باريس: مؤتمر النفط الخامس عشر ينظر في تحديات القطاع

وزير الطاقة الإماراتي لـ «الشرق الأوسط» : نعمل لإنتاج 3.5 مليون برميل بحلول عام 2017

وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي (يمين) والأمين العام لمنظمة أوبك عبد الله البدري في مؤتمر النفط في باريس ( أ. ف. ب)
TT

«تحديات النفط والطاقة الجديدة» عنوان المؤتمر الذي نظمه معهد النفط الفرنسي ومؤسسة «بتروستراتيجي» للاستشارات والنشر، والذي استضافته العاصمة الفرنسية الجمعة الماضية، وحضره مجموعة من وزراء ومسؤولي القطاع والشركات الناشطة فيه، كوزير الطاقة الإماراتي سهيل محمد المزروعي، ونظيره النيجيري ديزاني أليسون مادوكي، وأمين عام منظمة «الأوبك» عبد الله سالم البدري، ورئيس ومدير عام «أرامكو السعودية» خالد الفالح، ورئيس شركة «توتال» الفرنسية كريستوف دو مارجوري، بجانب ممثلين عن الوكالة الدولية للطاقة وشركتي «تكنيب» و«شلومبرجيه» والمعهد الروسي لأبحاث الطاقة و«سويز - غاز فرنسا» والمشتغلين في حقل الطاقة النفطية.

المداخلات والمناقشات التي عرفها المؤتمر أجمعت على القول إن الصناعة النفطية اليوم بخير. ولخص خالد الفالح الواقع بقوله «الصناعة النفطية بصحة جيدة رغم التحديات، ونحن في بداية مرحلة طويلة من التطور». وأضاف الفالح «هناك الكثير من البترول لتلبية الاحتياجات، سواء أكان ذلك من المصادر التقليدية أو غير التقليدية، إذ يتعين تنويع المصادر وضمان الاستجابة للسوق بما يفيد المنتج والمستهلك».

وأشار عبد الله سالم البدري إلى تقرير أميركي جدي يفيد بأن كميات النفط التي يمكن إنتاجها من كل المصادر تقدر اليوم بـ347 مليار برميل. وزيادة الاحتياطيات النفطية تعود لتوافر التكنولوجيات المتطورة التي تسمح باستخراج كميات إضافية من الآبار وبفضل التنقيب في البحار العميق، وأيضا بسبب مصادر النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا وبعض البلدان الأوروبية.

وبعكس السنوات السابقة، فإن مشكلة السوق النفطية اليوم تتمثل في بداية تراجع الأسعار بسبب وفرة العرض قياسا للطلب، الأمر الذي ينعكس في انخفاض الأسعار، وهو ما يقلق المنتج والشركات ويسعد المستهلك. ويفهم من هذا الكلام أن التحدي الأول اليوم هو المحافظة على الأسعار على حالها وتلافي إصابتها بانخفاضات حادة. وقال الخبير النفطي بيار ترزيان، مدير تحرير النشرة النفطية «بتروستراتيجي»، لـ«الشرق الأوسط»، إن وفرة العرض تسببت في تراجع الأسعار بمعدل 3 إلى 5 دولارات رغم الصعوبات التي يواجهها القطاع النفطي في ليبيا وسوريا والسودان وإيران واليمن وحتى في نيجيريا. أما إذا رفعت العقوبات عن إيران وعادت الأمور إلى طبيعتها في البلدان المذكورة، فإن السوق النفطية ستنخفض حتما حتى نهاية العام الحالي وللعام المقبل. ويعزو ترزيان هذا التطور جزئيا إلى التحولات في السوق الأميركية وإلى تراجع الكميات النفطية التي تشتريها واشنطن من السوق العالمية.

بيد أن هذا التوجه يقلق المنتجين والشركات النفطية. لذا، فإن البدري يدعو إلى المحافظة على أسعار ثابتة «لا تضر بالنمو الاقتصادي وتوفر في الوقت عينه الأموال اللازمة للاستثمار في القطاع النفطي» من أجل ضمان المستقبل وزيادة الاحتياطيات النفطية.

وقال وزير الطاقة الإماراتي لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده رصدت 70 مليار دولار لتطوير حقولها النفطية ولزيادة قدراتها الإنتاجية من 3 إلى 3.5 برميل في اليوم بحلول عام 2017.

وما يصح على الإمارات يصح على غيرها من الدول المنتجة التي تحتاج لتطوير البدائل عن الآبار التي تتوقف عن الإنتاج وتطوير حقول جديدة. والحال أن المشكلة، كما أشار إليها كريستوف دو مارجوري، رئيس شركة «توتال» النفطية الفرنسية، أن الشركات «لا تستطيع الاستثمار إذا تراجعت الأسعار كثيرا» لأن العمل على تطوير تكنولوجيات جديدة «مرتفع الكلفة» وإذا لم تحقق الشركات أرباحا فإنها «ستتخلى عن الاستثمار».

فضلا عن ذلك، فإن المصادر غير التقليدية للنفط «الصخري وأعماق البحار..» مرتفعة الكلفة أصلا مقارنة باستغلال النفط في الآبار التقليدية. ولذا فإن تراجع الأسعار سيدفع بالمشتغلين فيها إلى التخلي عنها. وبحسب الوزير المزروعي، فإن زيادة كميات النفط الصخري المنتجة حاليا تبررها الجدوى الاقتصادية أي الأسعار المرتفعة. لكن إذا لحقها تراجع كبير، فإن الاستمرار في إنتاج كميات كبيرة منها ليس مؤكدا بسبب الكلفة.

وفي أي حال ورغم الانزلاق المتواصل لأسعار النفط، فإن العوامل المؤثرة فيه ليست فقط نفطية، بل هي أيضا جيوسياسية، وفق ما أشار إليه الكثير من الخبراء، ويعتمد على التطورات الحاصلة في الشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا، فضلا عن حال النمو الاقتصادي الذي يشهد تحسنا في الولايات المتحدة وأوروبا. والوضع في ليبيا أفضل مثال على ذلك. وقال البدري إن ليبيا ستعود منتصف يونيو (حزيران) المقبل إلى إنتاج نحو مليون برميل من النفط يوميا، وإن التحدي الأول الذي تواجهه ليبيا هو أمني. وإذا ما توافر الأمن فإن إنتاج ليبيا يمكن أن يصل إلى حدود 1.2 أو 1.3 مليون برميل في اليوم.

ولا تنحصر تحديات الصناعة المذكورة في الأسعار على أهميتها. بل هناك تحدي البيئة والحاجة إلى مستخرجات نفطية بمعايير أكثر صرامة، الأمر الذي يتطلب بدوره تكنولوجيات جديدة واستثمارات إضافية. وقال رئيس شركة «أرامكو» إن الاستثمارات مطلوبة في كل النشاطات المرتبطة بالصناعة النفطية وكل حلقاتها.

وجدد المسؤولون العرب الذين شاركوا في المؤتمر التزامهم بالاستجابة لحاجات الأسواق النفطية. وقال المزروعي إن بلاده والآخرين في منظمة أوبك حريصون على التفاعل مع الاقتصاد العالمي والمحافظة على استقرار الأسواق.