المطاعم ليست مكانا لتناول الوجبات فقط.. إنها مشهد مسرحي يلعب الزبون فيه بدور البطولة

المطبخ الإيراني في لندن يتميز بالخدمة والمذاق واستقطاب المشاهير

مطعم حافظ من الداخل وتبدو فيه لوحات لخطاطين ايرانيين على الحائط
TT

يعد تناول الأطعمة والمشروبات من اللذات العامة المعدودة الخالية من التداعيات السلبية نسبيا، حيث إن الإفراط فيها حتى ليس ذنبا، ولا يعد جريمة. دعوة أي شخص إلى تناول وجبة طعام، شابا كان أم عجوزا، امرأة كانت أم رجلا، ومن أي مذهب وثقافة، تثير الفرحة ويشكل الذهاب إلى المطاعم لمعظم الناس نوعا من التسلية.

كما يعد كشف المطاعم التي تقدم أنواعا مختلفة من الأطعمة من الأحداث المثيرة في حياة الذين يملكون روح المغامرة. عندما تترافق التجربة مع فن الطبخ فستكون النتيجة هي أطعمة مغرية.

تحتاج المطابخ في الوقت الحاضر إلى فن الطبخ والخبرة إلى جانب الإلمام بالمواد الغذائية وتقنيات الطبخ على المستوى الدولي، حيث نشهد يوما بعد يوم، التحاق الطباخين البارزين إلى مجموعة المشاهير ويتم تخصيص شهادات للمطاعم لتصنيفها حسب نوعيتها.

المطاعم في عصرنا هذا ليست مكانا لتناول الطعام، ولقاء الأصدقاء، وإقامة مواعيد عمل، وإزالة التعب فحسب، بل تعد تجربة يمنحها المطعم للزبائن، بديكوره وأجوائه، وأطعمته، وخدماته، وكذلك بالموسيقى والأضواء، إذ تخلق شعورا بالمشاركة في مشهد مسرحي لامع، يقوم الزبون بدور البطولة فيه.

وإذا رغبتم في تجربة لطيفة في تناول الغداء أو العشاء وتقيمون في لندن أو أنكم ضيوف عليها، فعليكم أن تزوروا أحد أفضل المطاعم الإيرانية لتحلوا ضيوفا على مضيفين مؤنسين يحيون لكم أرض فارس الساحرة بروائح البهارات واليخنة والكباب الإيراني.

في المطبخ الإيراني تشمل التركيبات الغذائية الأساسية على الحبوب والغلات والخضراوات والبروتينات النباتية والحيوانية التي تستخدم في الأطعمة، ويتم في معظم الأحيان تعطير لحم الخروف، والبقر أو السمك، والدجاج بنكهة التوابل كالزعفران، والقرفة، ومسحوق الكركم، ومسحوق الليمون، وخضراوات كالبقدونس، والكزبرة، ويتم تقديمها مع الرز أو الخبز أو الاثنين معا. ويضم المطبخ الإيراني طيفا واسعا من أنواع اليخنة، والكباب، وذلك بسبب وجود مناخ من أربعة فصول وتنوع الأقاليم وكثرة القوميات والثقافات المختلفة.

في مطعم حافظ، من الصعب تحديد أيهما أكثر إثارة للسرور: رائحة ونكهة الزعفران الذي ينثر بسخاء على الرز والكباب، أو الأصوات المفرحة لموسيقى المقامات والتراث التي تملأ أجواء المطعم. إذ يقع هذا المطعم الذي يعد من أقدم المطاعم الإيرانية في لندن في وسط حارة نوتينغ هيل، ولأكثر من 30 عاما يستقطب هذا المكان الدافئ، الكتاب والممثلين والمشاهير بسبب نوعية أطعمته وأجوائه الهادئة واللطيفة والسلوك المؤدب والترحيب الحار للمضيفين.

