حبس حازم أبو إسماعيل سنة مع الشغل بتهمة إهانة القضاء

القضاء المصري يستأنف محاكمة مرسي و179 من «الإخوان» وحماس وحزب الله في قضايا تصل عقوبتها للإعدام

حازم صلاح أبو إسماعيل
TT

قضت محكمة جنايات القاهرة، أمس، بحبس الداعية السلفي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لمدة سنة مع الشغل، في قضية إهانة المحكمة التي تنظر قضية اتهامه بتزوير جنسية والدته أثناء تقدمه بأوراق ترشحه للرئاسة المصرية في عام 2012، وهي القضية الرئيسة التي يحاكم فيها. وقررت المحكمة أيضا تأجيل نظر قضية «التزوير» إلى يوم الأربعاء المقبل.

وظهر اسم أبو إسماعيل بقوة في أعقاب سقوط نظام حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ضمن سياق عام بعد ثورة 2011 أفرز العديد من تيارات الإسلام السياسي. وأسس أبو إسماعيل حزب «الراية» ليكون أحد الأحزاب والحركات الإسلامية التي ظهرت على سطح الأحداث في البلاد، وكان من بين المؤيدين لأبو إسماعيل جماعة «حازمون» وتيار «لازم حازم». وانحاز أنصار أبو إسماعيل للرئيس السابق مرسي، وشاركوا بقوة في العديد من الأحداث اللافتة خلال عامي 2012 و2013، وكان من بينها حصار مدينة الإنتاج الإعلامي ومقر المحكمة الدستورية.

وفي تطور آخر يواجه الرئيس المصري السابق محمد مرسي و179 من قيادات جماعة الإخوان المصنفة في البلاد «منظمة إرهابية» ثلاث محاكمات في ثلاث قضايا مختلفة يستأنف نظرها بداية من اليوم وحتى نهاية الأسبوع، في تهم تصل العقوبة فيها إلى الإعدام. والقضايا الثلاث هي «أحداث قصر الاتحادية الرئاسي»، وتستأنف المحكمة نظرها اليوم (الأحد)، وتضم 14 من كبار مساعدي مرسي حين كان رئيسا للبلاد. وقضية الهروب من السجون المعروفة باسم «قضية وادي النطرون»، ومن المقرر استكمال نظرها بعد غد (الثلاثاء)، وتضم 130 آخرين من «الإخوان» (منهم وزير سابق) وعناصر من حماس وحزب الله. والقضية الثالثة «قضية التخابر والإرهاب» وتنظرها المحكمة يوم الأربعاء المقبل، وتضم 35 متهما.

وفي جلستها التي انعقدت أمس برئاسة المستشار أحمد صبري يوسف، قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل نظر قضية «أحداث قصر الاتحادية الرئاسي» إلى جلسة اليوم (الأحد)، ويواجه المتهمون فيها تهما بارتكاب جرائم القتل والتحريض على قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012.

وقالت مصادر قضائية إن قرار التأجيل يهدف لاستكمال الاستماع إلى أقوال الشهود الواردة أسماؤهم في قائمة أدلة الإثبات. ومن المقرر أن تستمع المحكمة في جلسة اليوم إلى اثنين من الشهود، هما أحمد جمال الدين وزير الداخلية الأسبق، وسيف الدين زغلول مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، مع استمرار الإبقاء على سرية جلسات سماع الشهود ومناقشتهم وحظر النشر فيها. وإلى جانب مرسي، تضم لائحة المتهمين في هذه القضية عددا من مساعديه حين كان رئيسا للبلاد، من بينهم أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، وأحمد عبد العاطي مدير مكتب رئيس الجمهورية السابق، وأيمن عبد الرءوف هدهد المستشار الأمني لرئيس الجمهورية السابق، وغيرهم.

وبينما يقول محامو المتهمين وذووهم إنهم غير مذنبين، كشفت تحقيقات النيابة عن توافر الأدلة على أن المتهمين وأنصارهم هاجموا المعتصمين السلميين أمام القصر الرئاسي، حين كانوا يحتجون على تحصين مرسي لقراراته حين كان رئيسا للدولة. وقالت التحقيقات إن عددا من المتهمين وأنصارهم اقتلعوا خيام المعتصمين وأحرقوها وحملوا أسلحة نارية محملة بالذخائر وأطلقوها صوب المتظاهرين، فأصابت إحداها رأس الصحافي المصري الحسيني أبو ضيف، ما أدى لوفاته.

وأشارت التحقيقات إلى أن عددا من المتهمين استعملوا القوة والعنف مع المتظاهرين السلميين، فأصابوا الكثير منهم بالأسلحة البيضاء، وتسببوا في ترويع المواطنين، واحتجزوا 54 شخصا بجوار سور القصر الرئاسي وعذبوهم بطريقة وحشية. وأسندت النيابة للرئيس السابق تهم تحريض أنصاره ومساعديه على ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار، واستخدام العنف والبلطجة وفرض السطوة، وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء، والقبض على المتظاهرين السلميين واحتجازهم من دون وجه حق وتعذيبهم.

