بروكسل ضد تسييس ملف الطاقة وتتجه نحو آليات أكثر فاعلية

ترى أن إنتاج المتجدد منها من أهم التوجهات

TT

قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إنها ترفض تسييس ملف الطاقة، وذلك في رد فعل على التهديدات التي صدرت عن موسكو بوقف إمداد أوكرانيا بالغاز إذا لم تسدد كييف ديونها، ويأتي ذلك في وقت تساهم فيه عقود الغاز مع أوروبا بنحو 50 في المائة من ميزانية الفيدرالية الروسية بحسب تقارير إعلامية أوروبية. ويأتي ذلك بعد أن كشفت المفوضية الأوروبية، عن قواعد جديدة للدعم الذي تقدمه حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لصناعة الطاقة المتجددة بهدف إلغاء هذا الدعم تدريجيا في محاولة من جانب الحكومة لخفض أسعار الكهرباء وزيادة التنافسية بين صناعات الاتحاد الأوروبي المختلفة.

إلى هذا، قال مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل إنه تقرر عقد قمة «جي 7» في بروكسل يومي 4 و5 يونيو (حزيران) المقبل، وذلك لتنفيذ اتفاق جرى التوصل إليه بين قادة تلك الدول في اجتماع لهم انعقد في لاهاي 24 مارس (آذار) الماضي على هامش قمة الأمن النووي، وتضم جي 7 حاليا كندا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان والولايات المتحدة الأميركية.

وقد تقرر استبعاد روسيا من تلك الاجتماعات التي كانت تعرف باسم مجموعة الثمانية وكان مقررا لها أن تجتمع في يونيو المقبل في سوتشي الروسية وجاء استبعاد موسكو بسبب الأزمة في أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا.

وجاء في بيان أوروبي ببروكسل أن قادة الدول السبع الكبرى ستشارك في الاجتماعات إلى جانب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي ورئيس المفوضية.

وأكدت أوروبا رفضها لتسييس قطاع الطاقة في إشارة للضغط الذي تمارسه موسكو على أوروبا وأشارت إلى ضرورة إجراء مباحثات لحل الأزمة. وقالت المتحدثة باسم اللجنة الأوروبية سابين بيرغيه: «إمدادات الغاز القادمة من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي ما زالت مستمرة بشكل طبيعي حتى اللحظة، ونحن نتوقع من روسيا احترام الالتزامات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإمدادات الغاز، وكذلك على أوكرانيا احترام التزاماتها بشكل مماثل».

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أن موسكو ستفي بالتزاماتها على صعيد إمدادات الغاز إلى البلدان الأوروبية بعد رسالته التي حذر فيها من المخاطر التي تهدد إمداد أوروبا بالغاز في حال عدم تأمين تسديد الديون الأوكرانية التي تقدر بالمليارات.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «نرحب بالتغييرات الأخيرة في موقف الاتحاد الأوروبي وبالدعوات إلى مشاورات بين روسيا والاتحاد الأوروبي والدول الشريكة، ونحن مستعدون أيضا للتطرق إلى المسائل المرتبطة بالرسالة التي وجهها الرئيس بوتين إلى قادة الدول الأوروبية التي تتلقى الغاز الروسي عبر أوكرانيا». ويرى الخبراء أن سلاح الطاقة ذو حدين قد يكلف روسيا أسواقها. وأكد كارل بيلت وزير خارجية السويد على هذه الفرضية قائلا: «على روسيا أن تتعلم من تجربة عام 2006-2009 عندما جرى استخدام سلاح الطاقة، وهذا الأمر قد يأتي بنتائج عكسية على روسيا، أقصد على المدى البعيد. وروسيا تعتمد كثيرا في دخلها على بيع الغاز أكثر من أوروبا». وأضاف: «أعتقد أن موسكو ستواجه مشكلة إذا استمرت بإنتاج الغاز دون بيعه، إنهم سيواجهون مشكلات أكثر من أوروبا». وتسببت الأوضاع في أوكرانيا بأسوأ أزمة بين روسيا والغرب منذ نهاية الحرب الباردة، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال هانز سوبودا رئيس كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي: «نحن نعمل من أجل الحل السياسي، وفي الوقت نفسه يجب دعم أوكرانيا، وأيضا توفير الاحتياجات من الطاقة والمنتجات الصناعية، ويجب ألا نفكر في الحلول العسكرية لأنه حتى عندما كان الاتحاد السوفياتي موجودا وكانت هناك دول غير مستقلة لم نلجأ لهذا الخيار، ولذا يجب عدم اللجوء إليه الآن».