ويعد الممثل الأسترالي كريس همزورث، والعارضة والممثلة الأميركية تارا ريد، والممثل الأميركي موري أبراهام، والمغنية والممثلة الأميركية ماري إليزابيث ماستر أنطونيو من الرواد الدائمين لهذا المطعم. ويتعهد هذا المطعم - الذي يدار من قبل عائلة - بتحضير الطعام لمناسبات في أماكن هامة ك «غاليري ساعتشي» وفندق «اورينتال ماندارين لندن»، ومتحف فيكتوريا، ومتحف ألبرت. وقد قام هذا المطعم الذي يديره فرشيد ضيافت، قبل 15 عاما بتحضير الطعام لمناسبة لعبة البولو الخاصة بالأمير تشارلز، ويُنقل عنه أن الأمير تشارلز قال عند تقديم الأطعمة على هامش اللعبة: «إن نكهة طعامكم (مطعم حافظ) هي التي أدت إلى هزيمتي!».

وتزين المطعم، لوحات لخطاطين إيرانيين موضوعة على الجدران من جهة ومن جهة أخرى أدوات طبخ قديمة تم اختيارها ووضعها بدقة. وقام بتصميم داخل المطعم بشكل عصري، المصمم الإيراني المقيم في لندن، علي سياووشي الذي يستخدم في أعماله، الأشياء العادية ولكن بأشكال مبدعة تسر العيون.

وفي غرب لندن وفي أحد الشوارع الضيقة الواقعة على النهر في منطقة تعرف بفينيسيا الصغيرة، يوجد مطعم صغير وأنيق تفاجئ أطعمته وظاهره البسيط الزبائن. يعد مطعم «كته» انعكاسا عصريا لتاريخ إيران لكنه لم يعلق هذا القدم على جدرانه فحسب بل يظهر ذلك في جوهره الخاص بأصالته ومن خلال أطعمته المتهورة وأجوائه المختلفة.

لا ينحصر الطراز العصري للمطعم على أجوائه ورواده – وأغلبهم من غير الإيرانيين – بل يظهر أيضا في الزينة، وتنظيم الأطعمة، وأنواعها. يتم تحضير وتزيين الأطباق من المقبلات كسلطة التين، واللبنة، وكبد الخروف إلى الوجبة الرئيسة كالكباب الحامض، والحلوى كالكعكة الخاصة بمدينة رودبار الإيرانية وفقا للشكل والجمال الذي نتوقعه من المطاعم الأوروبية ذات الخمسة نجوم.

يتم في هذا المطعم الذي تشكل الوجبات الخاصة بالمناطق الشمالية في إيران معظم أطعمته، دمج العصرية مع الأطعمة التقليدية لينتج عنها مزيجا شهيا من الأطعمة المثيرة تحتوي على مواد كالرمان والجوز ومعجون الرمان إلى جانب مواد غذائية غير إيرانية كالخضار البري وجبن الماعز.

وفي العام 2012 انضم مطعم «كته» إلى قائمة ميشلين لأفضل الفنادق والمطاعم الأوروبية، كما ذُكر اسمه في قائمة أفضل طبق طعام في لندن في مجلة تايم اوت. عادة وبسبب رواد المطعم الدائمين لا يوجد مكان شاغر فيه، وربما لهذا السبب لا يسعى هذا المطعم للشهرة ويرجح أن تبقى هويته غامضة وأسماء زبائنه غير معروفة.

أما مطعم تنديس فهو شهير بأجوائه الرومانسية. وتمنح الإضاءة المتقنة، وثريات الكريستال، وتلألؤ أضواء الشموع التي تحترق في الشمعدان وانعكاسها في الكؤوس، وأنغام الموسيقى التراثية الإيرانية المنعكسة في الفضاء، تمنح أجواء كلاسيكية ورومانسية للمطعم.

وفي الربيع والصيف يمكن التعرف على مطعم تنديس من الشرفة المليئة بالأزهار وقربه من «بلسايز بارك» في شمال لندن، وفي الشتاء من الأضواء الخافتة من وراء زجاج المطعم. تنظيم الطاولات يتم بشكل عصري، وأنيق، ويوجد دهليزان في نهاية المطعم يشكلان أجواء خاصة ويحولان المطعم إلى مكان مثالي للمواعيد الهامة، وللضيوف المميزين، ولا سيما للقاء العشاق.