وفي القضية الثانية المعروفة إعلاميا بقضية «اقتحام سجن وادي النطرون»، حددت محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار نبيل صليب، يوم الثلاثاء المقبل لاستئناف جلسات القضية التي وقعت أحداثها أثناء ثورة 2011 ويحاكم فيها مرسي و131 آخرون بينهم قيادات من «الإخوان» والتنظيم الدولي للجماعة، وعناصر من حركة حماس الفلسطينية وتنظيم حزب الله اللبناني و«جماعات إرهابية أخرى».

وتضم قضية «وادي النطرون» 26 متهما محبوسين بصفة احتياطية، في حين يحاكم بقية المتهمين بصورة غيابية، لأنهم هاربون. ومن أبرز المتهمين المحبوسين احتياطيا على ذمة القضية، الرئيس السابق مرسي، ومحمد بديع مرشد «الإخوان»، ونائبه رشاد بيومي، وأعضاء مكتب إرشاد الجماعة، وقيادات أخرى، منهم سعد الكتاتني وعصام العريان ومحمد البلتاجي ومحيي حامد وصفوت حجازي.

ومن أبرز المتهمين الهاربين في القضية نفسها، الدكتور يوسف القرضاوي، الداعية الإسلامي، وصلاح عبد المقصود، وزير الإعلام السابق، ومحمود عزت، نائب مرشد «الإخوان»، إلى جانب القيادي بتنظيم القاعدة رمزي موافي، الذي كان طبيبا خاصا بزعيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن، إضافة إلى أيمن نوفل القيادي البارز بكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، والقياديين في حزب الله اللبناني، محمد يوسف منصور (وشهرته سامي شهاب)، وإيهاب السيد مرسي (وشهرته مروان).

وكان المستشار حسن سمير، قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة لتحقيق وقائع الاتهام، أسند إلى المتهمين ارتكابهم جرائم خطف أربعة رجال شرطة مصريين من سيناء واحتجازهم في قطاع غزة، وحمل أسلحة ثقيلة لمقاومة النظام المصري أيام ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وارتكاب أفعال عدائية تؤدي للمساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، وقتل والشروع في قتل ضباط وأفراد الشرطة، وإضرام النيران في مبان حكومية وشرطية وتخريبها، واقتحام السجون ونهب محتوياتها، والاستيلاء على ما في مخازنها من أسلحة وذخائر وتمكين المسجونين من الهرب، وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد. وحددت محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار نبيل صليب أمس جلسة الأربعاء المقبل لاستئناف محاكمة مرسي و35 متهما آخرين من قيادات وأعضاء «الإخوان» في قضية «التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد»، و«إفشاء أسرار الأمن القومي»، و«التنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية». وستنظر القضية أمام محكمة جنايات القاهرة، وتضم هذه القضية 20 متهما محبوسين بصفة احتياطية و16 متهما آخرين هاربين أمرت النيابة بسرعة إلقاء القبض عليهم.

ومن جانبها، عقدت المحكمة التي أصدرت الحكم على الشيخ أبو إسماعيل بالحبس لمدة سنة في معهد أمناء الشرطة في منطقة سجون طرة جنوب القاهرة، برئاسة المستشار محمد شرين فهمي. وكان جرى استبعاد أبو إسماعيل، وهو محام، من الترشح لانتخابات الرئاسة السابقة بعد بلاغات عن حصول والدته الراحلة على الجنسية الأميركية، رغم أنه كتب في إقرار تقدمه للجنة المشرفة على الانتخابات وقتها أن والدته لا تحمل أي جنسية أخرى بخلاف الجنسية المصرية، لكن اللجنة قالت إنها حصلت على أدلة تثبت عكس ذلك، وقررت استبعاده من الانتخابات، حيث ينص القانون المصري على ألا يحمل المرشح للرئاسة ووالداه أي جنسية أخرى.وقال مقربون من الرجل، الذي اعتاد الخطابة وسط مريديه كل يوم سبت في مسجد بضاحية الدقي غرب القاهرة، إن توقيعه على الإقرارات بجنسية والدته كان بـ«حسن نية»، وإنه يرفض توكيل محام للترافع عنه منذ توقيفه في يوليو (تموز) الماضي وحبسه على ذمة التحقيقات. وأضافوا أنه «لا يعترف بالمحاكمة»، وأنه قاطع المحامية التي انتدبتها له المحكمة، مما اضطرها للانسحاب والاعتذار عن عدم مواصلة الدفاع عنه.

وقالت مصادر قضائية إن أبو إسماعيل «تحدث لهيئة المحكمة بطريقة رأت أنها غير لائقة»، أثناء نظر قضية اتهامه بتزوير جنسية والدته، مما دفع القاضي لطرده من الجلسة واتهامه بإهانة القضاء، والحكم عليه بالسجن سنة مع الشغل.