قدرة ذبابة الفاكهة على المناورة تفوق المقاتلات المتطورة

الحشرة تستطيع تغيير مسارها خلال جزء من مائة من الثانية

TT

ما هو القاسم المشترك الذي تتشابه فيه ذبابة الفاكهة الصغيرة مع أكثر مقاتلات العالم تطورا مثل المقاتلة «إف-22 رابتور» التابعة للقوات الجوية الأميركية؟ إنه أكثر مما يمكنك أن تتخيله.. فقد استعان العلماء بكاميرات فيديو لرصد المناورات الجوية التي تقوم بها هذه الذبابة ليجدوا أنها تلجأ لحركات خاطفة مثيرة مراوغة في الهواء تفاديا لأي كائنات مفترسة تتربص بها مثلما تفعل تماما المقاتلات للتخفي عن العدو.

وتسجل الدراسة التي نشرت الخميس في دورية «ساينس» مدى رشاقة ذبابة الفاكهة في الجو أثناء قدرتها على تغيير مسارها بسرعة مذهلة خلال زمن يقل عن جزء من مائة جزء من الثانية الواحدة.

ويجب ألا يندهش أحد ممن يستخدمون المذبة لإبعاد هذه الحشرة من قدرتها الخارقة على الإتيان بحركات بهلوانية في الجو والهروب بيسر ومهارة من المواقف الخطيرة.

واستخدم الباحثون في جامعة واشنطن ثلاث كاميرات متطورة تعمل في آن واحد وتسجل كل منها 7500 لقطة في الثانية الواحدة لفك لغز القدرة الفائقة للحشرة الصغيرة على المراوغة والمناورة.

وسجل الباحثون حركات الجناح والجسم في الجو لذبابة الفاكهة من نوع «دروسوفيلا هايداي» - وهي في حجم حبة السمسم - داخل غرفة أسطوانية مخصصة لطيرانها بعد أن عرضت على الحشرة صورة تمثل كائنا مفترسا يدنو منها.

وأبدت الحشرة ردود فعل مثيرة خلال محاولتها الهرب من العدو، إذ ما لبثت أن دارت بجسمها على الفور مثلها مثل المقاتلة العسكرية وعادت أدراجها وهي تفر من عدوها. وأثناء دوران الحشرة أظهرت قدرتها على الدوران الجانبي بواقع 90 درجة ولجأت أحيانا إلى أن تقلب جسمها رأسا على عقب.

وقال مايكل ديكنسون أستاذ الأحياء بجامعة واشنطن الذي أشرف على الدراسة إنها «تقوم بالدوران إلى الجانبين مثلما يفعل أي طيار مقاتل مع قلب الجسم ثم سرعان ما تستجمع قواها هربا من الخطر الداهم». وأضاف: «حدث هذا في غمضة عين وتستتبعه تغيرات متقنة للغاية في حركة الجناحين. وقد استبدت بنا الدهشة من قدرتها على توظيف حركة أجنحتها الصغيرة لتنفيذ هذه المناورات البالغة الدقة».

وقالت فلوريان مويريس المشاركة في البحث في بيان إن ذبابة الفاكهة ترفرف بجناحيها نحو 200 مرة في الثانية الواحدة وفي كل ضربة من أي جناح يمكنها إعادة توجيه جسمها وهي تناور وتتجنب الخطر بينما تتسارع حركتها.

واستلزم الأمر كما كبيرا من الاستضاءة لتشغيل الكاميرات بسرعاتها العالية، لكن نظرا لأن الذبابة قد تصاب بالعمى لو استخدم هذا الكم من الضوء استعان الباحثون بالأشعة تحت الحمراء التي لا تراها الذبابة.

وقال ديكنسون «كنت مفتونا دوما بالذباب. يتصور الجميع أن له مجرد جهاز عصبي بسيط لكنني أتخيل العكس تماما. لدى الذباب جهاز عصبي دقيق حقا ويعمل بدرجة تقترب من الكمال على نحو لا يمكن تصديقه. إنه يفعل الكثير بهذا المخ الذي يصل حجمه إلى حجم ذرة الملح».