدة تكون بمثابة الحد الأدنى في ظل العجز والمديونية، وهي ضبط الإنفاق وإعادة النظر بطريقة وضع الموازنة والحسابات المالية»، مشيرا إلى أنه «يجب أن يكون هناك تعاون بين الحكومة ومجلس النواب، وتعاون مع القطاع الخاص والقطاع العام»، مشددا على أن «هناك حدا أدنى من العدالة يجب أن يتحقق، ويجب النظر إلى القطاع الخاص لأنه قطاع منتج ولا يجوز ضربه».

في المقابل، عد رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل في مؤتمره الصحافي، أنّ «الإجراءات الضريبية المقترحة من قبل اللجان النيابية والتي تتناول القطاع المصرفي سيكون لها تأثير سلبي على مداخيل اللبنانيين. هذه الضرائب تفرض في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة ما يرتب على المواطنين عبئا إضافيا، الأمر الذي من شأنه أن يلغي المفاعيل الاقتصادية الاجتماعية المرجوة من سلسلة الرتب والرواتب». وقال إن «إقرار السلسلة قضية محقة، يتعين على أصحاب القرار السياسي والاقتصادي والمالي مواجهتها بروية وتبصر وعبر التشاور مع الهيئات الاقتصادية كافة بلا استثناء لا سيما جمعية مصارف لبنان لبلورة سلة من الاقتراحات».

وكانت هيئة التنسيق النقابية التي تقود حملة المطالبة بالزيادة على الرواتب، ولطالما وصف رئيسها حنا غريب، جمعية المصارف والهيئات الاقتصادية بـ«حيتان المال»، قد حذّرت من «تجزئة سلسلة الرتب والرواتب، وتخفيضها وتقسيطها». وأكدت أنها «تتمسك بموقفها الداعي إلى عدم فرض ضرائب على الفقراء وفرض ضرائب إضافية على الريوع العقارية وأرباح المصارف، واعتماد الضريبة التصاعدية على المصارف والشركات الكبيرة لتصل إلى ما لا يقل عن 25 في المائة، أسوة بمعظم دول العالم».