رغم أن معظم رواد هذا المطعم هم من غير الإيرانيين لكن قائمة الوجبات تشمل الأطعمة الإيرانية الأصيلة ومنها الأرز والفاصوليا (لوبيا بلو)، ويخنة اللحم بالبرقوق (خورشت آلو)، والتي قلما تقدم في المطاعم الأخرى.

ويعد تنديس من المطاعم ذات النجمتين في قائمة ميشلين لأفضل المطاعم، وقد انعكس اسم المطعم بشكل جيد في الصحافة خاصة للمطاعم «اسكوير مايل» وتوب تيبل وحاز على مرتبة آل 5 نجوم في مجال النظافة.

أما مطعم شهرزاد فيشتهر بالهريس باللحم، كراعين الخروف، وبوفيه غير محدودة للأشخاص الشرهين في الأكل.

في منطقة نائية نسبيا في شمال لندن. توجد قاعة كبيرة لتناول الطعام تجذب الكثير من الزبائن بأطباقها اللذيذة والرخيصة وكذلك البوفيه المتنوعة.

عندما يتم تشغيل الفرن ويملأ عطر الخبز الحار والكباب المثير الأجواء، تطمئنون بأنكم اخترتم مكانا جيدا لتناول الطعام. فإذا لم تسمعوا شيئا عن كراعين الخروف أو الباجة، المطعم يقدم طبق الهريس باللحم وكراعين الخروف أو الباجه في نهاية الأسبوع حيث يعج المكان بالرواد.

لا يوجد منافس لبوفيه هذا المطعم الذي يقدم وبشكل دائم وغير محدود الأطعمة الطازجة واللذيذة. وفي قسم الأطباق الرئيسة التي يقدمها البوفيه يمكن تناول الفروج، وأنواع الأرز بنكهات مختلفة مثل «شيرين بولو»، و«شويد بولو» مع رقبة الخروف، ويخنة الكرفس، ويخنة البامية، ويخنة لحم الخروف مع الحمص «قيمه»، و«لوبيا بولو»، والرز.

ويتسع هذا المطعم الكبير لـ180 شخصا ويُعد مكانا مثاليا لإقامة الضيافات والاجتماعات العائلية. وتقوم إدارة المطعم بتهيئة الأجواء للعوائل بإفراغ الحانة من المشروبات الكحولية وعدم تقديم الشيشة. كما تقوم بإعداد قوائم خاصة للأطفال وفقا لاقتصاديات العوائل للتقليل من النفقات الإضافية.

أما مطعم أوركيده فهو مكان دافئ بعيد عن الضوضاء، مفرح ومثير مع الموسيقى الحية. يمكنكم التوجه إلى حي فينتشلي في شمال لندن لتمضية أوقات مفرحة وللتمتع بموسيقى البوب الإيرانية التي تنعشكم بمقدار ما تنعشكم 3 وجبات طعام لذيذة.

وفي نهاية الأسبوع يقدم مهران آتيش، الحائز على جائزة أكاديمية غوغوش الموسيقية في العام 2011 عروضا غنائية على أنغام نيما عازف الغيتار حيث تستمر العروض الإيرانية الفرحة ليرقص الضيوف حتى منتصف الليل. وتستمر السهرة المترافقة مع الوجبات السخية للكباب، والمقبلات، وأصوات الضحك، والمزاح حتى منتصف الليل وتنتهي مع العزف المنفرد على الغيتار على طراز الفلامينكو والعربي وأنغام قديمة مثيرة للذاكرة كألحان مجموعة جيبسي كينجز.

تصطف أزهار الأوركيد على طاولات الطعام، وتزن المطعم الثريات، وأورق الجدران العصرية، وكذلك سجادة «كاشمر» الحمراء سعتها 12 مترا تغطي أرضيته. ويمضي معظم الضيوف وهم من الشباب ليلتهم في تدخين الشيشة. ويُعد مطعم أوركيده المكان المفضل للكثير من الفنانين الإيرانيين مثل ايرج جنتي عطائي والمغني المعروف بويا والممثل الهزلي مكس أميني. تنتشر مطاعم إيرانية جيدة كثيرة في لندن، ويرسم هذا التقرير قائمة متنوعة للتجربة التي يمكن أن تقدمها هذه المطاعم لضيوفها.

* اعداد «الشرق الأوسط» بالفارسية شرق بارسي