جدل سياسي حاد بالجزائر حول شرعية الدعوة إلى مقاطعة الاستحقاق الرئاسي

بن حاج يهاجم وزير الشؤون الدينية: أنت من أكبر دعاة المشاركة لأنها تصب في مصلحة ولي نعمتك

عبد المالك سلال مدير حملة الرئيس بوتفليقة للرئاسة خلال لقاء جماهيري في عنابة أمس (رويترز)
TT

هاجم علي بن حاج نائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله، على خلفية جدل حاد حول «شرعية الدعوة إلى مقاطعة الاستحقاق الرئاسي» المنتظر الخميس المقبل. وبينما شن غلام الله هجوما شديدا على دعاة المقاطعة، ووصفهم بأنهم «آثمون»، رد بن حاج عليه بالقول إن «محاولة تشويه دعاة المقاطعة، من طرفكم (الوزير)، تصب في مصلحة ولي نعمتكم»، في إشارة إلى الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة.

وذكر بن حاج أمس في رسالة إلى غلام الله، سماها «تأصيل شرعي في الرد على وزير الشؤون الدينية بخصوص المشاركة في اختيار الحاكم»، أن وزير الشؤون الدينية «من أكبر دعاة المشاركة لأنها تصب في صالح ولي نعمته وأنصار الولاية الرابعة، رغم أن الرئيس مريض ومقعد وأخرس، ومغيب عن شعبه».

ويغيب بوتفليقة عن هذه الانتخابات بشكل كامل، إذ لم يظهر ولا مرة واحدة في حملة الانتخابات التي تنتهي اليوم، ويخوضها بدلا عنه ستة مسؤولين في الحكومة وفي البرلمان والرئاسة، مما دفع المعارضة إلى التنديد بـ«انحياز أجهزة الدولة لمرشح النظام». وأفاد بن حاج في رسالته التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها بقوله: «لقد استحوذت بطانة السوء على الرئيس، فهي تتكلم باسمه وتتصرف نيابة عنه، وهو في حكم الميت عند علماء السياسة الشرعية. وهذه البطانة لا تفعل ذلك حبا فيه وإنما دفاعا عن مصالحها الشخصية غير المشروعة. وبحكم أن وزير الشؤون الدينية ينتمي إلى حزب التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني قوة سياسية في البلاد)، يعرف العام والخاص في الداخل والخارج أنه وليد التزوير الممنهج، وكان الواجب الشرعي والأخلاقي ألا ينتمي وزير الشؤون الدينية لمثل هذا الحزب، الذي ولد كبيرا يمشي على رجليه.. ولا ندري هل وزير الشؤون الدينية يقدم الحجج الشرعية على الحجج السياسية أم أنه (مسلم علماني) كما يقال!».

وصرح غلام الله الأسبوع الماضي، لصحافيين سألوه عن رأيه الشرعي في دعوة أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات بحجة أنها «محسومة سلفا لبوتفليقة»، فقال إن «مقاطعي الانتخابات، ودعاة عدم المشاركة فيها، غشاشون وآثمون، وإساءة الظن بالمرشحين جريمة». ودعا بن حاج الوزير إلى تنظيم مؤتمر كبير يحضره علماء العالم الإسلامي، ودعاة المقاطعة والمشاركة ويكون موضوعه الأساسي شروط انتخاب الحاكم المسلم لشعب مسلم، ومتى يكون الانتخاب واجبا شرعيا ومتى يحرم وتجب المقاطعة. وأضاف: «فهل يقبل وزير الشؤون الدينية هذا التحدي، ليعرف بعدها الشعب الجزائري مَن هو الغشاش والآثم والمجرم؟».

ويعد بن حاج من أبرز الناشطين في مجال مقاطعة الاستحقاق المقبل، غير أنه ممنوع من تبليغ رأيه في وسائل الإعلام الحكومية بسبب قرار غير معلن بمنعه من ممارسة السياسة مدى الحياة بذريعة أنه متورط في الدماء التي سالت خلال الحرب الأهلية في عقد التسعينات من القرن الماضي. وتتهمه السلطات بـ«التحريض على الجهاد». وقضى بن حاج 12 سنة في السجن العسكري (1991-2003)، مع رئيس «الجبهة» عباسي مدني المقيم حاليا بقطر.

وأضاف بن حاج في رسالته أن «الكثير من الأحزاب السياسية قرروا مقاطعة انتخابات 17 أبريل (نيسان) 2014، وذكروا الدواعي السياسية لذلك، وهي كثيرة، منها أن الأجواء المحيطة بهذه الانتخابات تدل دلالة قاطعة على أنها محسومة لصالح الرئيس المريض. وكيف لا تكون محسومة وقائد أركان الجيش، الجنرال أحمد قايد صالح في صفه، والوزراء في صفه، والولاة (المحافظون) ورؤساء الدوائر، وأحزاب الأغلبية المزعومة في صفه، ومعظم أصحاب المال والأعمال في صفه، وأغلب أئمة المساجد إلا من رحم ربي في صفه، ورؤساء النوادي الرياضية في صفه، وأسلوب الإكراه يعمل لصالحه، ومن ذلك تهديد والي العاصمة بحرمان سكان البيوت القصديرية من حقهم في السكن (إذا لم ينتخبوا)، وأسلوب الإغراء يعمل لصالحه، ومن ذلك إصدار قانون يجعل من الخدمة العسكرية سنة واحدة، فضلا عن إهدار المال العام في الحملة الانتخابية والسيطرة على وسائل الإعلام الثقيلة؟!».