من جهة أخرى وفي ملف يتعلق بتمويل القطاع العام الأوروبي لمشاريع الطاقة المتجددة ودعم إنتاجها، أقرت المفوضية الأوروبية قواعد جديدة وضوابط خاصة ببعض مصادر إنتاج هذه الأنواع من الطاقة المتجددة. وقال المفوض الأوروبي لشؤون القدرة التنافسية يواكيم ألمونيا: «بعض وسائل إنتاج الطاقة المتجددة بلغت نموا يجعلها ذات قدرة تنافسية مع غيرها من الوسائل التقليدية المنتجة للطاقة وحان الوقت لأن تستجيب هذه المصادر الإنتاجية لمتطلبات الأسواق وشروط التنافس». وتتيح القواعد الجديدة التي وضعتها المفوضية الأوروبية انتقالا تدريجيا نحو آليات أكثر فاعلية تسمح بمساندة إنتاج الطاقة المتجددة، ذلك أن المساعدات التي وهبت لمنتجي الطاقة المتجددة أثرت على اختلاف أسعار الطاقة الكهربائية خاصة بين بلد أوروبي وآخر.

نشر هذه القواعد الجديدة من قبل المفوضية الأوروبية يتوازى مع قرار الحكومة الألمانية بتخفيض نسب الدعم المالي الحكومي الألماني لإنتاج الطاقة المتجددة. وجاء كشف المفوضية الأوروبية عن قواعد جديدة للدعم الذي تقدمه حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لصناعة الطاقة المتجددة بهدف إلغاء هذا الدعم تدريجيا في محاولة من جانب الحكومة لخفض أسعار الكهرباء وزيادة التنافسية بين صناعات الاتحاد الأوروبي المختلفة. ويعود ارتفاع أسعار الكهرباء غالبا إلى النجاح الصناعي لأوروبا في الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد الأوروبي التعافي من أزمة اقتصادية عميقة. ووفقا للقواعد الحالية تستفيد مشروعات الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي من الدعم الحكومي بهدف تشجيع هذه المشروعات مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، من أجل خفض الانبعاثات الكربونية التي تنتجها مصادر الطاقة التقليدية.

ولكن هذه المشروعات تمول من خلال رسوم يجري فرضها على مستهلكي الكهرباء، وهو ما يؤدي إلى زيادة أسعارها بالنسبة للمستهلكين والصناعات في أوروبا. ويرى كثيرون أن هذا الدعم يضر بالقدرة التنافسية للصناعات الأوروبية، حيث إن أسعار الكهرباء في الاتحاد تبلغ ثلاثة أمثال الأسعار في الولايات المتحدة.

ومن المقرر دخول القواعد الجديدة حيز التطبيق في يوليو (تموز) المقبل في إطار «تحرك تدريجي يستهدف تحديد الدعم على أساس قواعد السوق في قطاع الطاقة». وقال يواكين ألمونيا مفوض شؤون المنافسة الأوروبية: «الوقت قد حان لتنضم الطاقة المتجددة إلى السوق، وسيساهم هذا في جعل أسعار الطاقة أقل بالنسبة للمواطنين والشركات الأوروبية». واعتبارا من 2015 سيجري تطبيق نظام تجريبي يسمح لشركات إنتاج الطاقة المتجددة ببيع حصة صغيرة من إنتاجها من خلال عروض متنافسة من جانب المنتجين، وبعد 2017 سيكون على الدول الأعضاء تنظيم منافسة لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة. وكشفت بيانات حديثة أعدها مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي «يوروستات» عن أن الطاقة الناتجة عن مصادر متجددة ساهمت في نحو 14.1 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2012 مقابل 8.3 في المائة خلال عام 2004.

وأشارت البيانات إلى أن نصيب المصادر المتجددة في الاستهلاك الإجمالي للطاقة شهد ارتفاعا خلال عام 2012 في جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة مقارنة بعام 2004 الذي جرى خلاله إصدار أول إحصاءات متعلقة بهذا الشأن. وأضاف «يوروستات» أن هدف الاتحاد الأوروبي هو أن تكون نسبة 20 في المائة من إجمالي الطاقة المستخدمة بحلول عام 2020 ناتجة عن مصادر متجددة.