عراقيون لاجئون في إقليم كردستان يخشون الاضطرار للعودة إلى الأنبار

بسبب ارتفاع كلفة الحياة وشحة مواردهم المالية

TT

فر أبو محمد مع عائلته من محافظة الأنبار غرب العراق ما إن اندلعت المواجهات الأخيرة فيها بداية العام، واختار أن يتوجه نحو مصيف في إقليم كردستان لينتظر هناك نهاية نزاع تتصاعد حدته أسبوعا بعد أسبوع.

قرر أبو محمد الإقامة في مصيف شقلاوة في الإقليم الكردي الشمالي حين كانت أسعار الغرف الفندقية والشقق لا تزال منخفضة، إذ إن الموسم السياحي لم يكن قد بدأ بعد، لكن هذه الأسعار بدأت ترتفع أخيرا مع اقتراب فصل الصيف وحلول الربيع.

وبينما يتواصل النزاع في محافظة الأنبار بين القوات الحكومية وجماعات مسلحة تسيطر بشكل خاص على مدينة الفلوجة التي لا تبعد سوى 60 كلم غرب بغداد، ينفد المال من جيب أبو محمد وحاله كحال لاجئين آخرين باتوا يخشون أن يضطروا للعودة إلى مكان النزاع. ورغم ذلك، لا تقارن المشاكل التي تعاني منها تلك العائلات المتوسطة الدخل الآتية من الأنبار، بالمعاناة التي تختبرها غالبية العائلات التي لجأت إلى إقليم كردستان ومعظمها عائلات فقيرة، وقد بلغ عددها نحو 10 آلاف عائلة بحسب أرقام وزارة الهجرة والمهجرين.

وتقيم حاليا نحو 2500 عائلة لاجئة في مصيف شقلاوة وحده والذي يبعد نحو 350 كلم شمال مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد). ويقول أبو محمد لوكالة الصحافة الفرنسية «لا أدري ماذا سيحدث». ويضيف أبو محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه، خوفا من أن يتعرض للمضايقة لدى عودته إلى الأنبار: «أفكر في هذه المسألة كل ليلة».

ومنذ بداية العام الحالي، يسيطر مقاتلون مناهضون للحكومة ينتمي معظمهم إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، إحدى أقوى المجموعات الإسلامية المتطرفة المسلحة في العراق وسوريا، على الفلوجة وعلى أجزاء من الرمادي المجاورة.

وتتريث القوات العراقية في مهاجمة الفلوجة وتفرض عليها حصارا تتخلله ضربات جوية وقصف لمواقع المسلحين، إلا أنها تخوض معارك في بعض مناطق الرمادي بهدف استعادة السيطرة الكاملة على هذه المدينة أولا.

وجاءت سيطرة المسلحين على الفلوجة في وقت كانت تشن فيه قوات الجيش العراقي ضربات جوية ضد قواعد لتنظيمات مسلحة في صحراء الأنبار التي تسكنها غالبية من السنّة وتشترك مع سوريا بحدود تمتد لنحو 300 كلم. ودفعت هذه المواجهات نحو 400 ألف شخص للجوء إلى مناطق أخرى في البلاد، بحسب أرقام الأمم المتحدة.

ويقول أبو محمد «أملك المال لأعيش، غير أن كثيرين لا يملكونه». ويستدرك قائلا: «لكن حتى بالنسبة إلى العائلات المتوسطة الدخل فإن المال لن يدوم إلى الأبد، وكل شيء مكلف هنا».

ويدفع أبو محمد 750 دولارا شهريا لقاء إيجار شقة صغيرة، علما أنه من المتوقع أن تتضاعف أسعار الشقق المعروضة للإيجار مع اقتراب فصل الصيف وبدء الموسم السياحي في المصيف.

من جهته، يقول أبو عبد الله، وهو مزارع يسكن قرب الرمادي: «حملت معي مالا يكفينا لشهرين، وأخرجت أطفالي من المدرسة بسبب القصف ونقص الكهرباء والماء». ويتابع: «لقد خسر أطفالي سنة مدرسية كاملة. وهذه خسارتي الأكبر». ورفض كافة أصحاب الفنادق والشقق المعروضة للإيجار الذين حاولت وكالة الصحافة الفرنسية التحدث إليهم، الخوض في هذه المسألة.